القيادة الجديدة لنقابة الصحافيين التونسيين أمام تحدي إثبات الذات

أنهى المكتب التنفيذي الجديد للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين توزيع الأدوار بين أعضائه التسعة، وتم الاتفاق على تولي الصحافي زياد الدبار منصب نقيب الصحافيين، في خطوة كانت متوقعة بالنظر إلى التجربة المهنية والنقابية التي راكمها.
تونس - تتركز أنظار الصحافيين في تونس هذه الأيام على المكتب التنفيذي الجديد للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، وسط تطلعات إلى مرحلة جديدة تكسر العزلة وتوفر فرص التفاوض مع السلطة السياسية حول وضعية القطاع الذي يعاني من صعوبات.
وأنهى المكتب التنفيذي الجديد الذي جرى انتخابه الأحد الماضي، في مؤتمر شهد الكثير من التجاذبات، الأربعاء عملية توزيع المهام بين أعضائه التسعة، وقد تم الاتفاق على تولي الصحافي زياد الدبار منصب نقيب الصحافيين.
وكان اختيار الدبار متوقعا بالنظرة إلى التجربة المهنية والنقابية التي راكمها، والتي تؤهله لشغل المنصب وقيادة المرحلة الحالية.
ويقول صحافيون إن القطاع يحتاج إلى شخص يتحلى بحس المسؤولية، وذي خطاب متزن، بعيدا عن الضجيج المفتعل والتصريحات الشعبوية التي لم تؤد طيلة الفترة الماضية سوى إلى المزيد من العزلة والإضرار بأبناء المهنة.
ووصف نقيب الصحافيين الجديد في وقت سابق قطاع الصحافة في تونس بـ”المنكوب”، في ظل نقص التشريعات وعدم احترام الإعلام الخاص لعقود الشغل.
وقال الدبار إن “قطاع الصحافة سيادي بالأساس، وبالتالي لا يُمكن إصلاحه في ظلّ وجود مناخ تخويف.. فالضمانات الدستورية والقانونية لم تكفِ ولن تكفي”.
وشدّد على أنّ خطّ النقابة الوطنية للصحافيين بخصوص الدفاع عن الحريات سيستمر، “بل سنحاول أن نكون قوّة اقتراح أكثر، في علاقة بالقوانين وبالبرلمان”.
وأكد في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء (وات) أن نقابة الصحافيين منفتحة على الحوار مع كل الأطراف، مضيفا أن النقابة “شريك فاعل ونوعي، ودورها محوري في بناء البلاد”.
وشهدت العلاقة بين السلطة السياسية ونقابة الصحافيين ما يشبه حالة القطيعة خلال عهد المكتب التنفيذي المنتهية ولايته، الأمر الذي أدى إلى تدهور وضع القطاع، وتعرض العديد من الصحافيين لمضايقات وانتهاكات، كما زج ببعضهم في السجن، فضلا عن أن العديد من المؤسسات الإعلامية استغلت الوضع وتم طرد العديد من الصحافيين وحرمانهم من مستحقاتهم.
ملفات شائكة مطروحة على النقابة، منها ملفات الإعلام المُصادر ومشاكل القطاع الخاص، في غياب الاحترام لعقود الشغل
ويعاب على المكتب المنتهية ولايته أنه حول النقابة إلى أداة سياسية للضغط على الرئيس قيس سعيد، في ظل مرحلة حرجة تمر بها البلاد، الأمر الذي أدى إلى إيصاد السلطة باب التفاوض، ورفض المسؤولين في الحكومة التعاطي مع الصحافيين التونسيين، إضافة إلى حرمانهم من حق النفاذ إلى المعلومة.
ويأمل الصحافيون في تونس أن يتغير الوضع الراهن وأن تعيد السلطة النظر في سياساتها، في المقابل يرنون إلى تركيز المكتب الجديد على التحديات التي يواجهها الصحافيون بعيدا عن أي أجندات سياسية أو تأثيرات أيديولوجية.
وأوضح نقيب الصحافيين الجديد في تصريحه لوكالة الأنباء التونسية أن العمل النقابي يرتكز بالأساس على الدفاع عن الحريات، فضلا عن إرساء التشريعات والممارسات الفضلى في ميدان الإعلام والنضال من أجل الدفاع عن حقوق الصحافيين الاقتصادية والاجتماعية.
