القضاء اللبناني يجمد أصول أفراد تربطهم علاقات ببنوك كبرى

بيروت – يلاحق القضاء اللبناني منذ أشهر عددا من الأفراد الذين تحوم حولهم شبهات فساد في بلد يمر بأزمة اقتصادية حادة.
وأمرت قاضية لبنانية بفرض تجميد وقائي على بعض العقارات وحصص الشركات المملوكة لـ14 فردا تربطهم صلات بأكبر البنوك اللبنانية، في خطوة قالت البنوك إنها قد تؤدي إلى تعميق عزلتها عن الشبكات المالية الدولية.
وتمثل قرارات التجميد الواردة جزءا من شكوى قانونية قدمها محامون ينتسبون لمنظمة من المجتمع المدني نيابة عن المودعين اللبنانيين.
وكانت البنوك اللبنانية في ما مضى من أكثر بنوك العالم ربحا، حيث تتولى تحويل الأموال من اللبنانيين في المهجر إلى خزائن الدولة مقابل أسعار فائدة عالية، غير أنه مع اشتداد الانهيار الاقتصادي في لبنان ونضوب التحويلات الدولارية من الخارج بدأت السيولة تنفد في النظام المالي.
وتتهم الشكوى البنوك المحلية التي جمدت ودائع عملائها ومنعتهم من تحويل الأموال إلى الخارج منذ تفجرت الأزمة في أواخر 2019، بارتكاب جرائم من بينها الإهمال والاحتيال.
وقد نفت البنوك ارتكاب أي مخالفات، وقالت مرارا إن ودائع الزبائن في أمان.
وقال حسن بازي، أحد المحامين الذين قدموا الشكوى، إن "أغلب المصارف اللبنانية وضعت يدها على ودائع زبائنها ثم أقرضت هذه الودائع بالمخالفة للقانون للحكومة وللمصرف المركزي، اللذين أنفقاها على التزاماتهما الدولية وعلى المرتبات". وأضاف أنه سيتم تقديم شكاوى أخرى.
وقال "هذه المصارف ومديروها لهم أصول في شركات ولهم عقارات، ونحن أردنا منع التصرف فيها حتى يمكن استخدامها كضمان لأموال المودعين إذا تعذر استرجاعها".
وأكد مصدر قضائي قرار القاضية الذي يمكن للأفراد المعنيين استئنافه بعد إخطارهم به قانونيا.
وردا على القرار قالت جمعية مصارف لبنان إنها تحترم السلطة القضائية، لكن القرارات من هذا النوع قد تدفع المزيد من بنوك المراسلة الأجنبية إلى تقييد علاقات العمل مع النظام المالي اللبناني.
وقالت الجمعية في بيان إن "التعرض الدائم للمصارف والمصرفيين ليس السبيل الأجدى للحصول على الودائع التي نكرر التأكيد أنها محفوظة وموثقة، ذمة على الدولة وعلى المصرف المركزي، ولا خلاف على قانونية توظيفها ومشروعيته".
وفي الشهر الماضي حذر رياض سلامة حاكم مصرف لبنان المركزي من فقدان العلاقات المصرفية مع بنوك المراسلة في رسالة للنائب العام، غير أن بازي قال إنه سيتم تقديم شكاوى قانونية أخرى قريبا.
وأضاف أن الشكوى المقدمة "هي الأولى في سلسلة من الدعاوى التي نعتزم رفعها، ونستهدف في نهاية المطاف حوالي 70 مصرفا".
وتطول الملاحقات القضائية أيضا حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يواجه دعوى قضائية مرفوعة ضده في فرنسا بشأن مزاعم فساد.
وخلال الأسابيع الماضية أثار تمرد القاضية غادة عون ضد قرار النائب العام التمييزي غسان عويدات كفّ يدها عن القضايا المالية، ضجة بين الأوساط اللبنانية.
والقاضية مقربة من الرئيس ميشال عون وصهره جبران باسيل الذي رأى في قرار النائب العام استهدافا للقاضية، ومحاولة من بعض السياسيين لإبعاد تحقيقات الفساد عنهم.
ويتهم خصوم التيار الوطني الحر القاضية عون بالاستنسابية انطلاقا من تركيزها على قضايا موجهة ضد حاكم مصرف لبنان وخصوم "الوطني الحر"، على حساب قضايا أخرى مثل هدر الأموال في وزارة الطاقة.
وتعتبر المصارف المراسلة رئة القطاع المصرفي اللبناني، فمن دونها لا يستطيع لبنان الدخول إلى النظام المالي العالمي وإجراء عمليات التحويل المالية وفتح المستندات لاستيراد ما يلزم. وهو أمر جوهري لبلد يعيش اقتصاده على استيراد ما يقارب 80 في المئة من حاجاته.
ويعاني لبنان من أسوأ أزمة اقتصادية ومالية واجتماعية أدت إلى تدهور قياسي في قيمة الليرة اللبنانية، التي خسرت أكثر من 80 في المئة من قيمتها.