القطاع الخاص المصري يسبق الحكومة في تصنيع سيارات نظيفة

جنرال موتورز والمنصور تعتزمان طرح طرز مع نهاية 2023.
الجمعة 2022/11/18
كم سيكون حجم الإنتاج برأيكم؟

عزز القطاع الخاصُ خطواتَ مصر نحو تأسيس قاعدة استثمارية في صناعة المركبات الكهربائية وتجميعها في ظل مساعي وزارة قطاع الأعمال العام المالكة لشركة النصر للسيارات إيجاد شريك صيني معها بعد انسحاب دونغ فينغ في نوفمبر من العام الماضي.

القاهرة – أعلنت شركتا جنرال موتورز والمنصور للسيارات أنهما ستطرحان مركبات كاديلاك فاخرة بالسوق المصرية في نهاية العام المقبل، وهي مركبات كهربائية بالكامل متوسطة الحجم، على أن توفرا خمسة طرز نظيفة فاخرة أخرى بحلول 2025.

وتمثل الخطوة الجديدة نجاحا للقطاع الخاص المصري، حيث يسبق الحكومة في تصنيع تلك المركبات التي تسعى إليها وزارة قطاع الأعمال منذ عامين، إذ كان من المخطط طرح طراز إي 70 مطلع هذا العام، لكن ذلك لم يتحقق.

وتعثرت المفاوضات بين شركتي النصر ودونغ فينغ الصينية أواخر 2021 بشأن تصنيع مركبات كهربائية وإعادة تأهيل المصنع المصري وإدماجه في المجال بعد خلاف حول نسبة المكون المحلي ورغبة بكين في الاعتماد على نسبة أكبر من المستلزمات المستوردة.

علي توفيق: خطوة سوف تشهد تقدما عقب تصنيع عدد محدود منها
علي توفيق: خطوة سوف تشهد تقدما عقب تصنيع عدد محدود منها

وأعلن وزير قطاع الأعمال العام محمود عصمت أن الفترة الحالية تشهد مفاوضات بين النصر للسيارات وإحدى الشركات الصينية تمهيدا لتوقيع العقود النهائية لإنتاج السيارات الكهربائية فئة سيدان.

وتحرص السلطات على اتخاذ خطوات عملية في مجال السيارات الكهربائية خاصة أن الرئيس عبدالفتاح السيسي أطلق “الإستراتيجية القومية لتوطين صناعة المركبات الكهربائية والصناعات المغذية”.

كما وجه بتوطين تلك الصناعة عبر تعميق التصنيع المحلي والتعاون مع الشركات العالمية المتخصصة، لكن لم يُفعل ذلك عمليًا حتى الآن.

وتعد البنية التحتية عائقا كبيرا لانتشار المركبات الكهربائية في السوق المحلية، وتحديدا ما يتعلق بمحطات الشحن لعدم انتشارها بشكل كاف يجعلها متاحة للسائقين.

وفتحت القاهرة باب الاستثمار في تلك المحطات أمام رجال الأعمال والشركات خلال العام الماضي، وقبل تعثر المفاوضات مع الشركة الصينية، حيث تستهدف تأسيس نحو ألف محطة شحن في العديد من المناطق الحيوية.

وقال علي توفيق مدير رابطة الصناعات المغذية للسيارات سابقا لـ”العرب”، “من المؤكد أن ينجح القطاع الخاص في طرح السيارة الكهربائية التي تم الإعلان عنها، لأن جنرال موتورز تدعم المنصور بما يلزم خلال مرحلة التصنيع”.

خالد سعد: مشاركة الحكومة بالدعم مهم نظرا لارتفاع أسعارها
خالد سعد: مشاركة الحكومة بالدعم مهم نظرا لارتفاع أسعارها

وتؤكد الخطوة الراهنة حرص جنرال موتورز – مصر على تكرار سيناريو تصنيع شيفروليه – الدبابة التي بدأ تصنيعها محليا.

وجاء الطراز الجديد في عام 2012 ليواصل الاستحواذ على سوق السيارات نصف النقل، كما تجلى ذلك منذ الشروع في طرحها بالأسواق خلال ثمانينات القرن الماضي.

ويرى توفيق أن “مستقبل قطاع السيارات بشكل عام يميل نحو الأصناف الكهربائية مع تخلي العالم عن محركات البنزين، لكنها لن تنتعش في مصر إلا بعد سنوات جراء ارتفاع أسعارها”.

وتهدف القاهرة من وراء تصنيع السيارات الكهربائية إلى تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري في المركبات، لأنها تستورد 40 في المئة من احتياجاتها من النفط سنويا.

