القراءة الصيفية تنقذ الأطفال من ظاهرة التراجع المعرفي

مارسيلا رودريجوز
دالاس (الولايات المتحدة الأميركية) - يشعر المعلمون بالقلق في نهاية كل عام دراسي، إزاء ما يعرف باسم “التراجع المعرفي الصيفي” للتلاميذ، نتيجة فقدان التعلم بسبب الغياب عن المدرسة.
وذكرت صحيفة “دالاس مورننج نيوز” أن المشكلة تتضح بدرجة أكبر بين الأسر ذات الدخل المنخض، التي لا تلحق أطفالها بالمعسكرات الصيفية، أو بأي أنشطة أخرى تثري معارفهم.
وإحدى الوسائل التي يمكن عن طريقها التغلب على هذا التراجع المعرفي، هي تشجيع الأطفال على القراءة من أجل المتعة، وهي عملية يتم ربطها بفوائد تعليمية وصحية كثيرة، من بينها تعزيز قدرات الدماغ، وزيادة القدرة على التعاطف مع الآخرين، والحد من التوتر وبناء مفردات لغوية جديدة.
وتشير الدراسات إلى أن الأطفال الذين يقرأون من أجل المتعة، من المرجح أن ينجحوا في اختبارات القراءة، كما تشير الدراسات إلى أنه برغم هذه الفوائد، فإن كثيرين من الأطفال الذين تجاوزوا 13 عاما من العمر، في مختلف الولايات الأميركية، لم يمارسوا على الإطلاق القراءة من أجل المتعة.
وفي لقاء مع صحيفة دالاس مورننج نيوز، قالت ليندساي ماركزاك كبيرة مديري الأبحاث والتحقق، في “سكولاستيك” وهي أكبر ناشر لكتب الأطفال في الولايات المتحدة، إن تأسيس مكتبات بالمنازل، يمكن أن يحدث تغييرا حقيقيا يشجع الأطفال على القراءة.
وأضافت ماركزاك “عندما تتاح للصغار الفرصة لاختيار الكتب التي يريدونها، فستكون لديهم القدرة على اختيار القصص التي يحبونها بدرجة أكبر، وإذا كان لديك القرار إلى حد ما في اختيار الموضوعات التي ستقرأها، فمن المرجح أنك ستقبل على القراءة”.
وأوضحت أن إتاحة مجموعة متنوعة من الكتب ذات العناوين المختلفة، تدفع الأطفال إلى البحث عن الموضوعات التي تروق لهم.
وأكدت ماركزاك أنه “ما دام التلاميذ يقرأون، فلا يهم شكل ما يقرأونه”، مشيرة إلى أنه قد يكون الكتاب روايات ذات غلاف ورقي، أو قصصا مصورة، أو روايات وثائقية، أو من الكتب المسموعة، فالخيارات لا حصر لها”. وقالت “حتى لو قدمنا للطفل مجموعة صغيرة مكونة من خمسة كتب محدودة الفصول، فيمكنها منع التراجع في القدرة على القراءة، وكل كتاب إضافي يقرأه الطفل يمثل إضافة”.
من ناحية أخرى تدعو روزا ميندوزا، وهي أم تقيم في منطقة إيست دالاس، إلى تحويل القراءة إلى نشاط عائلي، وتقول إنها تحدد كل يوم أوقاتا لا يتم فيها استخدام منصات التواصل الاجتماعي، بما في ذلك أوقات تناول وجبات الطعام، مشيرة إلى أنها في الأوقات الخالية من استخدام المنصات، تسعى لإشراك أطفالها في القراءة والتعلم.
بينما قالت ماركزاك إن الأبحاث أشارت إلى أن الأنشطة البسيطة يمكن أن تشجع الأطفال على المزيد من القراءة، وأحد هذه الأنشطة هو القراءة معا والقراءة بصوت عال. كما أن تجميع أفراد الأسرة معا، لقراءة كتاب ومناقشة القصة، يعد وسيلة رائعة لإشراك الأطفال وإثارة اهتمامهم بالقراءة. ويمكن أن يتناوب أفراد الأسرة، في القراءة بصوت عال، وتبادل أفكارهم حول مضمون الكتاب.
وعندما تصبح القراءة نشاطا جماعيا، يشعر الأطفال بأنهم جزء من كيان أكبر، ومن المرجح بدرجة أكبر أن يستمتعوا بها.
ومن جهة أخرى تتيح الزيارات لمكتبة عامة، الفرصة لإطلاع الأطفال على مجموعات متنوعة من الكتب وبشكل غير مكلف ماديا، وتعرض المكتبات العامة الكتب وأيضا مسابقات في القراءة، وغير ذلك من الأنشطة.
وتقدم مكتبة دالاس العامة برنامجا للقراءة الصيفية، يطلق عليه اسم “الصيف الذكي”، ويتضمن مسابقات للأطفال واليافعين اعتبارا من سن الـ18 عاما فأقل، تتضمن مسابقة للقراءة لمدة 20 دقيقة يوميا.
وفي حالة تمكّن الأطفال من القراءة لمدة عشرة أيام، يحصل كل منهم على كتاب مجاني يمكنه أخذه إلى المنزل لضمه إلى مكتبته الخاصة، أما إذا نجحوا في مواصلة فترة القراءة لمدة 50 يوما، فتتاح لهم فرصة الفوز بجوائز، من بينها لوحات التزلج ودراجات وألعاب القفز المنفوخة بالهواء.
ويمكن للجميع المشاركة في هذا البرنامج، وهو مجاني ولا يتطلب الاشتراك المسبق في عضوية المكتبة، ويتم تشجيع الأطفال على تتبع مسار قراءاتهم اليومية على موقع إلكتروني، باستخدام تطبيق تقدمه المكتبة.
وتشير دراسة حول دور النموذج الأسري في تشكيل سلوكيات الصغار المستقبلية، إلى أن الأطفال يتعلمون من مشاهدة تصرفات الراشدين حولهم، ويحاكون فيما بعد هذه التصرفات التي يلاحظونها عندما كانوا صغارا، وهذا المفهوم ينطبق أيضا على عادة القراءة.
وتنصح هالي كرال، أمينة مكتبة دالاس العامة، قائلة “النصيحة الأولى التي أوجهها إلى الآباء، هي أن يمثلوا نموذجا إيجابيا يقلده الصغار، فعندما يشاهد أطفالكم أنكم تجعلون القراءة تحتل الاهتمام الأول لديكم، فمن المرجح بدرجة أكبر أن يقتفوا أثركم”.
والتعود على ممارسة القراءة اليومية خلال فترة التوقف عن الدراسة، يمكن أن يؤكد للأطفال مدى متعة القراءة.
ومن المرجح بدرجة أكبر أن يتجه الأطفال للقراءة، في حالة حصولهم على الكتب بسهولة، وتوصي كرال بنشر الكتب في جميع أنحاء المنزل، وتقول “إذا أتيح الكتاب في متناول اليد، فمن المرجح بدرجة أكبر أن يلتقطه الطفل”.