القضاء الجزائري يكتم صوت "راديو أم" المستقل بعد سجن مؤسسه

الجزائر - أعلنت إذاعة “راديو أم” لمؤسسها الصحافي المسجون إحسان القاضي، توقف نشر الأخبار على موقعها الإلكتروني، بعد حكم قضائي أصدرته محكمة الاستئناف قضى بحل الشركة الناشرة للموقع.
وجاء في بيان حمل توقيع صحافيي الموقع، “بقلوب مثقلة بالحزن. نعلن نحن صحفيي إذاعة وموقع “راديو أم” الإخباري، عن التوقف على النشر.”
وأشاروا إلى الضغوط التي واجهها الصحافيين خلال المدة التي عملوا فيها بالقول “لقد قاوم فريق الموقع قدر المستطاع. مررنا بتيارات باردة وعواصف عنيفة، التي، للأسف، لا يبدوا أنها تهدأ. في 13 يونيو الجاري، أكدت، محكمة الاستئناف بالجزائر العاصمة بأنّ الحكم الابتدائي المتعلق بحل شركة “أنترفاس ميديا”، الشركة الناشرة لموقع “راديو أم”. ومصادرة جميع أصولها المحجوزة. مع غرامة مالية قدرها عشرة ملايين دينار. كما أمرت شركة “إنترفاس ميديا” بتعويض هيئة ضبط السمعي البصري بمبلغ مليون دينار”.
الحكم يشمل غرامات مالية ثقيلة إضافة إلى مصادرة معدات البث والتصوير وأجهزة الإعلام الآلي في مكاتب الشركة
وختم الصحافيون رسالة وداعهم، “نتخذ اليوم قرار تعليق النشر، وهو الأكثر إيلاما لفريق عايش ميلاده وعمل على استمرار موقع راديو أم، إلا أننا نبقى متفائلين بإعادة إحياء حرية التعبير، والإفراج عن إحسان القاضي وجميع سجناء الرأي الآخرين، وبعودة صحافة مستقلة في الجزائر. قد يخبرنا بذلك المستقبل. وسيكون ذلك هو نضالنا”.
وكانت محكمة الاستئناف بالعاصمة قد قضت قبل عام بسجن مدير الشركة الصحافي إحسان القاضي سبع سنوات، ويكون خمس منها موضع تنفيذ، بناء على تهمة “تلقي أموال من الخارج بغرض تقويض الأمن في البلاد”.
وأدين إحسان القاضي في البداية بـخمس سنوات سجنا منها 3 نافذة ثم ارتفعت العقوبة إلى 7 سنوات بينها 5 سنوات سجنا نافذا، خلال استئناف القضية في يونيو 2023.
ويواجه الصحافي مؤسس “راديو أم” تهمة التمويل الأجنبي وفقا للمادة 95 مكرر من قانون العقوبات التي تعاقب “بالسجن من خمس إلى سبع سنوات وغرامة من 50 ألف دينار إلى 70 ألف دينار جزائري، كل من يحصل على أموال أو هدايا أو امتيازات للقيام بأعمال من المحتمل أن تضر بأمن الدولة”.
ونشر صحافي الإذاعة سعيد بودور، على حسابه في مواقع التواصل الاجتماعي بيانا لها، يفيد بأن محكمة الاستئناف بالعاصمة أصدرت حكمها في 13 من الشهر الحالي، مثبتة بذلك حكما ابتدائيا بحل شركة “إنترفاس ميديا”، التي تنتمي إليها الإذاعة التي كانت تبث برامج سياسية مصورة على الإنترنت، وتم إغلاق استديوهاتها بالعاصمة نهاية 2022، لكن بقي موقعها الإخباري ينشر على الرغم من حظره من طرف السلطات، وذلك بعد أن لجأ صحافيو الموقع إلى برمجيات خاصة لتجاوز المنع.
اقرأ أيضا:
وشمل الحكم غرامات مالية ثقيلة، إضافة إلى مصادرة معدات البث والتصوير وأجهزة الإعلام الآلي، التي كانت في مكاتب الشركة بوسط العاصمة، علما بأن “السلطة المستقلة للسمعي البصري” تأسست بوصفها طرفا مدنيا ضد شركة “إنترفاس”، وطالبت بتعويض مادي.
وأشار البيان إلى أن إغلاق الموقع يأتي بعد 11 سنة من إطلاقه، وأنه “كان طيلة السنوات الماضية منبرا للنقاش الحر”، مبرزا أن قوانين جديدة بدأت الحكومة بتطبيقها هذا العام، تخص الإعلام المكتوب والقنوات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية: “ما يجعل مواصلة نشاطنا أمرا مستحيلا”، في إشارة إلى احتمال تعرض العاملين في راديو أم، للمتابعة القضائية، لأن النشر الإلكتروني مشروط بترخيص من وزارة الاتصال.
واستذكر الطاقم الصحفي ظروف إنشاء الموقع بالقول “هذه الإذاعة التي ولدت في 2013 بين أسوار مطبخ صغير وسط الجزائر العاصمة، سرعان ما أصبحت وسيلة إعلامية أساسية لمحبي النقاش الحر والإعلام المستقل”. وأضافوا أنه “على مدار 11 سنة من النضالات والكفاح ومن النقاشات الحامية والرائعة، 11 سنة من الأمل الملفوف بطموح لا يتزعزع، طموح بلا تنازلات لكي نكون مصغين ومواكبين لكل التحولات التي تحدث في مجتمع فسيفسائي، متعدد وتعددي، غني شاب، ومتطلع”.
وتابعوا “لقد حاولنا أن نكون صدى وفيا لنبضات هذا المجتمع، كل النبضات، بتعقيداته، برغم كل الصعوبات وكل المحن وقد كانت كثيرة”.
وقال الصحافيون أنه “ستدخل ترسانة جديدة من القوانين المؤطرة للإعلام والمواقع الإخبارية حيز التنفيذ قريبًا مما يجعل مواصلة نشاطنا أمرًا مستحيلًا. وتشكل هذه القوانين، التي تقيّد الحريات بشكل أكبر بالنسبة للمؤسسات الإعلامية والمستقبلية، تهديدًا أكبر لعنوان اختار التعامل مع الأخبار الوطنية بكل موضوعية وترقية حرية الرأي والدفاع عن الحريات الديمقراطية”.