القاهرة تفرج عن أكبر دفعة من المحبوسين لإنجاح الحوار الوطني

لجنة العفو الرئاسي بمصر تفرج عن 70 سجينا تتعلق بأغلبهم قضايا الرأي، مع التعهد بخروج دفعات متتالية خلال هذا الشهر.
الأربعاء 2022/10/12
خطوة في الطريق الصحيح

القاهرة – تواصل لجنة العفو الرئاسي بمصر الإفراج عن المعتقلين والمحتجزين والمحبوسين في قضايا سياسية وحريات وتعبير عن الرأي، في خطوة تهدف إلى إنجاح الحوار الوطني الذي دعت إليه وتشارك فيه مجموعة من القوى المعارضة بهدف تحقيق مصالحة وطنية شاملة.

وأعلنت لجنة العفو الرئاسي الثلاثاء صدور قائمة بالإفراج عن "70 محبوسا احتياطيا" في "أكبر دفعة" منذ تفعيل الرئاسة عمل اللجنة في أبريل الماضي.

ووفق بيان صادر عن طارق العوضي عضو "لجنة العفو الرئاسي"، قال إن أغلب ملفاتها متعلقة بـ"سجناء رأي".

وقال العوضي في بيان مقتضب عبر صفحته بفيسبوك إن "خلال ساعات اليوم (الثلاثاء) سيتم إعلان أسماء قائمة تضم 70 محبوسا احتياطيا، يتم الإفراج عنهم ضمن مبادرة العفو الرئاسي"، دون تفاصيل عن أبرز المفرج عنهم أو التهم الموجهة إليهم.

وفي بيان ثان، أضاف العوضي أن "إجراءات خروج تلك المجموعة بدأت".

وأكد أن تلك الإفراجات تمثل "أكبر دفعة منذ بدء إعادة تفعيل لجنة العفو"، واعدا بـ"خروج دفعات متتالية خلال هذا الشهر"، دون ذكر تفاصيل أكثر.

وكرر النائبان طارق الخولي ومحمد عبدالعزيز عضوا لجنة العفو، ما ذكره العوضي في بيانين منفصلين الثلاثاء.

وتحرص لجنة العفو الرئاسي، التي جرت إعادة تشكيلها في أبريل الماضي واستأنفت عملها بنشاط، على سد الثغرات وتضييق الفجوات لتأكيد جدية الدولة في حل أحد الملفات شديدة الحساسية، والتي يثار حولها لغط كبير بسبب أعداد المحبوسين وظروف الحبس التي يعيشونها، والتحديات التي تواجه من تم الإفراج عنهم للاندماج في المجتمع والعودة إلى وظائفهم وجامعاتهم عقب شهور أو سنوات من الانقطاع.

وهذه خامس قائمة عفو تصدرها اللجنة التي تتبع الرئاسة خلال 26 يوما، حيث تم إخلاء سبيل 46 و28 و39 و50 من المحبوسين احتياطيا في الخامس عشر والعشرين والخامس والعشرين من سبتمبر الماضي، والثاني من أكتوبر الجاري، بينهم الناشط العمالي البارز هيثم محمدين وصحافيان و5 سيدات.

ووفق القانون المصري، فإن النائب العام هو صاحب السلطة في إطلاق سراح المحبوسين احتياطيا، بينما لرئيس البلاد حق العفو عن كامل العقوبة أو بعضها للصادرة بحقهم أحكام نهائية.

وجرى تفعيل عمل لجنة العفو في أبريل الماضي، مع إعادة تشكيلها بتوجيه رئاسي تزامنا مع دعوة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي آنذاك إلى بدء أول حوار وطني منذ وصوله إلى السلطة صيف 2014، وصدرت عنها قوائم بعفو رئاسي وأخرى تشمل قرارات قضائية بإخلاء السبيل.

ومنذ دعوة السيسي إلى الحوار ارتفع عدد من أُطلق سراحهم بقرارات قضائية أو عفو رئاسي في "قضايا رأي وتعبير"، إلى ما لا يقل عن 380 منذ الرابع والعشرين من أبريل الماضي.

وكشفت تقديرات غير رسمية أن عدد المفرج عنهم وصل إلى 800 شخص من دون تحديد عدد المعارضين والنشطاء السياسيين بينهم، حيث قالت السلطات المصرية إنها "تلتزم بالقانون ولا تميز بين سجين وآخر والجميع لديها سواء".

ويظل ملف الإفراجات من القضايا التي تحظى باهتمام في مصر، وربما يتوقف عليه مقدار التطور في الحوار الوطني وما يمكن أن يتمخض عنه من مخرجات إيجابية، خاصة في المحور السياسي الذي تعتبره قوى معارضة الاختبار الذي يثبت مدى جدية الحكومة في إحداث التغيير المطلوب، وهو ما يجعله دائما محل أخذ ورد بين الطرفين.

وتباينت ردود الفعل بين القوى السياسية المصرية حول دعوة السيسي إلى الحوار الوطني، حيث عبر فريق عن تفاؤله وأمله في تجاوز فترة طويلة من إغلاق المجال العام والسياسي، وآخر شكّك في الجدية والجدوى النهائية.

وشككت قوى معارضة للحوار في جدية الحوار، معتبرة أن دعوة السلطات المصرية إلى هذا الحوار لكونها "مأزومة" وتعاني من ضغوط داخلية بفعل سخط شعبي ناتج عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وأخرى خارجية تتعلق بملف الحريات وحقوق الإنسان.

وأشارت إلى أن الأمر أجبر الرئيس السيسي على الدعوة إلى إجراء حوار وطني، فيما رد البرلماني وعضو مجلس أمناء الحوار الوطني أحمد الشرقاوي على التشكيك، في حوار مع "العرب" منذ ثلاثة أيام، قائلا "إنها بالتأكيد محاولة جادة ونأمل أن تظل جادة لتعديل هذه الأوضاع وإيجاد حلول حقيقية لأزماتنا الطاحنة التي تعددت أسبابه".

وأضاف أن "هناك ضمانتين مهمتين توافرتا بالقدر المناسب حتى الآن، الأولى الإفراج عن مسجونين سياسيين ومعتقلي قضايا الرأي، والضمانة الثانية تتمثل في المشاركة في الإدارة، وتحقق ذلك عبر مجلس الأمناء الذي أبدت أطراف المعارضة والموالاة رضاء كبيرا عنه بالنسبة إلى المقررين والمقررين المساعدين".

وطالبت الحركة المدنية الديمقراطية (معارضة) بعدد من الضمانات للمشاركة في الحوار، من بينها الإفراج عن معتقلين سياسيين ومسجونين في قضايا الرأي، حيث يرى معارضون أن وتيرة الإفراجات بطيئة وغير كافية، مع ضرورة المشاركة في إدارة الحوار من خلال مجلس الأمناء.