القمة الدولية في باريس تفتح نافذة على الفكر العربي المعاصر ورموزه

القمة تركز على الأفكار وتحاول الاحتفاء بالمفكرين والمثقفين والكتاب من كل أنحاء العالم العربي.
السبت 2024/11/16
إدغار موران يرعى هذه القمة الأولى من نوعها

باريس - انتظمت في معهد العالم العربي بباريس يومي الرابع عشر والخامس عشر من نوفمبر الجاري فعاليات الدورة الأولى من القمة الدولية للفكر العربي، بمشاركة نخبة من المفكرين والفلاسفة والباحثين والمثقفين العرب.

وتهدف القمة التي استمرت لمدة يومين إلى تسليط الضوء على الفكر العربي المعاصر بكل تنوعه. ويرعى هذا الحدث المفكر الفرنسي البارز إدغار موران، إذ تسعى القمة إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية: بداية بتأكيد حيوية الإنتاج الفكري العربي، ثم إبراز الشخصيات البارزة التي تسهم في إنتاج وتداول الأفكار والمعارف، وثالثا تعزيز الحوار بين الفكرين العربي والأوروبي من خلال لقاءات ونقاشات.

ووفق بيان المنظمين، فإن الحاجة إلى هذه القمة تأتي لأنه غالبا ما نعرف عن الفكر العربي ماضيه البعيد فقط، وحقبته الذهبية في العصور الوسطى التي بلغت ذروتها في الأندلس، حيث ازدهرت العلوم العربية وتفاعلت مع المعارف العالمية. وبالرغم من هذه الرؤية الحنينية، يبقى الفكر العربي – بشخصياته الكبرى، وتياراته، وقضاياه – غير معروف بشكل واسع في فرنسا.

وقال جاك لانغ رئيس معهد العالم العربي بباريس لدى افتتاحه القمة “إن هذه القمة تركز على الأفكار وتحاول الاحتفاء بالمفكرين والمثقفين والكتاب من كل أنحاء العالم العربي” مؤكدا أن الفكر العربي يتميز بالثراء والتنوع والعمق رغم أنه غير مكتشف في أوروبا والعالم.

وأشار لانغ إلى أن المعهد شرع من فترة قصيرة في نشر سلسلة كتب مكثفة تعرّف بأهم الفلاسفة والمفكرين العرب القدماء منهم والمعاصرين، بالإضافة إلى اللقاءات الدورية التي ينظمها للمثقفين والمفكرين العرب حتى يتعرف عليهم الجمهور الفرنسي والأوروبي.

وشدد على أن معهد العالم العربي من أولوياته الإعلاء من شأن المفكرين والكتاب والثقافة العربية، فضلا عن تعريفه بقيمة اللغة العربية وجمالها وثرائها بوصفها لغة مركزية في العلوم والأفكار الخلاقة والفن والثقافة على مر العصور.

◙ القمة تؤكد حيوية الإنتاج الفكري العربي وتبرز رموزه اليوم علاوة على تعزيزها للحوار بين الفكرين العربي والأوروبي
◙ القمة تؤكد حيوية الإنتاج الفكري العربي وتبرز رموزه اليوم علاوة على تعزيزها للحوار بين الفكرين العربي والأوروبي

بدوره قال سلام كواكبي، رئيس المركز العربي للأبحاث والدراسات السياسية في باريس  CAREP، إن هذه القمة مهمة للغاية في هذا الظرف بالذات لأنها تلقي الضوء على أهمية المفكرين والفلاسفة العرب ليس على مر التاريخ فقط، وإنما في الحاضر أيضا، مشددا على الدور الجوهري الذي يلعبه الفكر العربي اليوم في بث روح الوعي وتحقيق النهضة العربية المعاصرة القائمة على التعليم والبحوث الجادة.

وتضمنت أعمال اليوم الأول للقمة خمس جلسات شارك فيها نخبة من الباحثين والكتاب والمفكرين العرب تناولت مواضيع مختلفة أبرزها وسائل الإعلام الجديدة وتأثيرها على صناعة الأفكار السياسية والتصورات في المجتمعات العربية.

وتناولت الجلسة الأولى قضية الفكر العربي في مرحلة الثورة، كيف شكلت انتفاضات عام 2011 نقطة تحول في الإنتاج الفكري العربي؟ تهدف هذه الجلسة الأولى إلى استكشاف الروابط بين الأفكار السياسية والعمليات الثورية، من خلال دراسة دور الأفكار في إشعال الانتفاضات، وكيفية مساهمة الثورات في تغيير الأدوات النظرية والتحليلية وتشكيلها.

أما الجلسة الثانية فجاءت بعنوان “ابتكار وسائل إعلام مستقلة” من خلال دمج وجهات نظر مختلفة من المغرب إلى الخليج، تهدف هذه الجلسة إلى استكشاف تأثير هذه الوسائل الإعلامية الجديدة على تكوين الأفكار والتصورات السياسية في المجتمعات العربية.

وتناولت الجلسة الرابعة سؤال “كيف نحدد موقعنا اليوم تجاه التراث العربي الإسلامي؟”، بينما خصصت الجلسة الخامسة لبحث “فك الاستعمار المعرفي”.

وشهد اليوم الختامي للقمة تقديم ثلاث جلسات في مواصلة لمباحث اليوم الأول، وتطرقت الجلسات إلى مواضيع فكرية آنية على غرار التحديات التي تطرح اليوم على الفكر العربي الإسلامي، بالإضافة إلى جلسة أخرى عن البودكاست في العالم العربي، في سياق التطور المذهل لوسائل الإعلام الجديدة.

وخصصت الجلسة السادسة في اليوم الثاني من القمة لبحث قضية “الاستشراق والاستغراب: الخروج من التناقض” إذ أدى الاستشراق إلى بناء رؤية رومانسية وخيالية للشرق، خدمت في المقام الأول تجسيد الجانب الآخر من أوروبا. وتساءل المحاضرون “بعد ما يقرب من نصف قرن من ظهوره، أين نقف اليوم من الاستشراق وناقديه؟”

وتطرقت الجلسة السابعة للحديث عن العلوم الإنسانية العربية، بينما كانت الجلسة الثامنة مخصصة لبحث مسألة الفكر بشكل شبكي، عبر إبراز دور مراكز البحث ومجموعات التفكير. جدير بالذكر أن هذه النسخة الأولى من القمة الدولية للفكر العربي أطلقها معهد العالم العربي بباريس، بالتعاون مع المركز العربي للأبحاث والدراسات السياسية في باريس.

13