القاهرة تُغري المستثمرين بتطوير المناطق الصناعية

رجال الأعمال يطالبون بخفض أسعار الأراضي وإتاحة برامج ميسرة للسداد.
الخميس 2024/04/18
تحديث العمل أمر لا مفر منه

خطت الحكومة المصرية خطوة جديدة على طريق دعم الصناعة وتأكيد الاهتمام الكبير بترجمة الخطط الطموحة نحو إيجاد إستراتيجية متكاملة لهذا القطاع عبر مساعي إعادة هيكلة العديد من المناطق الصناعية، ودعم ثقة المستثمرين في الدولة.

القاهرة - سرّعت القاهرة جهودها لإثبات حرصها على المضي في تعزيز وتعميق التصنيع المحلي، وجذب المستثمرين عبر تبنيها إطارا لتطوير المناطق الصناعية، وهو أحد الاتجاهات المهمة التي تتصدر أولويات السلطات لتطبيق المفهوم الحديث للمجمعات الصناعية.

وكشف الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين أخيرا عن سعي الحكومة إلى إعادة هيكلة تلك المناطق، والتي مثلت تحديا للقطاع الخاص في السنوات القليلة الماضية بعد مغادرة العديد من المصنعين لها.

ويتزامن ذلك مع إدراج الصناعات المحلية والتصنيع ضمن أولويات البرنامج الاقتصادي للرئيس عبدالفتاح السيسي في فترة ولايته الثالثة.

وطالب مستثمرون بتوفير حوافز كافية للقطاع الخاص، خاصة ما يرتبط بخفض أسعار الأراضي لتشجيعه من أجل ضخ استثمارات جديدة في تلك المناطق.

وقال عضو مجلس إدارة اتحاد جمعيات المستثمرين سمير عارف إن “الحكومة تسعى في الفترة المقبلة لتطوير المناطق الصناعية وهذا يتطلب محفزات لنجاح تلك الخطوة، في مقدمتها توفير برامج متنوعة لسداد قيمة الأراضي مع السماح بخطط أطول للدفع”.

سمير عارف: يجب توفير التكنولوجيا الحديثة بالمناطق الصناعية
سمير عارف: يجب توفير التكنولوجيا الحديثة بالمناطق الصناعية

وتضم مصر 114 منطقة صناعية، تتوزع في 26 محافظة، تتركز 15 في المئة منها في القاهرة الكبرى، بينما تأتي الإسكندرية في المركز الثاني وتليها محافظات الصعيد، وفقا لبيانات الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.

وأكد عارف في تصريح لـ”العرب” على ضرورة أن تقوم الحكومة بإيجاد بيئة جاذبة للاستثمار في تلك المناطق عبر توفير البنية التحتية والمرافق الحديثة اللازمة بحيث تكون جاهزة للاستخدام الفوري.

وعكفت هيئة التنمية الصناعية على تطوير برامج تخصيص الأراضي على مدى العامين الماضيين من خلال خارطة الاستثمار الصناعي عبر الإنترنت، كما خفضت الهيئة التكلفة التي يتحملها المصنعون خلال العملية لتوفير الحوافز المالية.

ومن أبرز تلك الحوافز، خفض رسوم دراسة طلب تخصيص الأراضي وإلغاء رسوم تقديم العروض وتقليل رسوم جدية الحجز التي يتعين على المستثمر دفعها.

وأصبح بإمكان المستثمرين في الوقت الحالي دفع رسوم التراخيص الصناعية كل ثلاث أو خمس أعوام، بدلاً من دفعها للهيئة سنويا.

وشدد عارف على أهمية التعامل مع المناطق عبر أساليب تكنولوجية أكبر، خاصة ما يتعلق بضرورة وجود فاتورة إلكترونية لإيجارات المخازن والمصانع، كما ينبغي وجود مأموريات ضرائب لكبار المتعاملين للتيسير عليهم وعدم تعطيل الأعمال.

وفي ظل تطلعها إلى توطين الصناعات وتعزيز التصنيع المحلي، تخطط وزارة التجارة والصناعة، للإعلان عن 152 مشروعا جديدا خلال الفترة القليلة المقبلة.

وتركز المشاريع المزمعة بشكل أساسي على الصناعات الهندسية والمواد الخام والمواد المستخدمة في عدد من القطاعات مثل الأدوية.

وأشار عضو جمعية مستثمري الألف مصنع عمرو مطر إلى أهمية تطوير المناطق الصناعية بالاستناد على تجارب عالمية أو بتطبيق بعض التجارب المتطورة مثل تجربة الإمارات والتي تعد مثالا يحتذى به.

