القاهرة تقود توافقا إقليميا لمنع انفلات القضية الفلسطينية

أشكينازي في القاهرة وعباس كامل في القدس لتثبيت التهدئة وضبط سلوك حماس.
الاثنين 2021/05/31
الطريق ما زال طويلا

القاهرة – كشفت التحركات السياسية المصرية عن إجماع إقليمي ودولي على العودة إلى فتح باب الحوار مع الأطراف الفلسطينية لمنع انفلات الأوضاع في الأراضي المحتلة.

وتعمل القاهرة على فتح المجال لاستئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين بعد تثبيت أركان وقف إطلاق النار والاتفاق على هدنة طويلة الأمد وشاملة، والتفاهم حول آليات إعادة إعمار غزة، وإنهاء ملف تبادل الأسرى مع حماس.

ويحتاج كل ملف من هذه الملفات وقتا لتخطي عقباته، لذلك ينصب جهد القاهرة على إيجاد مساحة تقنع كل الأطراف بأن مصالحهم الحيوية تقتضي فرملة جميع أنواع الاشتباك.

وعقد وزير الخارجية المصري سامح شكري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي غابي أشكينازي في القاهرة الأحد، تركّزت حول مجموعة من الملفات المتعلقة بالجانب الفلسطيني، فضلا عن قضايا ثنائية تستهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

محمد مشارقة: الحديث يتم عن هدنة طويلة الأمد وليس عن تثبيت وقف إطلاق النار
محمد مشارقة: الحديث يتم عن هدنة طويلة الأمد وليس عن تثبيت وقف إطلاق النار

وتزامنت زيارة أشكينازي مع وصول رئيس جهاز المخابرات المصرية اللواء عباس كامل إلى القدس ورام الله لمتابعة اتفاق التهدئة بين إسرائيل والفصائل المسلحة في غزة الذي تم التوصل إليه بوساطة مصرية في الحادي والعشرين من مايو.

واستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رئيس المخابرات المصرية، وقال نتنياهو إن اجتماعه مع عباس كامل في القدس تناول قضايا الأمن الإقليمي وسبل منع حماس، التي تحكم قطاع غزة، من الاستفادة من المساعدات المدنية في تعزيز قدراتها.

وكشفت مصادر فلسطينية أن نتنياهو أبلغ كامل بأن الهدنة والإعمار مرتبطان بصفقة تبادل الأسرى وإعلان حماس الدقيق أن جنديين مسجونين لديها حيان فعلا لأنهم يعتقدون أن حماس تتلاعب بهذا الموضوع.

ووجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي رسالة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس نقلها عباس كامل “تؤكد على دعم مصر الكامل للشعب الفلسطيني”، في إشارة إلى أن عباس هو الممثل الشرعي في أي محدثات سياسية قادمة.

وبحث الرئيس الفلسطيني مع رئيس المخابرات المصرية خلال لقائهما بمقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله آخر مستجدات جهود التهدئة الشاملة وإعادة إعمار قطاع غزة.

وقال الباحث الفلسطيني ومدير مركز تقدم للدراسات محمد مشارقة “علينا أن نراقب ما إذا كان كامل سينزل بطائرته في غزة أم سيكون ذلك عبر معبر عن طريق الإسرائيليين، فلهذا دلالته كي تقول مصر إن غزة مستقرة وتحت الجناح المصري ولا خوف ما دام مدير مخابراتها في قطاع غزة”.

وأشار مشارقة في تصريح لـ”العرب” إلى وجود طبخة متعددة الاتجاهات تشمل كل الأطراف لكنها في الوقت نفسه ليست نهائية وما زالت أمامها الكثير من الثغرات والألغام.

ونوه إلى أن اختيار رئيس الحكومة الإسرائيلية القادم خلال أيام سيكشف المزيد من تفاصيل هذه الطبخة، خصوصا إذا تم التخلي عن نتنياهو في تشكيل الحكومة.

وأكد على أن الحديث يجري عن هدنة طويلة المدى تمتد على عشر سنوات وليس عن وقف إطلاق النار فقط.

واعتبر عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير رخا أحمد حسن أن زيارة أشكينازي ترمي إلى التفاهم بشأن تقويض أي فرصة لإشعال الحرب مجددا، وإيجاد آلية مناسبة لإعادة إعمار غزة دون إشراك حماس فيها، والتشاور بشأن وصول المنحة القطرية إلى القطاع من خلال السلطة الفلسطينية وليس حماس.

