القضاء الكويتي يبقي على الالتزام بالشريعة شرطا للمشاركة في الانتخابات

الكويت- رفض القضاء الكويتي قبول طعن على مادة في القانون الانتخابي تجعل من الالتزام بالشريعة شرطا للمشاركة في الانتخابات، وأبقى على هذا الشرط الذي سبق أن أثار تضمينه في قانون مفوضية الانتخابات جدلا حادّا وانتقادات كثيرة رأى أصحابها أنّه يمثّل مساسا بالحرية الشخصية للمواطنين ويستهدف النساء بشكل خاص.
وعلى هذه الخلفية تقدمت مجموعة من الكويتيات بطعن أمام القضاء على المادّة القانونية التي اُعتبرت أيضا من مظاهر تأثير تيارات الإسلام السياسي وتحديدا جماعة الإخوان المسلمين على مؤسسات الدولة الكويتية وقوانينها، وخصوصا في فترات سابقة تمتعت خلالها الجماعة بقوة نفوذها لاسيما داخل مجلس الأمّة (البرلمان) قبل أن يتمّ حلّه بشكل مؤقت في شهر مايو الماضي بقرار من أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح.
◄ قانون مفوضية الانتخابات يحمل بصمة الإسلاميين عندما كانت لهم سطوة وحضور طاغ تحت قبة مجلس الأمة
وقررت المحكمة الدستورية في غرفة المشورة عدم قبول الطعن المذكور على دستورية المادّة القانونية التي تفرض على المشاركين في الانتخابات الالتزام بأحكام الشريعة.
وتعلّق الطعن تحديدا بالفقرة الثانية من المادة السادسة عشرة من القانون رقم مئة وعشرين لسنة 2023 والتي ورد في نصّها أنّه “يشترط لممارسة حق الانتخاب والترشح الالتزام بأحكام الدستور والقانون والشريعة الإسلامية”.
ورأت صاحبات الطعن أن هذا النص “يمثل إخلالا بمبدأ المساواة وتقييدا للحرية الشخصية” بالمخالفة لمواد في دستور الكويت.
وبررن مشروعية تقدمهن بالطعن بأنّ “لهن مصلحة شخصية مباشرة للتقدم بطعنهن باعتبار أنهن كويتيات مقيّدات في جداول الانتخاب وأن من شأن هذا النص حرمانهن من ممارسة حقهن في الترشح والانتخاب.”

◄ جنان بوشهري تعتبر الإقرار مواءمة سياسية وعبث سياسي بالشريعة ذاتها وأحكامها وفتاويها
لكن المحكمة اعتمدت في ردّها للطعن على أنّه “لا يكفي لقبول الطعن المباشر مجرد الادّعاء بأن النص التشريعي المطعون فيه مخالف للدستور بل يتعين أن يكون هذا النص قد ألحق ضررا بالطاعن من جراء تطبيقه عليه أو أن يكون احتمال الإضرار به راجحا بحيث يكون من شأن القضاء بعدم دستوريته إزالة هذا الضرر وتحقيق فائدة له، وبالتالي فإنه يلزم على الطاعن أن يقيم الدليل على هذا الضرر ولا يكفي مجرد الادعاء به بل يقع عليه عبء إثباته.”
واعتبرت أن “الطاعنات لم يقدمن أي دليل على أن ضررا واقعيا قد لحق بهن من جراء تطبيق النص المطعون فيه عليهن، بحيث يكون من شأن القضاء بعدم دستوريته إزالة هذا الضرر وتحقيق فائدة لهن، ولا يكفي لذلك مجرد أن يكنّ مقيدات بجداول الانتخاب إذ يتعين أن يبينّ مدى انعكاس تطبيق هذا النص على مركزهن ووضعهن حتى يمكن تحري المصلحة الشخصية المباشرة في ضوء ذلك، وهو ما خلت الأوراق من دليل عليه، وبالتالي لا تتوفر لهن المصلحة في الطعن على النص المشار إليه.”
وكان البرلمان الكويتي السابق الذي كان للإسلاميين حضور وازن تحت قبته قد أقّر في أغسطس 2023 قانونا لإنشاء مفوضية عليا للانتخابات على الرغم من تحفظات واسعة على بعض البنود المثيرة للجدل في القانون والتي رأى معارضوها أنها تمسّ بمدنية الدولة.
وانصبت الاعتراضات وقتها بشكل أساسي على المادة السادسة عشرة المذكورة التي قال منتقدوها إنّها جاءت تجسيدا لمحاولات الإسلاميين فرض سطوتهم وإجراء تعاليمهم المتشدّدة على المجتمع الكويتي.
ووصف نشطاء سياسيون وحقوقيون تضمين شرط الالتزام بالشريعة ضمن قانون مفوضية الانتخابات بأنّه تراجع كبير عن مكتسبات المرأة الكويتية وخطوة باتّجاه تحجيم حضورها في الحياة السياسية. وتساءل بعض هؤلاء “من يحدد ضوابط الالتزام بالشريعة وحدودها؟ وما هو وضع أي من المواطنين من الديانة المسيحية إذا رغب في خوض الانتخابات؟”
ومن المعترضين البارزين على المادة القانونية المذكورة النائب السابقة في البرلمان جنان بوشهري التي اعتبرت إقرارها لا يهدف إلى خدمة الشريعة الإسلامية والدفاع عن الدين بقدر ما هو “مواءمة سياسية وعبث سياسي بالشريعة ذاتها وأحكامها وفتاويها.”