الكاتبة السورية أميمة إبراهيم: مازالت للحكاية الشعبية مكانتها وسحرها

دمشق - تعتبر الأديبة أميمة إبراهيم الحكاية الشعبية جزءا من ذاكرة الشعوب، وحاملا للقيم الثقافية والاجتماعية السائدة في العصر الذي قيلت فيه. واستفاضت الأديبة إبراهيم في محاضرتها، التي عقدت أخيرا بفرع حمص لاتحاد الكتاب العرب، في الإضاءة على الحكاية الشعبية وأهميتها، حيث بينت أنها عمل أدبي يتم نقله من جيل إلى جيل شفهيا، إضافة إلى أنها جزء من ثقافة الشعب، تعبر عن جوانب من تراثه المادي والعقلي والروحي.
وتعتبر الحكاية الشعبية إحدى الوسائل التي تحافظ على الإرث الثقافي وترسيخ الهوية الثقافية، وهي من أهم الأشكال التعبيرية التي تمثل خلاصة تجارب الأجيال مصوغة في قالب قصصي مشوق، زاخر بالعبر والقيم النبيلة، كما أنها من إبداع الخيال تتجلى فيها حكمة المجتمع، كما أنها مرآة عاكسة للمجتمع الذي نبتت فيه بحيث تعتبر الحكاية الشعبية أحد أجناس الأدب الشعبي المحببة للكبار والصغار، وذلك لما تتضمنه من عناصر جذب وتشويق وإثراء للخيال بالإضافة إلى ما تتضمنه من قيم إيجابية.
وتمثل الحكايات الشعبية من أكثر فنون الأدب الشعبي انتشارا، وأهم أنواعها والتي تصنف إلى الحكاية الخرافية، حكاية المعتقدات، حكايات التجارب اليومية، الحكايات التاريخية، قصص الحيوان، الحكايات الهزلية والقصص الدينية.
وأوضحت إبراهيم أن الإنسان استطاع من خلال الحكاية أن ينقل كل تصوراته ومعتقداته وعاداته وتجاربه وخبراته في الحياة، وأن يقدمها بأسلوب وبناء قصصي محكمين.

والحكاية الشعبية تعدّ جزءا من موروثنا الشعبي، وخلاصة إفرازات لتفاعلات الناس مع ظروف الحياة التي عاشها الإنسان. حيث كانت هذه الحكايات إحدى الدعائم المهمة في صقل شخصية الطفل، فقد كانت كل قصة تهدف إلى قيمة يتم غرسها في نفوس الأبناء، ليصيروا رجالا قادرين على تحمل المسؤولية ومجابهة ظروف الحياة المتغيرة، وكذلك إعداد نساء يعتمد عليهن في بناء الأسرة المستقبلية ضمن التحديات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة.
ولفتت إبراهيم إلى أنه بالرغم من أننا أصبحنا في القرن الحادي والعشرين، إلا أنه مازالت للحكاية مكانتها وسحرها وأهميتها، وإن تعددت أشكال روايتها وأساليب تلقيها، فهي رفيقة البشر منذ أساطير بلاد ما بين النهرين، وأساطير الرومان والإغريق إلى كليلة ودمنة، وسير الهلاليين والعبسيين وألف ليلة وليلة إلى حكايات هوفمان والأخوة غرين أندرسون.
وعن أهميتها في حياة الشعوب، أشارت إبراهيم، وهي رئيسة فرع حمص لاتحاد الكتاب، إلى أن الحكاية كانت حاملا لخلاصة تجارب الشعوب، بما فيها أمنياتنا وآلامها، ولخصت فيها كثيرا من إرثها الثقافي والأخلاقي، مبينة أن هذا الفن كغيره من الفنون، هو بيد من يستخدمه، ففيه ما يمجد الشجاعة والعلم والعمل ويحث على فعل الخير والتضحية وإنكار الذات، ويدعو إلى العدل والرحمة والدفاع عن النفس والوطن.
وبينت القاصة سكون شاهين أن الحكاية هي جزء مهم من العملية التربوية والتعليمية، تشعر الطفل بأهمية الكلمة، وتقوده بلطف وحنان إلى البحث الدائم؛ لاكتشاف الغموض والتعرف عليه، منوهة إلى دور منظمة طلائع البعث في تعزيز دور القصة من خلال إدراجها كمسابقة لديها.
ويذكر أن الحكاية الشعبية هي تلك التي تناقلها الناس عن طريق الرواية الشفوية منذ القدم، ويؤثر الخيال الشعبي في صياغتها، وفي تطاير بعض الأحداث التاريخية والشخصيات، بالمبالغة والغرائبية، تأثيرا كبيرا وتأتي الحكاية الخرافية في الإطار نفسه، وإن تميزت عن الحكايات الشعبية بأن أبطالها هم من البشر أو الجن، بينما تقف الحكاية الشعبية عند حدود الحياة اليومية والأمور الدنيوية العادية.
وتأخذنا الحكاية، باعتبارها أثرا أدبيا كما تقول جوليا كریستیفا، إلى حافة الوجود، حيث تدعو مشاهدها المتخيلة، القارئ أو السامع، إلى أن يصبح مسافرا مملوءا بالدهشة، بما فيها من مشاهد عجيبة تذكي الخيال وتحرك السؤال.