وحققت مصر بعض التقدم بالفعل في توطين صناعة عدد من المنتجات، مثل المسامير وبعض الأجزاء الأخرى التي اعتمدت البلاد على استيرادها بشكل كامل خلال الفترة الماضية.

114

منطقة صناعية في البلاد تتوزع في 26 محافظة تتركز 15 في المئة منها في القاهرة الكبرى

وقال مطر لـ”العرب” إنه “ينبغي التحرك في استكمال المجمعات المتكاملة بالتوازي مع تحديث المناطق وتكملة العجز في بعضها، بحيث تكون الصناعة محورا رئيسيا لدى السلطات وأن تكون لها الأولوية”.

وأضاف “سيسهم ذلك في إنجاح تحقيق توطين الصناعة وخفض الاستيراد الذي يهدد الاستقرار الاقتصادي في أي وقت بضغطه على الدولار”.

وتواجه الصناعة عددا من المشكلات في مصر، منها قلة الأراضي المجهزة بالمرافق والبنية التحتية، ومن بين التحديات الحالية ارتفاع تكلفة الطاقة ونقص البحث العلمي والتكنولوجي، إضافة إلى انخفاض القدرة التنافسية للسلع المصرية في الأسواق المحلية والعالمية.

ويرى مستثمرون أنه رغم وجود أفضلية لدى الصناعة ومنحها أسعار طاقة مختلفة، لكن ثمة حاجات يتطلبها القطاع منها خفض تكاليف الإنتاج وقد يتحقق ذلك بخفض أسعار الطاقة، ومن ثم قدرته على المنافسة عالميا وزيادة الصادرات، وبالتالي توفير العملة الصعبة.

ولفت مطر إلى أن الدول التي نجحت في تحقيق نهضة صناعية، منحت المستثمر الأفضلية ضمن المنظومة الصناعية ومنها ألمانيا والتي منحت الشركات المجمعات بأسعار زهيدة ولم تحمله أعباء المرافق والبنية التحتية.

وتقوم التجربة المصرية الحالية على توفير مناطق استثمارية بتوفير أراضٍ ووحدات صناعية كاملة المرافق عبر مطورين متخصصين في مجال التطوير الصناعي لرفع عبء تكاليف الترفيق عن كاهل الدولة، لكن ذلك يتسبب في رفع التكاليف على المستثمر في النهاية.

ومع اعتبار التمويل عائقا كبيرا بعد الارتفاع القياسي للفائدة في البلاد، وفي الوقت ذاته ضرورة الحصول عليه بغية الاستثمار بالمناطق الصناعية أو شراء وحدات بالمجمعات الصناعية.

ولكن المخاوف جراء ذلك هدأت بعد طرح وزارة المالية برنامج قروض ميسرة بقيمة 2.5 مليار دولار للمصانع نهاية مارس الماضي.

عمرو مطر: ينبغي على السلطات تطبيق تجارب الدول الناجحة
عمرو مطر: ينبغي على السلطات تطبيق تجارب الدول الناجحة

ويوفر البرنامج الجديد تمويلا ميسرا بفائدة لا تتجاوز 15 في المئة للأنشطة الصناعية والزراعية، ومن المقرر تخصيص النصيب الأكبر وبنحو ملياري دولار لتمويل رأس المال العامل، بالإضافة إلى 310 ملايين دولار لشراء الآلات والمعدات أو خطوط الإنتاج.

وفي محاولة للتغلب على معضلة ارتفاع الطاقة، تعمل هيئة التنمية الصناعية على تزويد المصنعين بالطاقة النظيفة بأسعار تنافسية لدعم النمو الصناعي المستدام.

كما تعمل الهيئة مع وزارة البترول لربط مناطق صناعية في الجنوب، منها قفط بمحافظة قنا، وجرجا وغرب طهطا بسوهاج، ضمن مشروع بكلفة 15 مليون دولار، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) لدفع المناطق الصناعية لتكون صديقة للبيئة.

وتراهن القاهرة على القطاع الخاص لتأسيس المناطق والمجمعات الصناعية، وهو ما لاح في الأفق أخيرا بتأسيس مجمع متكامل بمنطقة السخنة الصناعية تابع لشركة أوراسكوم للمناطق الصناعية، باستثمارات تقترب من 270 مليون دولار.

كما اقتربت شركة السويدي إليكتريك من إنشاء منطقتها الصناعية في مدينة 6 أكتوبر الجديدة، ومن المتوقع أن تبدأ الشركة أعمال إنشاء المنطقة والتي سيطلق عليها اسم “صناعية أكتوبر” نهاية أبريل الجاري، وفق رجل الأعمال أحمد السويدي.

10