القطاع غير النفطي يعوض تقلص إيرادات الفائدة لبنوك السعودية

الرياض - خفض البنك المركزي السعودي أسعار الفائدة بنصف نقطة مئوية وهو نفس مقدار الخفض الذي أعلنه الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) الأربعاء، وهي خطوة قد تؤثر على نشاط قطاعات على حساب أخرى.
ومع هذه الخطوة أثيرت مخاوف من تأثير ذلك على القطاع المصرفي السعودي، فيما تبدو التوقعات أكثر تفاؤلا بالنسبة إلى القطاع غير النفطي الذي قد يحفز هذا الخفض بنموه.
وتقول ماري سالم، المحللة المالية لدى بلومبيرغ الشرق، “عندما تتراجع الفائدة، تنشأ ضغوط على هوامش ربحية البنوك”.
لكنها أشارت إلى أنه في بعض الحالات يتحقق التوازن عندما تزيد معدلات الإقراض بسبب الفائدة المنخفضة، وبالتالي تنمو معدلات القروض عن مستويات ما قبل الفائدة.
ويظهر التباين في النظرة نحو القطاع المصرفي، في تباين أداء أسهمه في سوق الأسهم السعودية خلال تداولات الخميس في أول رد فعل على أداء خفض الفائدة. وكان الأداء متفاوتا بين ارتفاع وانخفاض محدود لم يتجاوز واحدا في المئة.
وترى سالم أن السوق كانت تعكس خفضا لأسعار الفائدة بنحو 25 نقطة أساس، لكن تسعر الآن الخفض الإضافي الذي أقره الاحتياطي الفيدرالي بخمسين نقطة.
وبشكل عام تبدو النظرة المستقبلية ليست سلبية، فهناك تحسن متوقع في العمولات خلال الفترة المقبلة، وفق سالم التي أشارت إلى أن بنوكا تحفزها الفائدة المنخفضة مثل مصرف الراجحي استطاعت الحفاظ على العمولات خلال التشديد النقدي.
ويعتمد أكبر بنك إسلامي في الشرق الأوسط بشكل أساسي على القروض العقارية التي يزيد الإقبال عليها عند خفض الفائدة. وأوضحت سالم أن هذه العوامل تشير إلى مرونة القطاع المصرفي السعودي.
وبجانب كل ذلك، فإن الحكومة في أكبر اقتصاد عربي تتبنى اتجاها مختلفا ومغايرا خاصة في إستراتيجيتها لتحفيز القطاع غير النفطي، الذي سيحفز بدوره الطلب على القروض العقارية من البنوك.
وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الأربعاء إن “الأنشطة غير النفطية سجلت أعلى إسهام لها في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بـ50 في المئة العام الماضي. ويواصل صندوق الاستثمارات العامة دوره في تحقيق أهدافه ليكون قوة محركة للاستثمار”.
وتعتقد سالم أن توجه السعودية نحو تحفيز المشاريع العقارية والمشاريع الأخرى المرتبطة بالقطاع غير النفطي سينعكس إيجابيا على البنوك، وبالتالي ستتجاوز التأثيرات الإيجابية لخفض أسعار الفائدة آثاره السلبية.
واستمر أداء قروض البنوك السعودية، التي تمثل 65 في المئة من إجمالي الأصول المصرفية، في التحسن وسط بيئة تشغيلية مواتية حتى نهاية النصف الأول من هذا العام، منذ إطلاق رؤية 2030 في 2016، وفق ما ذكرته وكالة موديز في تقرير صدر الأربعاء.
الحكومة السعودية تتبنى اتجاها مختلفا ومغايرا خاصة في إستراتيجيتها لتحفيز القطاع غير النفطي
وتوقعت ليا حنا، المحللة في موديز، أن يستمر هذا الاتجاه على مدى الأشهر الـ12 إلى الـ18 المقبلة، ما يعزز الاقتصاد غير النفطي.
وقالت “تدعم السياسات والإصلاحات الحكومية قدرة المقترضين السعوديين على السداد”.
وأضافت أن “البنوك السعودية تتمتع بانخفاض معدلات التخلف عن السداد في محافظ قروضها، في حين تغطي المخصصات القروض المتعثرة بالكامل”.
ومع ذلك أشارت حنا إلى أن البنوك تظل عُرضة لمخاطر الهبوط في حالة حدوث انعكاس في الزخم الاقتصادي أو تخفيف الدعم النشط من جانب السلطات في إدارة مخاطر أصول القطاع.
وترجح موديز أن تتعزز جودة الأصول بالقطاع المصرفي بشكل أكبر مع انتعاش الاقتصاد بفضل الإنفاق الحكومي وتنويع الاقتصاد في القطاعات غير النفطية.
كما تتوقع الوكالة نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي بنحو 5.5 في المئة في عامي 2024 و2025.
وترى كارلا سليم، المحللة الاقتصادية في بنك ستاندرد تشارترد، أن رؤيتها دائما كانت متفائلة بمعدلات النمو في السعودية على نحو أكبر من التقديرات السائدة، رغم التحديات الإقليمية وتراجع أسعار النفط والنزاعات العالمية.
وتتوقع أن يحفز خفض الفائدة نمو القطاع غير النفطي وأن يحقق الاقتصاد مفاجأة إيجابية خلال الربع الأخير من هذا العام.