القطاع المصرفي يواكب إيقاع الاستثمار في السوق العمانية

تفاؤل كبير حول فاعلية البنوك المحلية في تمويل المشاريع.
الاثنين 2023/12/11
وفرة كبيرة في التمويلات

يثبت نمو الائتمانات والقروض التي تخصصها البنوك العمانية للأنشطة الاقتصادية استقرار ومتانة القطاع المصرفي بالبلد الخليجي ويعكس في الوقت ذاته مواكبته لإيقاع الأعمال في السوق، الذي من المتوقع أن يزداد مع إثبات البلد قدرته على استغلال الفرص.

مسقط - أظهرت إحصائيات حديثة أصدرها البنك المركزي العماني الأحد أن مساهمة البنوك العاملة بالسوق المحلية في تمويل خطط التنمية في البلاد ارتفعت بشكل ملحوظ خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي.

ونما الائتمان الممنوح من البنوك خلال الفترة الفاصلة بين يناير وسبتمبر الماضيين بنسبة 5.7 في المئة على أساس سنوي ليصل إلى 30.4 مليار ريال (79.1 مليار دولار).

وأوضحت البيانات التي أوردتها وكالة الأنباء العمانية الرسمية أن الائتمان الممنوح للقطاع الخاص سجل نموا بنسبة 6.2 في المئة خلال تلك الفترة ليبلغ نحو 66.6 مليار دولار.

وتشير البيانات المتعلقة بتوزيعه على مختلف القطاعات إلى استحواذ الشركات غير المالية على الحصة الأكبر التي بلغت 46.1 في المئة منذ بداية 2023 حتى نهاية سبتمبر، يليها قطاع الأفراد بنسبة 44.5 في المئة. أما النسبة المتبقية فقد توزعت على قطاع الشركات المالية بواقع 5.8 في المئة والقطاعات الأخرى بنسبة 3.6 في المئة.

ويؤكد محللون أن القطاع المصرفي يعد بمثابة صمام أمان لبرنامج الإصلاح الاقتصادي للحكومة في ظل التحديات المالية الكثيرة التي تواجه البلد رغم وفرة الإيرادات المالية منذ 2022 بسبب ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري في الأسواق الدولية.

وينشط في القطاع 20 بنكا بعد دمج الأنشطة المحلية. ووفق بيانات اتحاد البنوك العربية، ثمة 7 بنوك تجارية محلية وبنكان حكوميان متخصصان وبنكان إسلاميان. كما تعمل في البلاد تسعة فروع لبنوك أجنبية.

البنك المركزي: الشركات غير المالية كان لها النصيب الأكبر من الائتمانات
البنك المركزي: الشركات غير المالية كان لها النصيب الأكبر من الائتمانات

ويشير متابعون إلى أن نسبة الفائدة التي تبلغ 6 في المئة، حيث تقتفي دول الخليج عادة تحرك الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي)، لم تقف حائلا أمام اقتراض المتعاملين سواء كانوا مستثمرين أو أصحاب مشاريع صغيرة ومتوسطة.

وينبع زخم نشاط البنوك من الاستقرار المالي الذي تحقق للسلطنة منذ العام الماضي جراء العوائد التي جنتها من تجارة النفط والغاز. ويظهر ذلك بوضوح عبر تسجيل السلطات النقدية نموا في إجمالي الودائع لدى القطاع بنحو 5.5 في المئة خلال تسعة أشهر ليصل إلى 72.3 مليار دولار.

وضمن هذا الإجمالي شهدت ودائع القطاع الخاص لدى النظام المصرفي ارتفاعا بنسبة 6.3 في المئة لتصل إلى 47.9 مليار دولار. وعند النظر إلى توزيع إجمالي قاعدة الودائع للقطاع الخاص على مختلف القطاعات، تشير الأرقام إلى استحواذ الأفراد على الحصة الأكبر والتي بلغت 50.7 في المئة.

وجاء قطاع الشركات غير المالية في المركز الثاني بحصة بلغت 31.1 في المئة ثم قطاع الشركات المالية بواقع 15.1 في المئة، أما النسبة المتبقية وتبلغ 2.9 في المئة فتوزعت على قطاعات أخرى.

وبفضل الطفرة الراهنة يتوقع أن يتعزز أداء القطاع المصرفي بنهاية العام الحالي خاصة وأن ثمة دلائل تؤكد أنه استطاع بعد فترة الإغلاق الوصول إلى نتائج جيدة في أعماله.