شروط إسرائيلية

  • الهدنة وإعمار غزة مرتبطان بصفقة تبادل الأسرى
  • إعلان حماس أن الجنديين الإسرائيليين حيان

وأضاف حسن في تصريح لـ”العرب” أن وزير الخارجية الإسرائيلي قد يترك وفدا في القاهرة لاستكمال المباحثات غير المباشرة بين الطرفين، فمن المفترض أن يقوم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية بزيارة لمصر قريبا.

وترتّب الأجهزة الأمنية المصرية لإجراء مفاوضات غير مباشرة بين وفد إسرائيلي وآخر يمثل حماس في القاهرة، ما جعل لزيارة أشكينازي إلى مصر وجولات عباس كامل المكوكية بين تل أبيب ورام الله وغزة أهمية كي تكون المحادثات اللاحقة منتجة سياسيا، فإذا ضاعت هذه الفرصة قد يصبح تكرارها صعبا في المستقبل.

وتجد القاهرة دعما من قبل الإدارة الأميركية في تحركاتها الرامية إلى منع تدهور الأوضاع في المنطقة، وتأييدا من جهات إقليمية ودولية أخرى تؤمن بضرورة العمل على وقف التضارب في المسارات.

وترى السلطة الفلسطينية التي بدت معزولة الفترة الماضية أن هناك ملمحا إيجابيا لاستئناف دورها السياسي الغائب، والذي يمكن أن تخطفه حماس بموجب نتائج حرب غزة ما لم تستعد السلطة قدرا من لياقتها الإقليمية.

وتبذل مصر جهودا حثيثة للبناء على الأوضاع الحالية قبل برودها وقيادة عملية سياسية تعيد إليها دورها، وتضمن اقترابها من قراري الحرب والسلم لدى المقاومة الفلسطينية التي تترقب الموقف العام أو تتعامل معه بحذر شديد، خوفا من انعكاس الدور المصري سلبا على العلاقة الوثيقة بين المقاومة وإيران.

ويشير مراقبون إلى أن قيادة حركة حماس تمتنع عن البتّ التام في أي قضية من القضايا المطروحة للتداول، فهي لم ترفض الخطوط المتوازية لتحركات القاهرة وتنتظر حساب مكاسبها وخسائرها مما يتم تداوله حول ملفات هي طرف أصيل فيها.

وتميل إسرائيل إلى جسر الفجوة مع مصر وتشجيع العودة إلى الصيغة السابقة التي منحت القاهرة دورا مهما في القضية الفلسطينية، حيث تسعى تل أبيب إلى إعادة ترتيب البيت من الداخل في ظل ما خلفته حرب غزة من إخفاقات على المستوى الاستخباراتي، وفي ظل المناقشات الدائرة حول تشكيل حكومة وحدة وطنية دون نتنياهو.

Thumbnail

وتريد مصر العمل على التوصل إلى تهدئة شاملة طويلة الأمد في الضفة الغربية وغزة ودفع جهود إنهاء الانقسام بين الفصائل الفلسطينية، وتهيئة الأجواء لبدء استئناف المفاوضات مع إسرائيل، وبالتالي قطع الطريق على أي اجتهادات جديدة للتعاطي مع القضية الفلسطينية.

وترمي الجهود التي تبذلها مصر إلى استغلال الهدوء النسبي الحالي وتوظيف رغبة غالبية الأطراف في العودة إلى الصيغة القديمة التي حكمت بعض المفاصل الرئيسية في القضية الفلسطينية، وتحافظ لكل طرف على جزء معتبر من أهدافه.

وتعمل الولايات المتحدة على الانخراط في عملية سياسية طويلة المدى، وتبدي إسرائيل استعدادها للتجاوب معها، وتجدها السلطة الوطنية الفلسطينية فرصة لتسليط الضوء عليها واستعادة صورتها كجهة موثوق فيها لقيادة التسوية عن الجانب الفلسطيني، كذلك تحافظ حماس على موقعها في خندق المقاومة بلا تنازلات جوهرية مستفيدة من الحديث عن الهدنة وإعادة الإعمار وتبادل الأسرى لتعزيز صورتها السياسية.

1