القوات العراقية تؤجل إعلان النصر في الموصل للتفرغ لمتابعة الفلول

بغداد - مع انهيار البنية الدفاعية لداعش في المدينة القديمة غرب الموصل، يتداول مراقبون سيناريوهات عديدة لمستقبل التنظيم في محافظة نينوى، والعراق بشكل عام، أرجحها، تحوله إلى استراتيجية إيقاع أكبر الخسائر الممكنة في صفوف العسكريين والمدنيين، من خلال عمليات انتحارية متفرقة.
ومنذ فجر الخميس، تحقق القوات العراقية تقدما كبيرا في قلب آخر المناطق التي يسيطر عليها داعش في المدينة القديمة من الموصل، لتتمكن في وقت لاحق من دخول منطقة جامع النوري، الذي شهد إعلان زعيم داعش عن “دولة الخلافة” صيف العام 2014، ولتصل المعركة التي استمرت ثمانية أشهر إلى محطتها الأخيرة.
وقالت مصادر ميدانية لـ”العرب” إن “القوات العراقية لم تعد تبعد سوى 400 متر عن ضفة دجلة، بعد اجتياحها دفاعات تنظيم داعش في المدينة القديمة، لكنها تخشى أن يؤدي تقدمها إلى تعرض المدنيين المحاصرين في المنطقة لنيران مباشرة”.
ويقول مراقبون إن وصول القوات العراقية إلى موقع جامع النوري في المدينة القديمة يمثل رمزية عالية، إذ يعني السيطرة على المكان الذي أعلن منه زعيم داعش أبوبكر البغدادي “دولة الخلافة” المزعومة.
وتقول وزارة الدفاع العراقية إن تنظيم داعش لم يعد يسيطر فعليا على أي منطقة في مركز مدينة الموصل، مؤكدة أن القوات العراقية تواصل مطاردة فلوله الهاربة.
ويعتقد المحللون أن بعض قيادات داعش في الموصل ربما نجحت في الانتقال إلى منطقة الحويجة في كركوك، والتي مازالت تخضع لسيطرة التنظيم، وهي المكان المرشح لعملية التحرير التالية.
لكن قيادة العمليات العسكرية المركزية ترفض الحديث عن “إعلان النصر”، مؤكدة أن هذا الأمر لن يحدث قبل الانتهاء من تطهير مناطق عديدة لا تزال تحت سيطرة داعش في مركز مدينة الموصل.
ويقول المحلل السياسي هشام الهاشمي، إن معركة المدينة القديمة في الموصل “انتهت، وأصبحت فلول داعش عاجزة عن القتال بطريقة الصد والعرقلة”، مشيرا إلى أن “إعلان النصر بات قريبا”.
ويضيف أن “المشهد واضح والاتجاه النهائي لهزيمة داعش محتم، وليست هناك حاجة للتريث في إعلان النصر في كامل الساحل الأيمن”، معتبرا أن “من بقي من داعش مجرد فلول مختبئة خطورتها نسبيا مسيطر عليها، والمطلوب استغلال الوقت في اتخاذ الإجراءات الضرورية لإعلان النصر الذي من شأنه أن يشل ما بقي من معنويات قادة داعش”.
ويحاول تنظيم داعش أن يحافظ على حضوره الإعلامي من خلال تنفيذ عمليات انتحارية في المناطق المحررة من الموصل، في إشارة واضحة إلى الاستراتيجية التي سيتبعها من بقي من عناصر على قيد الحياة خلال المرحلة المقبلة.
وبالرغم من نجاح عدد من عناصر داعش في الوصول إلى مناطق محررة في الجانب الأيسر من الموصل، ومهاجمة مجمعات تجارية وتجمعات سكانية، إلا أن مراقبين يشيرون إلى أداء ثابت من قبل القوات العراقية التي تمسك الأرض، في مواجهة محاولات التنظيم.
ووفقا لقيادات عسكرية بارزة، فإن معظم عناصر داعش المتبقين في مركز الموصل، مكشوفون للسكان، ما يعقد عملية تسربهم أو اختفائهم.
وفي مرتين، ساعد السكان المحليون، القوات الأمنية في كشف عناصر من داعش حاولوا الاختباء في مناطق محررة بالساحلين الأيسر والأيمن.
ويقول محللون أمنيون إن عناصر داعش الذين نجحوا في الإفلات من الموت أو الاعتقال خلال عمليات تحرير المدينة القديمة، ربما يحاولون تنفيذ عمليات انتحارية، بسبب انعدام فرص الهرب إلى خارج الموصل.
ويعزز هذه الفرضية الإغلاق المحكم لحدود مركز الموصل من جميع الجهات، إذ تنتشر في محيط المدينة تشكيلات عسكرية كبيرة، تنتمي إلى جهات مختلفة، بينها الجيش العراقي وقوات البيشمركة الكردية وقوات الحشد الشعبي.