القضاء اللبناني يبدأ الملاحقات في قضية انفجار مرفأ بيروت

الفساد المستشري في لبنان يثير مخاوف من إغلاق الملف دون محاسبة المسؤولين عن انفجار المرفأ.
الاثنين 2021/07/05
هل ينصف القضاء ضحايا الانفجار

بيروت – بدأ القضاء اللبناني الاثنين تنفيذ مرحلة الملاحقات القضائية بشأن تحقيقات انفجار مرفأ بيروت.

وذكرت "الوكالة الوطنية للإعلام" الاثنين أن "النائب العام العدلي بالتكليف في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي غسان الخوري، أحال طلبات المحقق العدلي القاضي طارق البيطار برفع الحصانة من قبل مجلس النواب عن النواب علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق، والأذونات من نقابة المحامين في طرابس في حق المحامي يوسف فنيانوس ونقابة المحامين في بيروت في حق خليل وزعيتر، ورئيس مجلس الوزراء لجهة المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، ووزير الداخلية لجهة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، كل على مرجعه المختص".

وكان القاضي البيطار طلب أذونات لملاحقة قادة أجهزة أمنية ورفع حصانات نواب مشتبه في تورّطهم بإهمال قصدي، مع علمهم بالخطر، ما تسبّب في وقوع الانفجار.

وأكدت مصادر متابعة للتحقيق أنّ المحقق العدلي البيطار ادّعى على كل شخص ثبت أنّه تلقّى مستندا بشأن وجود نيترات الأمونيوم في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، ولم يقم بأيّ إجراء فعلي للحؤول دون حصول الانفجار.

وهز انفجار ناجم عن كمية من نيترات الأمونيوم مرفأ بيروت في  الرابع من أغسطس 2020، وأسفر عن تضرّر عدد من شوارع العاصمة ومقتل أكثر من 200 شخص وجرح أكثر من 6 آلاف، وترك 300 ألف شخص بلا مأوى.

ولم تكشف التحقيقات حتى الآن عن كيفية حدوث الانفجار، لكن المحقق العدلي القاضي طارق البيطار أعلن في 10 مايو الماضي أن العمل في مجريات التحقيق "يجري بصمت وسرية وسرعة من دون تسرع".

وجرى تعيين بيطار في منصبه في فبراير الماضي، خلفا للمحقق العدلي فادي صوان، الذي جرت تنحيته بعد ادعائه في العاشر من ديسمبر على دياب والوزراء المذكورين، في خطوة أثارت امتعاضا سياسيا، ولم يمثل أي منهم أمامه.

وتقدم حينها زعيتر وخليل، المحسوبان على رئيس البرلمان نبيه بري، بمذكرة أمام النيابة العامة التمييزية طلبا فيها نقل الدعوى إلى قاض آخر. واتهما صوان بخرق الدستور بادعائه عليهما، من دون المرور بالبرلمان الذي يمنحهما حصانة دستورية.

وندد حقوقيون بعزل صوان، رغم ملاحظاتهم على أدائه، منتقدين وضع الطبقة السياسية "خطوطا حمراء" لعمله.

ولقي قرار القاضي بيطار ترحيبا من أهالي الضحايا وبعض السياسيين، في حين التزم آخرون الصمت تحت وقع الصدمة بعد أن أعاد بيطار استدعاء أسماء وجه لها القاضي السابق في القضية اتهامات، لكنها احتجت على القرار، ودفعت نحو عزله.

وقال المتحدث باسم أهالي الضحايا إبراهيم حطيط خلال وقفة شارك فيها جرحى التفجير، إن "استدعاءات القاضي البيطار جاءت كضربة معلم بالشكل والمضمون وأثلجت قلوب عوائل الشهداء".

وقال النائب فؤاد مخزومي في تغريدة على حسابه عبر تويتر "قرار القاضي طارق بيطار في ما يخص الاستدعاءات في قضية تفجير مرفأ بيروت جريء وشجاع وفي محله. يجب عدم التراجع أو التهاون أمام أي ضغوط محتملة لعرقلة كشف الحقائق التي ستودي برؤوس كبيرة لا محالة".

وأوضح بيطار الشهر الماضي أن التحقيق "يسير على ثلاث فرضيات": اندلاع حريق عن طريق الخطأ أو بشكل متعمد أو "الاستهداف الجوي"، لكن تقريرا تسلمه من محققين فرنسيين ساهم في استبعاد إحداها، قالت مصادر قضائية إنها فرضية الاستهداف الجوي.

وينظر التحقيق كذلك في تحديد كيفية وصول شحنة نيترات الأمونيوم إلى المرفأ وأسباب تركها مخزنة لسنوات.

وتتنامى مخاوف اللبنانيين من أن يطوى الملف دون محاسبة المتسببين في أعظم كارثة تضرب لبنان خلال تاريخه المعاصر، في ظل تفشي الفساد وتورط مسؤولين كبار في الانفجار.

وكشف الانفجار أنّ هذا المرفق الحيوي للبلاد ليس في منأى عن الفساد المستشري وتغوّل نفوذ القوى السياسية التي طالت أياديها أهم المراكز الفاعلة، وواجه حزب الله اتهامات غير مباشرة بضلوعه في الانفجار حيث يتهمه لبنانيون وتقارير إعلامية بالسيطرة على جزء كبير من إدارة المرفأ، لكنه سبق وأن نفى أي صلة له بشحنات نيترات الأمونيوم التي ظلت مخزنة لسنوات دون إجراءات حماية، رغم علم جهات عليا في الدولة بوجودها ومخاطرها.

وكان المرفأ الذي دمّر بنسبة كبيرة، مركزا للتهريب والتهرّب الضريبي والرشاوى وأرباح المناقصات والمزادات العلنية المشكوك فيها، ويقدّم رواتب خيالية يستفيد منها موظفون على مستوى رفيع محسوبون على القوى السياسية.

ورفض لبنان إجراء تحقيق دولي في الانفجار، لكن محققين أميركيين وفرنسيين شاركوا في التحقيقات الأولية بشكل مستقل.

وطالبت 53 منظمة حقوقية دولية وإقليمية ومحلية، فضلا عن 62 شخصا من الناجين وعائلات الضحايا، منتصف الشهر الماضي، مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بـ"إنشاء بعثة تحقيق دولية ومستقلة ومحايدة، من قبيل بعثة لتقصي الحقائق لمدة سنة".