القصف الإسرائيلي على رفح يمهد لمأساة نزوح جديدة

الفلسطينيون ينتظرون أياما صعبة في مدينة رفح التي فر إليها مئات الآلاف من النازحين من بقية القطاع، وكانت بمثابة آخر ملاذ لهم. في الجانب الإسرائيلي تستمر المظاهرات للضغوط على حكومة نتنياهو من أجل التوصل إلى اتفاق لاستعادة المحتجزين في غزة.
غزة - قال مسؤولون في قطاع الصحة الفلسطيني السبت إن 18 فلسطينيا قتلوا في غارات جوية إسرائيلية في مدينتي رفح ودير البلح، مما زاد المخاوف من توسيع إسرائيل نطاق عمليتها البرية في آخر ملاذين فر إليهما السكان. يأتي هذا في وقت تظاهر فيه المئات من الإسرائيليين، السبت، في مدينتي حيفا (شمال) ورحوبوت (وسط)، ضد حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مطالبين بـ”إجراء انتخابات مبكرة الآن” وإعادة الأسرى المحتجزين في قطاع غزة.
وتقع مدينة رفح على الحدود الجنوبية لقطاع غزة مع مصر وفرّ إليها أكثر من نصف سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، وذلك في الوقت الذي يواصل فيه الجيش الإسرائيلي حربه المستمرة منذ أربعة أشهر تقريبا ضد حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس). وأضاف مسؤولو الصحة أن 14 شخصا بينهم نساء وأطفال قتلوا في غارة جوية إسرائيلية على منزل في رفح.
وتشن إسرائيل قصفا مكثفا منذ أشهر ردا على هجوم حماس على بلدات إسرائيلية في السابع من أكتوبر. وتسبب القصف الإسرائيلي في إلحاق الدمار بقطاع غزة وأشعل صراعا أوسع في المنطقة. وتقول السلطات الصحية في غزة إن إجمالي عدد القتلى المؤكد تجاوز 27 ألف فلسطيني منذ بداية الحرب من بينهم 107 قتلى سقطوا خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية مع مخاوف من وجود آلاف آخرين تحت الأنقاض.
وشنت إسرائيل حربا على حماس بعد الهجوم الذي شنه مسلحو الحركة على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر، مما أدى إلى مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة في غزة وفقا لإحصاءات إسرائيلية. ولا يزال أكثر من 100 من الرهائن محتجزين في القطاع.
◙ للضغط على نتنياهو من أجل تسهيل مفاوضات إطلاق سراح الأسرى تحرك الإسرائيليون مجددا لتسريع الاتفاق مع حماس
ويقول المسؤولون الإسرائيليون إنهم يسعون إلى القضاء على حماس وإعادة الرهائن، والكثير منهم من النساء والأطفال. ووصل عشرات الآلاف إلى رفح في الأيام القليلة الماضية حاملين أمتعتهم في أيديهم ويجرّون الأطفال على عربات منذ شنت القوات الإسرائيلية الأسبوع الماضي واحدة من أكبر هجماتها في الحرب للسيطرة على خان يونس، المدينة الرئيسية في جنوب قطاع غزة.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الخميس إن القوات ستتقدم الآن نحو رفح. وقال أحمد بسام الجمال، الذي قُتل ابنه في الهجوم، “مش شايف قدامي الدنيا سودا.. سودا ومش شايف ولا حاجة وغبرة ووساخة، بحسس إني أشوف وين جوالي، بدي أدور على كشاف إني أشوف وين أولادي بدوّر على ولادي لقيتهم مدفونين”.
وأضاف وهو يودّع ابنه في المستشفى “الناس جم ساعدونا بارك الله في الناس. طلعت أول واحد يامن هو اللي مبين كان الوحيد فيهم والباقي كله تحت الردم. طلعوا يامن وإيلين وسيلا وطلعوا أمهم بدور على بسام مش لاقيين بسام.. بسام مدفون مالحقنهوش والله ما لحقنا، الحمد لله”.
وفي مدينة خان يونس قال سكان إن الجيش فجر منطقة سكنية بالقرب من وسط المدينة. وفي مدينة دير البلح حيث يتركز ثاني أكبر عدد من النازحين، قال مسعفون إن أربعة أشخاص قتلوا في غارة جوية على منزل في وقت سابق السبت. وعلى الرغم من أن إسرائيل تركز هجومها في الجنوب، قال سكان ومسلحون إن القتال ما زال مستمرا في مدينة غزة. وذكر مسؤولو الصحة في غزة أن شخصين قتلا بنيران القناصة. ونفذت القوات الإسرائيلية عمليات اعتقال في حي تل الهوى بجنوب مدينة غزة.
وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته قتلت عشرات المسلحين الفلسطينيين في شمال غزة. وأضاف “خلال غارات استهدفت شمال ووسط قطاع غزة على مدار اليوم الماضي، قتلت قوات الجيش الإسرائيلي عشرات الإرهابيين ودمرت العديد من قاذفات الصواريخ المضادة للدبابات”.
وذكرت حركتا حماس والجهاد الإسلامي وجماعات مسلحة أخرى أصغر في بيان منفصل أن مسلحيها خاضوا معارك ضارية مع الجيش الإسرائيلي في شمال وجنوب قطاع غزة. وقال مسؤول من إحدى الجماعات المسلحة الفلسطينية “كل ما طال وجود قوات الاحتلال على الأرض كل ما صار أسهل أن نصل إليهم”. وأضاف في تصريح لرويترز “بيرتقي شهيد، بيجي غيره بياخد مكانه وبيحمل البندقية، إحنا على استعداد نقاتل لأشهر طويلة”.
وينتظر الوسطاء رد حماس على الاقتراح الذي صيغ الأسبوع الماضي مع رئيسي المخابرات الإسرائيلية والأميركية ونقلته مصر وقطر، وهو الأول لهدنة طويلة في الحرب. ولم يتضح متى سيزور قادة حماس القاهرة للرد على الاقتراح. والهدنة الوحيدة التي تم الاتفاق عليها لم يزد عمرها على أسبوع واحد فقط في أواخر نوفمبر، عندما أطلق المسلحون الفلسطينيون سراح 110 من النساء والأطفال والرهائن الأجانب في مقابل الإفراج عن سجناء فلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
وللضغط على نتنياهو من أجل تسهيل مفاوضات إطلاق سراح الأسرى تحرك الإسرائيليون مجددا لتسريع الاتفاق مع حماس. وقالت صحيفة “يديعوت أحرنوت” (خاصة)، إن المئات من الإسرائيليين شاركوا في التظاهرة ضد الحكومة عند مفترق “حوريف” بمدينة حيفا، مطالبين بإجراء انتخابات مبكرة.
كما طالب المتظاهرون بإطلاق سراح الأسرى المحتجزين في قطاع غزة، بحسب الصحيفة ذاتها. وحمل المشاركون لافتات كُتب عليها “الانتخابات الآن” و”أنقذوا الأسرى”. وفي مدينة رحوبوت، تظاهر العشرات أمام معهد “وايزمان” للعلوم، وهتفوا ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفق "يديعوت أحرنوت".
ومن المتوقع أن تزداد وتيرة التظاهرات ضد الحكومة وأخرى تطالب بإطلاق سراح الأسرى المحتجزين في قطاع غزة، وخاصة في مدينتي تل أبيب والقدس. ويتظاهر الإسرائيليون بشكل شبه يومي للمطالبة بإجراء انتخابات مبكرة وإطلاق سراح الأسرى في غزة، لكن التظاهرات المركزية تنظم يوم السبت.