القبارصة الأتراك يحتجّون على عدم منحهم جنسيات وبطاقات هوية

تعديل لاحق على قانون منح الجنسية أعطى صلاحيات واسعة لوزارة الداخلية في تحديد من يمكنهم الحصول على الجنسية من بين ذوي الأصول المختلطة.
الأحد 2022/11/20
الآلاف من القبارصة صاروا فعليا من «عديمي الجنسية»

نيقوسيا - تقول العائلات ذات الأصل القبرصي جزئيا وتعيش في شمال قبرص، إن عدم القدرة على الحصول على بطاقة هوية معترف بها دوليا صادرة عن قبرص سيؤثر على مستقبل أطفالها إذا رغبوا في مواصلة الدراسة الجامعية أو العمل في الجنوب الأكثر ازدهارا.

وقد احتج قبارصة أتراك من أصول مختلطة السبت على ما يقولون إنه تأخير لا يمكن تفسيره في الحصول على الجنسية القبرصية، وهي قضية مثيرة للجدل في الجزيرة المنقسمة عرقيا.

ويقول نشطاء إن الآلاف من الأشخاص صاروا فعليا “عديمي الجنسية” لأنهم غير قادرين على الحصول على بطاقات هوية قبرصية، بسبب وقوعهم ضحايا للسياسات والصراع الذي مزق قبرص. ويقول جان عازر وهو محام وأب لطفلين مولودين في قبرص “لا نطلب معروفا. نريد حقوق أطفالنا”.

وكانت الجزيرة الواقعة في شرق البحر المتوسط قد قسّمت خلال غزو تركي عام 1974 بعد انقلاب قصير بإيعاز يوناني. وتمثل قبرص دوليا حكومة قبرصية يونانية. وتسمح عضوية الاتحاد الأوروبي للقبارصة بالسفر بدون تأشيرة إلى جميع دول الاتحاد، في حين أن الإدارة القبرصية التركية المنفصلة في شمال قبرص لا تعترف بها سوى أنقرة.

القبارصة الأتراك يطالبون بحقوق أساسية بالإضافة إلى الجنسية، مثل العمل في الشطر اليوناني من الجزيرة

وخرج نحو 100 من القبارصة الأتراك، بعضهم يحملون لافتات كتبوا عليها “الحب لا يعرف الهوية”، في مسيرة سلمية بأنحاء العاصمة المقسمة نيقوسيا على الجانب القبرصي اليوناني. ولم يكن من المعتاد في قبرص أن يحتج أفراد أحد المجتمعين في المناطق التي يسكنها المجتمع الآخر.

وينص القانون على أن يتم منح الجنسية لأي طفل يولد على الجزيرة إذا كان أحد والديه قبرصيا. لكن نشطاء يقولون إن تعديلا لاحقا أعطى صلاحيات واسعة لوزارة الداخلية في تحديد من يمكنهم الحصول على الجنسية من بين ذوي الأصول المختلطة، مما أضر بآلاف آخرين.

ويقدَّر عدد سكان قبرص بنحو 1.2 مليون نسمة وفق إحصاءات العام 2020، يمثّل القبارصة اليونانيون 77 في المئة منهم مقابل 18 في المئة من القبارصة الأتراك المسلمين، فيما تشكّل العرقيات والديانات الأخرى ما نسبته 5 في المئة من إجمالي السكان.

وتدعم تركيا قبرص الشمالية عسكريا واقتصادياً، حيث ترتبط بشكل أساسي بالاقتصاد التركي، ويستخدم سكّانها الليرة التركية كعملة أساسية. بينما يحتفظ الجيش التركي بنحو 30 إلى 40 ألف عسكري في شمال قبرص.

وتعاني جمهورية قبرص الشمالية من أزمة اقتصادية حادة، عقب القيود التي فرضتها جائحة كورونا، وأضرّت بسوق العمل، فقد أدى تراجع قيمة الليرة التركية بنسبة 44 في المئة مقابل الدولار في العام الماضي، إلى ارتفاع هائل في الأسعار وتجاوز التضخم 46 في المئة.

الإدارة القبرصية التركية في شمال قبرص لا تعترف بها سوى أنقرة

ويتهم  الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالتدخل في الانتخابات الرئاسية التي جرت في شمال قبرص قبل عامين، والتي فاز فيها حليفه إرسين تتار، على الرئيس المنتهية ولايته مصطفى أكينجي المؤيد لإعادة توحيد الجزيرة. بينما يطالب القبارصة الأتراك بالعديد من الحقوق التي يرون أنهم محرومون منها، وفي مقدمتها العمل في الشطر اليوناني من الجزيرة، فبعد عزلة طويلة، تم افتتاح معبرين في نوفمبر عام 2018، في خطوة هدفت لبناء الثقة بين الشطرين، بينما كانت توجد سبع نقاط عبور رسمية بين الجانبين، حيث كان يعود فتح آخر معبر إلى العام 2010. وقبل ذلك افتتحت نقاط عبور بدءاً من العام 2003 على طول “الخط الأخضر” الذي يخضع لسيطرة الأمم المتحدة ويقسم الجزيرة إلى شطرين.

يُذكر أنّ معاهدة استقلال قبرص التي تعود إلى العام 1960 نصّت على تمتع اليونان وتركيا وبريطانيا كدولة مستعمرة بحق التدخل لحماية سيادة الجزيرة، وهو ما يطالب القبارصة اليونانيون بإلغائه. ويعارض القبارصة اليونانيون بشدة احتفاظ تركيا بأي وجود عسكري في الجزيرة أو منحها حق التدخل العسكري حماية لمصالح القبارصة الأتراك.

وعلى الرغم من مرور ذكرى تأسيس جمهورية قبرص الشمالية، الثلاثاء الماضي، والتي تصادف 15 نوفمبر من كل عام، إلا أن القبارصة الأتراك لا يبدو أنهم يحتفلون بأوضاعهم المعيشية والقانونية. ويقول دوروس بوليكاربو من جماعة ”كيسا“ تعليقاً على حرمان القبارصة الأتراك من الجنسيات، إنه ومن وجهة نظر قانونية، فهذا يعدّ ”انتهاكاً واضحاً. لا يمكنك معاقبة الأطفال لأسباب سياسية وحرمانهم من حقوقهم”، بينما يشتكي عازر من أن أبناءه “يريدون الانتماء إلى قبرص، لكنهم الآن يشعرون بأنهم لا ينتمون إلى أي مكان”.

3