وأوضح توفيق أن الشركات في البداية ستواجه تحدي السعر بالنسبة إلى هذا النوع من المركبات بطرح عدد قليل لن يتعدى 15 ألفا ليتماشى مع الشريحة المستهدفة من الأغنياء وأصحاب الدخول المرتفعة كي يسهل التسويق لها.

وعلى الشركات التي تسعى إلى تصنيع المركبات الكهربائية التركيز على الصادرات، لكن ستواجه منافسة في المنطقة العربية من السعودية والإمارات عبر مشروع شركة سير، وهي أول علامة تجارية في السعودية ستطرح منتجاتها عام 2025.

كما وضعت مجموعة أم غلوري القابضة في مارس الماضي حجر الأساس لأول منشأة صناعية إماراتية لتصنيع السيارات الكهربائية في مدينة دبي الصناعية التابعة لمجموعة تيكوم، وتعد أحد أكبر مراكز التصنيع والخدمات اللوجستية في المنطقة.

وأهمية انتشار تلك الأصناف في المنطقة العربية تكمن في أنها تعد دافعًا إلى تصدير السيارات في الدول المجاورة، وربما تترتب على ذلك منافسة سعرية تعود بالنفع على المستهلكين من خلال طرحها المركبات بأسعار تلقى قبولاً.

مصر

وما يعزز نجاح تصنيع المركبة الجديدة هو الإستراتيجية التي أطلقتها الحكومة، والتي تمنح تسهيلات للمصنعين لإنتاج سيارات مراعية للبيئة التي تدعم التحول إلى الهيدروجين الأخضر في البلاد بمجالات الطاقة، إذ رحبت جنرال موتورز بإطلاق الحكومة لتلك الإستراتيجية.

وذكر خالد سعد، أمين عام رابطة مصنعي السيارات في مصر، أن نجاح تصنيع السيارات الكهربائية مرهون بتدخل الحكومة لتقديم الدعم.

وأشار في تصريح لـ”العرب” إلى مسألة إعفاء مكونات تلك المركبات من الأداءات الجمركية أو أي رسوم أخرى، خاصة فيما يتعلق ببطارية السيارة التي تمثل نحو 60 في المئة من إجمالي مكوناتها.

وأكد سعد على أهمية توفير الحوافز التي تعزز تدشين تلك المركبات لجذب أكبر عدد من المستثمرين الأجانب في هذا القطاع، لأن الكثير من الأسواق المجاورة تنافس بقوة في هذا المجال مثل المغرب وتونس.

اقرأ أيضا: تراجع مفاجئ في تحويلات المغتربين المصريين
اقرأ أيضا: تراجع مفاجئ في تحويلات المغتربين المصريين

وتعتمد الحكومة بشكل أساسي على الشريك الأجنبي في تصنيع السيارة الكهربائية، وتمّ الاتفاق مع دونغ فينغ في السابق على تصنيع 50 في المئة من المواد الأولية والكماليات، والنسبة المتبقية تمثل مساهمة المكوّن المحلي.

ويمكن الجزم بأن نجاح تصنيع مركبات كهربائية على علاقة وثيقة بما تمثله المكونات المحلية فيها، لكن التركيز على مستلزمات الإنتاج المستوردة في تصنيعها يمثل عاملا سلبيا من ناحية التأثير على سعرها، وقد يخفض دخول جنرال موتورز كطرف معدلات استيراد المكونات.

وتشهد الفترة الراهنة استعداد السلطات لتفعيل قانون إعفاء السيارات التي يستوردها المغتربون من الرسوم والأداءات الجمركية مقابل إيداع مبلغ يوازيها بالعملة الصعبة لخمس سنوات.

ويستبعد خبراء تأثير ذلك على تسويق السيارات الكهربائية، لأن الأولى مرتبطة بمدة قصيرة لن تتعدى أربعة أشهر (قابلة للزيادة)، أما الثانية فهي خطة ومستقبل صناعة السيارات ليس في مصر بل في مختلف بلدان العالم.

وعن حال سوق السيارات خلال الفترة الراهنة، ترى رابطة مصنعي السيارات أنها تشهد حالة تجمد بسبب إيقاف استيراد السيارات الجديدة، نظرا لأزمة الاعتمادات المستندية وعدم وفرة الدولار.

ولفتت كذلك إلى ترقب الأفراد والتجار دخول سيارات المغتربين خلال الفترة المقبلة التي ربما تُحدث حراكا وهدوءا في الأسعار بالقطاع.

10