وقال الدبار في هذا الشأن “لا نستطيع الدفاع عن الحريات دون كرامة ولا يمكن الدفاع عن كرامة الصحافي دون حرّيات”.
وأضاف أنّ الدفاع عن مكسب حرية التعبير وإلغاء المرسوم 54 و”التصدي” لإحالة الصحافيين إلى القضاء بناء على أحكام المجلة الجزائية من أوكد التحديات المطروحة على المكتب التنفيذي الجديد لنقابة الصحافيين.
ولاحظ أنّ ملفات كثيرة شائكة مطروحة على النقابة، منها ملفات الإعلام المصادر ومشاكل القطاع الخاص، في ظل غياب شبه كلي لاحترام عقود الشغل وتهميش الصحافيين من أبناء معهد الصحافة وعلوم الإخبار.
الصحافيون في تونس يرنون إلى تركيز المكتب الجديد على التحديات التي يواجهها الصحافيون بعيدا عن أي أجندات سياسية أو تأثيرات أيديولوجية
وقال “نفكر جدّيا في إنشاء صندوق للتضامن الاجتماعي بين الصحافيين يكون حلاّ لبعض المشاكل المادية للصحافيين”.
وذكر النقيب الجديد أن تحويل المرسومين 115 و116 إلى قانون إطاري أساسي سبق وأن طُرح على البرلمان السابق لكنه لم يجد آذانا صاغية ولم يتم التفاعل مع المقترح، مؤكدا أن النقابة ستكون قوة اقتراح وستواصل جهودها في هذا الاتجاه.
ويرى متابعون أن التصريحات التي صدرت عن النقيب الجديد تكشف عن توجه نحو تبني خطاب هادئ وعقلاني في التعاطي مع التحديات التي يواجهها القطاع، بعيدا عن “العنتريات” والشعارات. ويلفت المتابعون إلى أن المكتب التنفيذي الجديد يدرك أنه كانت هناك حالة من التململ والرفض حيال السياسات التي سلكها المكتب السابق، وبالتالي فإنه سيحاول قدر الإمكان أن يكون خطابه رصينا، دون التخلي عن مطالب أبناء القطاع.
في المقابل يشير المتابعون إلى أن على السلطة السياسية أن تعيد النظر هي الأخرى في توجهاتها، وأن تكون منفتحة على النقابة وباقي الهياكل للخروج برؤية موحدة تعيد إلى السلطة الرابعة توازنها، حيث أنه لا يمكن الحديث عن دولة مواطنة في ظل قيود تفرض على إعلامها أو في ظل تجاوزات بحق أصحاب الكلمة والقلم.
في المقابل يشير المتابعون إلى أن على السلطة السياسية أن تعيد النظر هي الأخرى في توجهاتها، وأن تكون منفتحة على النقابة وباقي الهياكل للخروج برؤية موحدة تعيد إلى السلطة الرابعة توازنها، حيث أنه لا يمكن الحديث عن دولة مواطنة في ظل قيود تفرض على إعلامها أو في ظل تجاوزات بحق أصحاب الكلمة والقلم. وعمل النقيب الجديد للصحافيين التونسيين في الصحافة الاقتصادية لمدة عشر سنوات، ثم عمل صحافيا في القسم السياسي بجريدة “لوطون” التابعة لمجموعة دار الصباح.
والدبار متحصل على الإجازة في الدراسات العليا التجارية من المدرسة العليا للتجارة بتونس وعلى ماجستير اختصاص دراسة مشاريع من المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس.
وسبق له أن تقلد المسؤولية ضمن المكتب التنفيذي لنقابة الصحافيين بصفته مكلفا بالعلاقات الخارجية (من 2014 إلى 2016) وكاتبا عاما.
ونشط الدبار أيضا ضمن الهياكل النقابية الدولية والإقليمية، إذ جرى انتخابه عضوا في الهيئة التنفيذية للاتحاد الدولي للصحافيين (من 2017 إلى 2020)، ونائبا لرئيس الفيدرالية الأفريقية للصحافيين لدورتين متتاليتين (من 2015 إلى 2020).