القاهرة تفتح نافذة النقل النهري أمام القطاع الخاص

تشريع يعزز تدفق الاستثمارات المحلية والأجنبية اعتمادا على مزايا تنافسية.
الثلاثاء 2022/12/06
رحلة ممتعة. مع ألف سلامة!

فتحت القاهرة نافذة جديدة أمام رؤوس الأموال المحلية والأجنبية الخاصة بتشريع يسمح بإحلال الهيئة العامة للنقل النهرى محل إدارات الملاحة الداخلية المختصة بالمحافظات وغيرها من الدوائر الحكومية لتسهيل منح التراخيص وتنظيم خدمات الركاب والبضائع.

القاهرة – أدخلت الحكومة المصرية رافدا استثماريا جديدا إلى اقتصادها يستهدف فوائض رؤوس الأموال التي تبحث عن اقتحام قطاع النقل النهري، والذي ظل بعيدا عن فلكها رغم المحاولات لجعله عمودا من أعمدة الاقتصاد.

وتراهن القاهرة اليوم على المزايا الكبيرة المتوافرة في هذا المجال، ومنها قدرته على نقل البضائع ذات الأحجام الكبيرة التي لا تتأثر سلبًا بعامل الوقت والسرعة بتكاليف أقل.

وصادق الرئيس عبدالفتاح السيسي على قانون إعادة تنظيم الهيئة العامة للنقل النهري، ويهدف إلى جذب الاستثمارات لتنمية هذا المجال وترقيته.

ويفتح التشريع الجديد الطريق أمام الاستثمار الخاص، وسيجري تكليف هيئة النقل النهري بمسؤولية ترخيص القوارب النهرية والرحلات النيلية والوحدات العائمة.

أحمد الشامي: القانون يُسهل التراخيص وينظم خدمات الركاب والبضائع
أحمد الشامي: القانون يُسهل التراخيص وينظم خدمات الركاب والبضائع

ويمكن أن تؤدي هذه الخطوة إلى طفرة في قطاع النقل النهري بعد إهماله سنوات، إذ تهدف فلسفة القانون الجديد إلى جذب المزيد من استثمارات القطاع الخاص إلى هذا المرفق الحيوي عبر تقديم تسهيلات وتوحيد جهة الاختصاص.

ومن المزايا التنافسية الكبيرة التي يمتلكها القطاع انخفاض تكاليف القوة المحركة بالمياه والاقتصاد في استهلاك الوقود وانخفاض التكاليف الاستثمارية، فضلا عن كونه من أقل وسائل النقل ضررًا للبيئة.

ووصل إجمالي الوحدات النهرية بنشاط نقل البضائع والركاب في مصر إلى 1466 وحدة بنهاية 2019، ويمتلك القطاع الخاص 944 منها ومعظمها آلية التشغيل.

ونقلت المنظومة 142.3 مليون راكب، علاوة على 16.7 مليون طن من البضائع خلال عام 2019 بإيرادات إجمالية بلغت 2.3 مليار جنيه (150 دولارا بأسعار ذلك الوقت).

وجاء مشروع القانون ليعيد إحلال هيئة النقل النهرى محل إدارات الملاحة الداخلية المختصة بالمحافظات، فى إصدار التراخيص الملاحية للوحدات النهرية غير الآلية، والعائمات الثابتة، وأطقم العاملين عليها، وخطوط التزام المعديات.

وتحل الهيئة محل قطاع تطوير وحماية نهر النيل بوزارة الموارد المائية في تحديد المراسي بجميع أنواعها والموانئ وإصدار التراخيص وإدارتها ووضع القواعد الخاصة باستخدامها والرسو عليها بخلاف المواد المعنية بتنظيم مجلس الإدارة واختصاصاته الجديدة.

وتأتي عملية التنظيم للتغلب على البيروقراطية التي عرقلت ضخ الاستثمارات في القطاع خلال عقود، فضلا عن مساعي القاهرة لتنويع سلة أنشطتها لجذب شرائح جديدة من المستثمرين لإنعاش اقتصادها، بعد ضجيج الإصلاحات التشريعية التي شهدتها الأعوام الماضية.

وتعزز الخطوة مساعي مجموعة موانئ أبوظبي الإماراتية لإنشاء ميناء نهري بمحافظة المنيا، حيث وقعت مذكرة تفاهم مع وزارة النقل المصرية في مارس الماضي ضمن خطة لاستثمار نحو 500 مليون دولار.

وأكد أحمد الشامي خبير اقتصاديات النقل أن التشريع يعزز جاذبية القطاع للاستثمارات، لأنه يتضمن تنظيما لخدمات النقل النهري للركاب والبضائع بين المحافظات.

وأشار في تصريح لـ”العرب” إلى أنه حدد الأُطر اللازمة لممارسة أنشطة نقل الركاب والبضائع والحاويات وتحديد الخطوط الملاحية وتشغيلها مع إدارتها من قبل الهيئة.

