القضاء التونسي يعيد فتح ملفات قضائية مجمدة

تونس - فتح القضاء التونسي ملفات ظلت طيلة السنوات الماضية عالقة في أدراج المحاكم، في مقدمتها ملف تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر وملفات تتعلق بمرحلة ما بعد الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، وهي الملفات التي تتهم حركة النهضة بتعليق النظر فيها، مستفيدة من هيمنتها على القضاء.
وقررت هيئة المحكمة بدائرة العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس الإثنين، الاستماع إلى الجنرال العسكري والقائد السابق للجيوش الثلاثة رشيد عمار، بصفته شاهدا في قضية أحداث الثالث عشر من يناير 2011 بتونس الكبرى.
وبعد أدائه اليمين القانونية، عرضت رئيسة المحكمة عليه القضية المتعلقة بأحداث الثورة والتصدي للمظاهرات من قبل الوحدات الأمنية يوم الثالث عشر من يناير، والتي سقط فيها عدد من الشهداء والجرحى، وبيّن رشيد عمار أنه حينها كان يشغل وظيفة رئيس أركان جيش البر بوزارة الدفاع الوطني، وكان يتواجد بقاعة العمليات بالوزارة.
وقال رشيد عمّار إن رضا قريرة وزير الدفاع الوطني حينها، طلب منه يوم الرابع عشر من يناير 2011 إيقاف مدير الأمن الرئاسي علي السرياطي، متابعا “عند سؤالي لقريرة عن السبب.. أعلمني أن السرياطي يعمل على تنفيذ انقلاب في البلاد”.
وأضاف “طلب مني إطلاق النار على الطرابلسية في المطار الرئاسي، لكني لم أمتثل لذلك..”.
وعقب الاستماع لشهادة رشيد عمار في قضية أحداث الثالث عشر من يناير 2011 بتونس العاصمة، قررت المحكمة تأجيل القضية إلى جلسة يوم الرابع عشر من فبراير 2022.
ونهاية الأسبوع الماضي أصدرت محكمة تونسية أحكاما أولية بالسجن بين خمسة وأربعة وسبعين عاما، بحق ستة مدانين بإرسال تونسيين إلى “بؤر التوتر والإرهاب في سوريا وليبيا”، بحسب إذاعة محلية.
فوفق إذاعة “موزاييك أف.أم” (خاصة)، أصدرت الدائرة الجنائية المختصة بقضايا الإرهاب في المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة، “أحكاما قضائية بسجن واحد من خمسة متهمين محالين بحالة فرار مدة 74 عاما مع النفاذ العاجل، بعد إدانته بتكوين شبكة لتسفير شبان تونسيين إلى بؤر التوتر والإرهاب خارج التراب التونسي”.
وتابعت أن “الدائرة قضت بالسجن بحق خمسة متهمين آخرين موقوفين لفترات تراوحت بين 5 و8 أعوام”. ولم تذكر الإذاعة أسماء أفراد الشبكة المدانين.

وهذه الشبكة فككتها قوات الأمن بعد رصد تحركات عناصرها على مواقع التواصل الاجتماعي، وفتحها صفحات تحرض على الذهاب إلى بؤر التوتر والإرهاب في سوريا وليبيا، وعقب تمكن الشبكة من تسفير العديد من الشباب، بحسب الإذاعة.
ووفق اللجنة التونسية لمكافحة الإرهاب (حكومية)، في 2019، فإن “عدد المقاتلين التونسيين في بؤر الصراع بلغ حوالي 3 آلاف، عاد منهم إلى تونس 1000 عنصر إرهابي، وذلك منذ 2011 وإلى غاية أكتوبر 2018”.
وفي نوفمبر الماضي، أصدرت الدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف بسوسة (وسط شرق) حكمها معتبرا حضوريا في حق جميع المتهمين في قضية مقتل رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحين والقيادي الجهوي لحركة نداء تونس بولاية تطاوين (جنوب شرق) لطفي نقض، حيث قضت بإدانة متهمين اثنين من أجل القتل العمد وسجن كل واحد منهما مدة 15 عاما، وبثبوت إدانة متهمين اثنين آخرين من أجل المشاركة في القتل العمد وسجن كل واحد منهما مدة 15 عاما أيضا، وبسجن كل واحد من جملة المتهمين مدة عام واحد من أجل المشاركة في معركة حصل خلالها موت.
وكان نقض أول ضحية للاغتيال السياسي حيث تم تعنيفه إلى حد الموت وسحله في أكتوبر 2012 تحت حكم الترويكا ومن قبل محسوبين على ميليشيات حماية الثورة آنذاك بمن فيهم ناشطون من الإخوان، وفي نوفمبر 2016 قضت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بسوسة بعدم سماع الدعوى في حق جميع المتهمين وهو ما دفع إلى المزيد من التشكيك في حياد القضاء واستقلالية قراره.
وفي موقف لافت فتح الوكيل العام للدولة لدى محكمة الاستئناف بحثا تحقيقيا للتحري في ملابسات وفاة الرئيس السابق الباجي قائد السبسي، وذلك تنفيذا لأمر صادر عن وزيرة العدل ليلى جفال بالإذن في إجراء الأبحاث الجزائية اللازمة ضد كل من سيتم الكشف عن تورطه أو ضلوعه في الموضوع.
وجاء قرار وزيرة العدل بعد حديث الناشط السياسي محمد الهنتاني أثناء مقابلة تلفزيونية، عن شبهات تحيط بسبب وفاة السبسي الذي كان قد فارق الحياة في الخامس والعشرين من يوليو 2019 عن عمر ناهز 92 عاما.