القاهرة تنشئ مناطق صناعية ذكية لجذب الاستثمار الأجنبي

الحكومة والقطاع الخاص يعتزمان بناء مصانع قائمة على التكنولوجيا والاستدامة والتكامل.
الأربعاء 2022/05/25
مهمتك إسداء الأوامر ودع الخوارزميات تتولى الباقي

تعتزم الحكومة المصرية تدشين عدد من المناطق الصناعية الذكية أملاً في جذب الاستثمارات الأجنبية، لتخطو خطوة نوعية بعد إعلان ثلاث من كبريات الشركات العاملة في مجال تأسيس وتطوير هذه المناطق المتخصصة الشروع فيها أخيرا.

القاهرة - تسعى كيانات مصرية إلى الخروج من فوضى المناطق الصناعية وتوسيع الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي ودعم تطوير الأتمتة الصناعية، في محاولة لتقليل الاعتماد على العنصر البشري في الإنتاج.

وتعني الأتمتة الصناعية تطبيق الثورة الصناعية الرابعة في المجمعات المتخصصة وتعتمد على استخدام المعدات الآلية والروبوتات، وأنظمة التحكم، ونقاط البيانات الآلية ودمجها في المصنع لتعزيز الكفاءة والتشغيل بشكل مستقل إلى حد كبير.

ولذلك بدأ مطورو المجمعات الصناعية في مصر يتحركون نحو تطوير مجمعات صناعية ذكية تضم مجموعات من المصانع المبنية على مبادئ الاستدامة والتكامل وكفاءة الموارد وتقليل المخلفات.

وبدأت شركات مجموعة التنمية الصناعية التابعة لهيئة التنمية الصناعية المصرية وشركة بولاريس باركس والسويس للتنمية الصناعية في توفير الخصائص الذكية لمجمعاتها الصناعية من خلال إرساء البنية التحتية اللازمة وتكامل سلسلة التوريد.

سعيد يونس: يجب حل مشاكل المناطق الحالية لتحريك المشاريع

ووقعت وزارة التجارة والصناعة اتفاقا مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) مؤخرا لتحويل ثلاث مناطق صناعية إلى نماذج صناعية بيئية تسير على نهجها مناطق أخرى في مصر.

ومن المقرر أن تقدم اليونيدو الدعم لمصر عبر مجموعة من المساعدات التقنية والاستشارات المتعلقة بالسياسات، ويتكلف تنفيذ المشروع نحو 1.5 مليون يورو وتموله الحكومة السويسرية.

ومن المرجح أن تبدأ المرحلة الأولى قريبا في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، الواقعة شمال شرق القاهرة، حيث يقع مجمع شركة السويس للتنمية الصناعية.

وحققت الأتمتة الصناعية قفزات كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية، مستفيدة جزئيا من الاضطراب الذي تسببت فيه جائحة كورونا لنظام العمل المعتاد وتسارع تبني التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات.

ويتميز هذا التحول بتكامل الأنظمة الرقمية والمادية، والتي تتضمن الأتمتة في كل من خطوط التجميع وفي غرفة التحكم.

كما تعد الثورة الصناعية الرابعة النسخة المعدلة من ذلك، وتتضمن الحد الأدنى من التدخل البشري أو عدم وجوده وتكاملا على مستوى النظام لجميع المعدات وأنظمة التحكم ونقاط البيانات القادرة على العمل وجمع البيانات وحتى التنبؤ بها بشكل مستقل.

وأوضح سعيد يونس عضو جمعية مستثمري السويس أن البنية التحتية في المجمعات الصناعية الذكية تشمل تقنيات متنوعة مثل التعرف على لوحات التراخيص والكاميرات الأمنية وأعمدة الإنارة لشحن المركبات الكهربائية وأنظمة التحذير من الحرائق.

وقال في تصريح لـ”العرب” إن كل تلك الخصائص” تساعد على تعزيز الكفاءة ومنع حدوث أزمات غير ضرورية في كل المصانع التي يضمها المجمع”.

وبحسب شركة بولاريس باركس للتطوير الصناعي، تستخدم هذه المناطق أنظمة تصريف المياه مزودة بأجهزة استشعار وأجهزة توقيت لترشيد استخدام المياه ومنع التسرب، وهي ميزة مهمة للمناطق الصناعية الذكية، خاصة وأن استهلاك المياه يكون في العادة مرتفعًا للغاية.

Thumbnail

ويعتقد يونس أنه رغم إيجابية الخطة إلا أنه كان ينبغي حل المشكلات التي تعاني منها المجمعات الصناعية في السوق المحلية التي يزيد عددها على 120 منطقة صناعية.