وفي عام 2022 تمكنت البنوك العمانية المدرجة في سوق المال من مواصلة جني الأرباح وذلك في ظل انتعاش اقتصاد البلاد مدفوعا بطفرة الإيرادات المتأتية من الوقود الأحفوري.

وقفزت الأرباح الصافية للبنوك العام الماضي بواقع 20.6 في المئة لتصل إلى أكثر من مليار دولار مقابل 880.8 مليون دولار على أساس سنوي.

ويقول محللون إن النتائج تختزل الجهود الحكومية المبذولة لتخفيف تداعيات جائحة كورونا على مختلف الأنشطة الاقتصادية، والجهود التي بذلتها البنوك لتنويع محافظها الإقراضية والتمويلية ومساهماتها في تمويل المشاريع المنفذة من الحكومة والقطاع الخاص.

ورجحت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية في تقرير نشرته الأسبوع الماضي أن تحقق البنوك الخليجية أداء قويا في العام المقبل مع استمرار ارتفاع أسعار الفائدة والنفط.

ويعمل ارتفاع الفائدة على زيادة ربحية القروض التي تمنحها البنوك للعملاء، في حين يساعد ارتفاع أسعار النفط على زيادة إيرادات الدول المصدرة للخام، وبالتالي زيادة الإنفاق، ما من شأنه أن يعزز أداء الاقتصاد بوجه عام، وبما يعود بالنفع على البنوك في المنطقة.

وعكس تحسن النظرة المستقبلية للجدارة الائتمانية للسلطنة التراجع الملموس في ضغوط السيولة واحتياجات التمويل، نتيجة استمرار الحكومة في تنفيذ خطط الإصلاح مدفوعة بتحسن عوائد الوقود الأحفوري رغم تراجعها قياسا بالعام 2022.

ومنح تغيير وكالة موديز التصنيف الائتماني للبلاد الأسبوع الماضي إلى درجة مستقرة دفعة معنوية جديدة للحكومة من أجل السير في برنامج إنعاش الاقتصاد رغم الضغوط المالية التي يواجهها البلد.

ورفعت موديز تصنيفها الائتماني للبلد للمرة الثانية تواليا هذا العام من بي.أي 2 إلى بي.أي 1. وعزا خبراء الوكالة ذلك إلى توقعاتهم باستمرار تراجع الدين العام وتحسن مؤشرات قدرة الحكومة على تحمل أعباء المديونية العامة، نتيجة ما قامت به من جهود في استغلال الإيرادات الإضافية لتقليص الديون، بجانب ضبط الإنفاق وتحسين الإيرادات المالية.

◙ 79.1 مليار دولار قيمة القروض في أول 9 أشهر من 2023 بارتفاع 5.7 في المئة بمقارنة سنوية

وقالت الوكالة إن “تحسن السياسات المالية وفاعليتها والعزم على خفض المديونية العامة سيسهمان في تعزيز المركز المالي للدولة ومرونة الحكومة وقدرتها على مواجهة الصدمات المستقبلية المحتملة، حتى وإن شهدت أسعار النفط تراجعا في مستوياتها”.

ويدعم استمرار الإجراءات التصحيحية المتخذة منذ عام 2020 وجهود الحكومة المبذولة في تعزيز التنويع الاقتصادي والمالي توجه مسقط نحو خفض الاعتماد على الإيرادات النفطية.

وتتوقع الوكالة أن يبلغ متوسط أسعار النفط 80 و85 دولارا للبرميل خلال العامين المقبلين قبل تراجعها تدريجيا بين 55 و75 دولارا للبرميل خلال المدى المتوسط.

وبناء على هذه التقديرات من المرجح تراجع المديونية العامة للسلطنة إلى نحو 35 في المئة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات الثلاث القادمة.

كما تتوقع الوكالة أن يستمر الحساب الجاري في تحقيق فائض مالي خلال العامين القادمين، والذي سيصل في العام الجاري إلى اثنين في المئة بعدما سجل العام الماضي نحو 5 في المئة.

وقالت موديز إن “الميزانية العامة للدولة ستواصل تحقيق فائض مالي بنحو 3.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العام الجاري بعد تحقيق فائض مالي بنحو 7.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2022”.

10