القضاء الليبي يعيد أزمة رئاسة مجلس الدولة إلى الواجهة

تكالة يرحب بقرار محكمة السواني بإعادة جولة انتخابات المجلس فيما عبر المشري عن استغرابه لإصدار المحكمة حكمها قبل موعد الجلسة المحدد وعدم إبلاغه بتغيير موعدها.
الأربعاء 2024/11/06
حكم قضائي غير حاسم يعرقل العملية السياسية

طرابلس – أعاد القضاء الليبي، الجدل حول رئاسة المجلس الأعلى للدولة إلى واجهة الأحداث، دون أن يحسم في شرعية رئاسة المجلس المنقسم على نفسه منذ أشهر بين رئاستين، ما يشكل عائقا أساسيا في طريق العملية السياسية التي تعتزم البعثة الأممية البدء باستئنافها بين الأطراف الرئيسية.

فقد أصدرت محكمة السواني الابتدائية حكما، الثلاثاء، برفض طعن تقدم به خالد المشري بصفته رئيسا للمجلس ضد منافسه محمد تكالة بشأن وقف تنفيذ إعادة انتخابات رئاسة المجلس وبالتالي إعادة الجولة.

وسارع تكالة بالترحيب بالحكم وقال إن مكتب الرئاسة "سوف يدعو إلى عقد جلسة مكتملة النصاب قبل منتصف نوفمبر الجاري، لمناقشة البنود المطروحة على جدول الأعمال، واتخاذ القرارات الضرورية لتفعيل دور المجلس كإحدى ركائز السلطة التشريعية"، بحسب بيان متداول على فيسبوك.

وفي المقابل اعترض المشري، على الحكم وأصدر بيانا استغرب فيه صدور الحكم بوقف الاستشكال وتقديم موعد الجلسة دون إبلاغه والتي كانت مقررة في 26 نوفمبر.

وقال المشري إن الحكم "لا يعني الفصل في الموضوع، حيث إن القضية المرفوعة من تكالة لا تزال قيد النظر من المحكمة"، بالإضافة إلى تقدمه بطعن إلى المحكمة العليا ضد الحكم المستعجل الصادر عن محكمة السواني.

وأكد المشري تمسكه بالمسار القضائي، مشددًا على أنه "الرئيس الشرعي للمجلس" إلى حين الفصل في الموضوع قضائيًا، ومعتبرًا أن "مكتب الرئاسة السابق بوضعه الحالي مغتصب للسلطة ومنتحل للصفة، وكل ما يصدر عنه من إجراءات أو دعوات لعقد جلسات ليس إلا محاولة لزيادة انقسام المجلس".

وأشار كذلك إلى اعتزامه الدعوة إلى عقد "جلسة صحيحة مكتملة النصاب في المدة القريبة المقبلة"، لاستكمال انتخابات مجلس الرئاسة وفقًا للقانون والنظام الداخلي للمجلس.

وكان المشري قد أعلن، في الثامن من أكتوبر الماضي، عن عزمه تقديم استشكال قانوني لوقف تنفيذ حكم محكمة استئناف جنوب طرابلس الذي تحصل عليه الرئيس السباق محمد تكالة بوقف تنفيذ نتائج انتخابات الرئاسة.

وقال مصدر مقرب من خالد المشري لقناة ليبيا الأحرار، إن حكم محكمة السواني الابتدائية بشأن رفض الاستشكال المقدم منه، خالف طبيعة إجراءات التقاضي المعمول بها في أي محكمة.

وأوضح المصدر أن المحكمة لم تبلغ المشري بتقديم دفوعاته القانونية، قائلًا إنه سيقدم شكوى لإدارة القضايا وأيضًا لإدارة التفتيش بالمجلس الأعلى للقضاء.

كما أشار إلى أن حكم محكمة السواني أوقف تنفيذ قرار رئاسة المشري، ولكنه لم يمنحها في المقابل لمحمد تكالة.

والحكم القضائي هو الثاني بعد أن أصدرت الدائرة الإدارية بمحكمة استئناف جنوب طرابلس، في 25 سبتمبر الماضي، قرارا بقبول طعن قدمه تكالة شكلًا ضد المشري، وفي الشق المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه موقتًا إلى حين الفصل في الموضوع.

وبدأت أزمة مجلس الدولة خلال جولة الإعادة، عندما أعلن مقرر الجلسة نتائج انتخابات رئاسة المجلس التي جرت في السادس من أغسطس الماضي، حصول تكالة على 68 صوتًا مقابل 69 صوتًا للمشري، في ما دار نقاش حول قانونية تصويت أحد الأعضاء بعد كتابة اسم تكالة في ظهر ورقة التصويت.

وأعلن المشري مباشرة عمله كرئيس للمجلس من المقر في العاصمة طرابلس، الاثنين، داعيا تكالة إلى اللجوء للقضاء إذا كان لديه اعتراض على نتائج الانتخابات.

ورد تكالة على المشري واتهمه باقتحام مقر مجلس الدولة، قائلا إنه سيطر “على مقر المجلس بأسلوب لا يمتّ إلى الديمقراطية"، معتبرًا ذلك "أسلوبا قد يهدد تماسك المجلس وعمله في المرحلة المقبلة". وذكر تكالة أن المشري أدخل جهات من خارج المجلس للتدخل في شؤونه وفرض تسلمه رئاسة المجلس كأمر واقع.

وفي 28 أغسطس الماضي، عقد المجلس جلسة برئاسة المشري، وأفاد المكتب الإعلامي وقتها بأن الأعضاء صوتوا باعتماد رأي اللجنة القانونية في الورقة المميزة بواقع 67 صوتًا من أصل 77 صوتًا من الحاضرين، مع عدم قبول رأي اللجنة القانونية، بينما اعتبر بقية الأعضاء ممتنعين عن التصويت، وهم ثمانية أعضاء.

والمجلس الأعلى للدولة هو هيئة استشارية، ويشترك مع مجلس النواب في عدة صلاحيات، من بينها اختيار رئيس الحكومة وتقديم الملاحظات على الميزانية المقترحة واختيار المناصب السيادية.

ويجري المجلس انتخابات سنوية لاختيار مكتب الرئاسية، حيث تولى عبدالرحمن السويحلي رئاسة المجلس دورتين متتاليتين، تلاه خالد المشري الذي ترأسه خمس دورات متتالية، وخلفه في انتخابات العام الماضي محمد تكالة.

ويرى مراقبون أن استمرار انقسام المجلس من شأنه أن يعرقل تشكيل حكومة جديدة موحدة للبلاد لتضطلع بمهمة إجراء الانتخابات، وحسم الجدل حول الإطار القانوني المنظم للأخيرة.

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى هي الوحدة الوطنية المؤقتة، ويرأسها عبدالحميد الدبيبة ومقرها طرابلس، والأخرى مكلفة من البرلمان، ويرأسها أسامة حماد، وتوجد في بنغازي.