ومن العوامل التي تؤدي إلى تباطؤ الإقبال على القطاع السرعة والوقت، وهما سببان رئيسيان في انخفاض حصته من حركة نقل البضائع والركاب كون النقل البري وسيلة أكثر جاذبية للسفر أو نقل البضائع نتيجة عامل السرعة وتوافر البنية التحتية بشكل ملائم.

وقال الشامي إن “القانون الجديد من شأنه تشجيع الاستثمار في هذا المجال لأنه يسهل استخراج التراخيص والتصاريح للمشاريع عبر تدشين وحدة إدارية بهيئة النقل النهري للحصول على الموافقات اللازمة وذلك يشبه الشباك الواحد كتسهيل إجراءات الاستثمار”.

وباتت السلطات مطالبة بتعديل الرسوم المستحقة بما يتناسب مع الخدمات المقدمة والتكاليف التي يتكبدها المستثمرون أسوة بالنقل بالبري، لأنهم مطالبون بدفع الضرائب وغيرها من المصروفات التي توجهها الدولة لتحديث البنية التحتية للخطوط الملاحية والمائية.

1466

وحدة نهرية بالبلاد يمتلك القطاع الخاص 944 منها بحسب الإحصائيات عن عام 2019

وتدهورت البنية الأساسية للنقل النهري خلال السنوات الماضية لعدم وجود تشريع يحدد الجهة ذات الولاية على المجاري المائية.

وسبق أن تنازعت المحافظات ووزارة الموارد المائية والري ما تسبب في غلّ يد هيئة النقل النهري عن القيام بدور فعال في النهوض بخدمات القطاع.

ويعتقد عماري عبدالعظيم عضو شعبة السياحة باتحاد الغرف التجارية أن التشريع الجديد يعزز الاستثمار السياحي، إذ يمنح وزارة السياحة حق إصدار تراخيص المنشآت الفندقية والسياحية، على أن يكون ترخيص عملها كعائمة مائية في نهر النيل عبر هيئة النقل النهري.

وتتعاون موانئ أبوظبي مع الشركة المصرية للمحطات متعددة الأغراض لإعداد دراسة تفصيلية حول فرص الاستثمار في قطاع الملاحة النهرية بالتنسيق مع هيئة النقل النهري لتوسيع دائرة الاستفادة من النيل فى تنقل الأفراد وشحن البضائع، مرورا بالنهوض بالسياحة.

وتسمح التشريعات الجديدة للمستثمرين بالحصول على التزام بإنشاء أو تشغيل أو صيانة المرافق العامة في نهر النيل خلال شهر واحد من خلال مجلس إدارة الهيئة العامة للنقل النهري.

ويختص مجلس الوزراء في تحديد شروط وأحكام الالتزام أو تعديلها بناء على اقتراح الوزير المختص وبعد الحصول مسبقا على موافقة وزارة الدفاع بالنسبة إلى مواقع الموانئ.

عماري عبدالعظيم: انخفاض منسوب المياه بالنيل أبرز العوائق أمام القطاع
عماري عبدالعظيم: انخفاض منسوب المياه بالنيل أبرز العوائق أمام القطاع

ويتم ذلك بإصدار قرار منح الإلتزام الذي حدد القانون مدته بما يتراوح بين 5 و15 عاما تبدأ من تاريخ اكتمال أعمال البناء والتجهيز أو إتمام أعمال التطوير.

ولا يحق لصاحب الإلتزام التنازل عنه للغير دون الحصول على إذن من مجلس الوزراء، كما تؤول جميع المنشآت إلى الدولة في نهاية مدة الالتزام بلا مقابل وفي حالة جيدة.

ويثير هذا الأمر مخاوف بعض المستثمرين من أن تطول مدة الحصول على الموافقات خاصة المتعلقة بالجيش لأن الواقع يؤكد أنها تأخذ وقتا، لكن أصحاب الأموال يراهنون على زوال ذلك مع حرص الحكومة على تحسين مناخ الأعمال.

وأشار عبدالعظيم لـ”العرب” إلى أن هناك مشكلة كبرى تعيق النقل النهري والمراكب تتمثل في انخفاض منسوب المياه في بعض المناطق.

وقال إن “عمق المجرى الملاحي للنيل ينخفض إلى أقل من 150 سنتيمترا لفترات زمنية طويلة، ما يؤثر على حركة سير الوحدات النهرية في المناطق الضحلة”.

وتحد هذه العقبة من حجم ونوعية الوحدات النهرية، وتؤثر سلبًا على اقتصاديات النقل، فضلا عن وجود الأهوسة والكباري التي تتسبب في زيادة أزمنة الرحلات النهرية نظرًا إلى انخفاض السرعات عند هذه النقاط، وانتظار فتح وغلق الكباري.

وبجانب طول فترات الانتظار خاصة عند الأهوسة التي تمثل نقاط اختناق تؤثر على انسيابية المرور في المجرى الملاحي، حسب مذكرة لاتحاد الصناعات المصرية.

10