القضاء التركي يلاحق ضباطا متقاعدين بتهمة انتقاد أردوغان

أنقرة - بدأ القضاء التركي جولة أخرى من الملاحقات ضد منتقدي الرئيس رجب طيب أردوغان الذي لطالما سعى إلى فرض نفسه على الجميع ولو بالإكراه من أجل تنفيذ أجنداته السياسية داخليا وخارجيا، والتي يرى منتقدوه أنها لا تأتي إلا ضد مصالح البلاد.
واستدعت النيابة العامة في أنقرة الخميس 84 مشتبها في إطار التحقيقات المستمرة حول بيان نشره ضباط متقاعدون برتبة أدميرال من القوات البحرية حول اتفاقية “مونترو” الموقعة منذ 85 عاما، والتي تضمن حرية عبور السفن المدنية عبر مضيقي البوسفور والدردنيل في السلم والحرب.
ونقلت وكالة الأناضول عن النيابة القول في بيان إن “مكتب التحقيق في الجرائم الإرهابية بدأ تحقيقا لتحديد الأشخاص المحتمل أن تكون لهم ارتباطات مع قرابة 103 من الأدميرالات الموقعين على بيان مونترو”.
وأوضحت أن المشتبهين يواجهون تهمة “الاتفاق على ارتكاب جريمة ضد أمن الدولة والنظام الدستوري”.
ودأب أردوغان منذ توليه الرئاسة في أغسطس 2014 بعد تحويل كل الصلاحيات بيده إلى حضّ الأجهزة الأمنية والقضائية على كتم أصوات منتقديه واعتقال كل من يخالفه الرأي ليكون المتفرّد بالسلطة، الأمر الذي جعل تركيا تعاني أزمات لا حصر لها جراء سياساته التي يرى كثيرون أنها عبثية.
وكانت النيابة العامة بأنقرة قد فتحت في الخامس من أبريل الماضي تحقيقا حول بيان أصدره عشرة ضباط متقاعدين والذي دعا إلى تجنب جميع أنواع الخطابات والأعمال التي قد تجعل اتفاقية “مونترو” الخاصة بحركة السفن عبر المضائق التركية موضوعا للنقاش.
أردوغان دأب على كتم أصوات منتقديه واعتقال كل من يخالفه الرأي ليكون المتفرّد بالسلطة، الأمر الذي جعل تركيا تعاني أزمات لا حصر لها جراء سياساته
وهذه الخطوة جاءت بعد أن اعتبر أردوغان بأن بيان نخبة من قادة البحرية التركية ناجم عن نيات سيئة، وأنه ليس من مهامهم نشر بيانات تتضمن تلميحات انقلابية.
واستبق أردوغان، الذي وصف اتهاماتهم بأنها “تتجاوز حرية التعبير”، بحملة اعتقالات طالت عشرة ضباط من أصل أكثر من مئة ضابط سابق وقعوا على البيان، والذي يمثل تحدّيا لسلطة الرئيس التركي.
وكان الموقّعون على البيان أكدوا على ضرورة الالتزام باتفاقية مونترو التي تنظم المرور عبر البوسفور والدردنيل، وهما مضيقان بين البحر الأسود والبحر المتوسط، وقالوا إنه تم استقبال النقاش حول الانسحاب المحتمل من الاتفاقية بقلق.
كما قالوا إنه يجب على القوات المسلحة التركية التمسك بمبادئ الدستور في تطبيق المعاهدات والاتفاقيات الدولية، في دليل يرى مراقبون أنه ينمّ عن وجود معارضة قوية لسياسات أردوغان التي جعلت البلد في عزلة إقليميا ودوليا.
وجاء تحذير الضباط المتقاعدين وسط مخاوف من خرق مشروع قناة إسطنبول لاتفاقية مونترو الموقعة في العام 1936 لعبور البوسفور، والتي ترعى استخدام القنوات البحرية التركية.
واعتبر الضباط في كتابهم المفتوح عملية شق قناة إسطنبول، وهي أحد أبرز مشاريع أردوغان، بأنها مشاريع “جنونية” لإحداث تحوّل على صعيد البنى التحتية من مطارات وجسور وطرق وأنفاق خلال عهده المستمر منذ 18 عاما.
وردّت وزارة الدفاع التركية حينها بأن “البيان لن يؤدي إلا إلى إلحاق الضرر بديمقراطيتنا والتأثير سلبا على معنويات ودوافع أفراد القوات المسلحة التركية وإسعاد أعدائنا”.
وشدّدت على أهمية “عدم استخدام القوات المسلحة التركية كوسيلة لتحقيق الأطماع والآمال الشخصية لمن ليست لديهم أي مهمّة أو مسؤولية”.