وقال إن إزالة العقبات أمام تلك المجمعات “كان كفيلا بجذب الاستثمارات الأجنبية أيضا لأن عدم تطويرها يمثل عقبة أمام العديد من المشاريع الصغيرة والمتوسطة”.

ووفقا لتقرير حديث صادر عن منظمة اليونيدو فإن غالبية الشركات المصرية لا تزال في مرحلة الانتقال ولا تزال بحاجة إلى الانتقال من مرحلة الثورة الصناعية الثانية التي تتسم باستخدام خطوط إنتاج قياسية ومتطورة، إلى المرحلة الثالثة التي تتميز بإدخال تكنولوجيا المعلومات في الإنتاج والتحكم في الخطوط.

وجاءت مصر في المرتبة 68 من 100 دولة، والمرتبة 9 من بين 13 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في أداة تعقب محركات الإنتاج التي تقيم عوامل التمكين الرئيسية التي تضع الدولة في وضع يمكنها من الاستفادة من الأتمتة الصناعية، طبقا لأحدث تقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي حول الجاهزية للإنتاج في المستقبل.

ويأتي تدشين تلك المجمعات على غرار خطط الحكومة المصرية التي تهدف إلى تأسيس 38 مدينة ذكية جديدة ضمن مدن الجيل الرابع في جميع أنحاء البلاد كجزء من استراتيجية تطوير البنية التحتية طويلة المدى.

وهذه المدن تعني استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحسين استدامة وكفاءة وخدمات البنية التحتية بدءا من طريقة تشييد المباني ومواد البناء المستخدمة والتخطيط الحضري للمساحات والبنية التحتية التكنولوجية التي ستسمح بسرعات إنترنت عالية واستخدام التكنولوجيا في النقل والمياه وغيرهما.

سمير عارف: خطوة إيجابية تنعش الصناعة وتخفض انبعاثات الكربون

وتوجد بعض المجمعات الصناعية في مصر، مثل مجمع العلمين إي 2 التابع لمجموعة التنمية الصناعية التي تتبع تكنولوجيا متقدمة تساعد على اكتشاف أي مشكلة تقع في أي مكان داخل المنطقة الصناعية وتحديد ماهيتها، دون الحاجة إلى تعطيل أي عمليات أو هدم أي جدران لمعرفة مصدر المشكلة.

ويعد تكامل سلاسل التوريد أحد خصائص المجمعات الصناعية الذكية، فهي تعمل كمنظومة متكاملة للصناعات التي يمكن أن تتعاون لمشاركة البنية التحتية والخدمات والمرافق، وحتى المنتجات الثانوية والمخلفات للمساعدة في خفض التكاليف وتقليل المخلفات.

وأكد سمير عارف رئيس جمعية مستثمري العاشر من رمضان، بشرق القاهرة، أن هذه الخطوة تعزز من جذب الاستثمارات الأجنبية في قطاع الصناعة لما تتميز به هذه المناطق من التطوير ومواكبة التغيرات البيئية وتقليل الانبعاثات الكربونية.

وكشفت دراسة للمعهد العالمي للنمو الأخضر عن قدرتها على مساعدة المجمعات الصناعية الذكية في توفير التكاليف، لاسيما أن شبكة إعادة التدوير وإعادة الاستخدام في تايلاند أدت إلى توفير نفقات للشركات بنحو 15 مليون دولار سنويا.

وتشير هذه الدراسة إلى أن آسيا تعتبر القارة الرائدة فيما يتعلق بالتحول نحو المجمعات الصناعية الذكية.

وقال عارف لـ”العرب” إن “المصانع المصرية يجب أن تتسم بخفض بصمتها الكربونية كي تكون جذابة للاستثمارات الأجنبية”.

وأوضح أن خطة الاتحاد الأوروبي تقضي بفرض ضريبة كربون للتخلص من الطاقة الرخيصة، ويتطلب الأمر من المصنعين والمجمعات الصناعية التفكير في زيادة الكفاءة وتقليل انبعاثات الكربون.

كما لفت إلى أهمية توفير التمويل من جانب المؤسسات الدولية لتشجيع المصانع الراغبة في التصنيع بالمجمعات الذكية أو شراء مقرات فيها.

وبرر عارف موقفه من اتباع ذلك النظام بكونه يعزز من التكامل الصناعي، حيث يوفر أحد المصانع مخلفاته لتستخدم كمواد خام لمصنع آخر لخفض تكاليف المواد الخام وتقليل إنتاج المخلفات.

11