القضاء الفرنسي ينظر رفع الحصانة الوظيفية عن الأسد

قضاة التحقيق وضعوا حججا تبرز الشروط التي يمكن بموجبها رفع دولة أجنبية الحصانة الشخصية عن رئيس دولة أخرى بهدف فتح باب إضافي لمكافحة الجرائم ضد الإنسانية.
الاثنين 2024/06/24
الأسد يتمتع بالحصانة الوظيفية من الملاحقات القضائية باعتباره لا يزال في منصبه

باريس – يُنتظر أن تُصدر محكمة الاستئناف في باريس الأربعاء قرارها بالمصادقة على مذكرة التوقيف الفرنسية بحق الرئيس السوري بشتر الأسد الذي تتهمه فرنسا بالتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية أو إلغائها، وهي أول مذكرة توقيف تصدرها محكمة أجنبية بحق رئيس دولة في منصبه.

وكانت غرفة التحقيق قد نظرت في 15 مايو الماضي في طلب مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب في فرنسا بإلغاء هذه المذكرة باسم الحصانة الشخصية التي يتمتع بها رؤساء الدول في مناصبهم أمام المحاكم الأجنبية.

ويحقّق قضاة تحقيق من وحدة الجرائم ضد الإنسانية في محكمة باريس القضائية منذ العام 2021 في ملف الهجمات الكيميائية في 4 و5 أغسطس 2013 في منطقة درعا ودوما بالقرب من دمشق والتي أسفرت على إصابة 450 شخص وأخرى يوم21 أغسطس من نفس السنة في الغوطة الشرقية أدت إلى مقتل أكثر من ألف شخص بحسب الاستخبارات الأميركية.

وانتهت التحقيقات بإصدار أربع مذكرات توقيف في نوفمبر 2023 بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية وفي جرائم حرب.

وتستهدف مذكرات التوقيف إلى جانب بشار الأسد شقيقه ماهر القائد الفعلي للفرقة الرابعة في الجيش السوري وعميدين آخرين هما غسان عباس مدير الفرع 450 من مركز الدراسات والبحوث العلمية السورية إلى جانب بسام الحسن مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الإستراتيجية وضابط الاتصال بين القصر الرئاسي ومركز البحوث العلمية.

وأكد مصدر مطلع أن قضاة التحقيق قد وضعوا حججا حازمة تبرز الشروط التي يمكن بموجبها رفع دولة أجنبية الحصانة الشخصية عن رئيس دولة أخرى بهدف فتح باب إضافي لمكافحة الجرائم ضد الإنسانية.

من جهته أكد مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب قبل الجلسة "أن القيام باستثناءات لرفع الحصانة عن رؤساء دول في مناصبهم مخصص فقط لصالح المحاكم الدولية مثل المحكمة الجنائية الدولية."

وأضاف أنه "من دون التشكيك في وجود عناصر تثبت ضلوع بشار الأسد في الهجمات الكيميائية التي ارتكبت في أغسطس 2013 أراد مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب أن يرى محكمة عليا تبت في هذه المسألة".

وصدرت مذكرة توقيف بحق الأسد بناء على شكوى جنائية تقدم بها ضحايا فرنسيون-سوريون والمركز السوري للإعلام وحرية التعبير والأرشيف السوري ومبادرة عدالة المجتمع المفتوح ومنظمة المدافعين عن الحقوق المدنية.

ولم تخف محاميتا الجهة المدعية كليمانس ويت وجان سولزر قلقهما من أن يستفيد الرئيس السوري من حصانة ستكون بمثابة تأمين له من أي ملاحقة قضائية في فرنسا وسيخلق حالة من الإفلات من العقاب.

واعتبرت المحاميتان أن "الخطورة غير العادية للوقائع من الناحية التي تتمثل بارتكاب هجمات كيميائية متكررة ضد شعبه وصلابة ملف التحقيق الذي يثبت المشاركة المزعومة للرئيس من ناحية أخرى". كما أضافتا أنها "أمور تدعو إلى اتخاذ قرار يسمح أخيرا للضحايا الفرنسيين والسوريين بالوصول إلى العدالة".

وقالت المحامية كليمانس بيكتارت التي تتولى الدفاع عن سبع ضحايا "عبرنا مرحلة تتعلق بالحصانة الوظيفية ونأمل أن نعبر مرحلة أخرى الأربعاء".

ومن الممكن أن يبقى بشار الأسد الذي خلف والده حافظ في العام 2000 رئيسا حتى وفاته، دون ملاحقة باعتبار أن سوريا ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية.

وفي الأشهر الأخيرة، حركت عدة قرارات خطوطا تتعلق بالحصانة الوظيفية الممنوحة لعملاء دولة أجنبية. وحُكِم على ثلاثة من كبار المسؤولين في النظام السوري في مايو بالسجن مدى الحياة إثر محاكمتهم غيابيا في فرنسا بتهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

كما قضت محكمة الجنايات بأن "الجرائم ضد الإنسانية لا يمكن أن تشملها هذه الحصانة حين يؤدي إسقاطها إلى حماية الإنسانية في قيمها الأساسية والعالمية".

وفي قضايا سورية أخرى، توصلت محكمة الاستئناف في باريس في 5 يونيو الجاري إلى النتيجة نفسها بشأن الحاكم السابق للبنك المركزي السوري (2005-2016) أديب ميالة، وقضت بأن "طبيعة الجرائم" المتهم بها "تشكل استثناء يبرر استبعاد الاستفادة من الحصانة الوظيفية".