القاهرة تعتمد أضخم موازنة توسعية بأهداف طموحة

القاهرة تسعى إلى تجميل مؤشرات عجز الموازنة أمام صندوق النقد، حيث أعلنت عن خطة لترشيد الإنفاق بإبطاء معدل نمو الإنفاق إلى 3.5 بالمئة بنهاية العام المالي 2021 - 2022.
الأربعاء 2019/06/26
موازنة استعادة الثقة في الاقتصاد
 

وضعت الحكومة المصرية أهدافا طموحة في أضخم موازنة في تاريخ البلاد تتضمن خفض العجز ومستويات البطالة وزيادة معدل النمو عبر تعزيز الإنفاق على المشروعات، لكنها لم تكشف عن السبل العملية لتمويلها وما إذا كانت ستتضمن فرض ضرائب جديدة.

القاهرة- وافق البرلمان المصري على مشروع الموازنة العامة للسنة المالية المقبلة، التي تبدأ مطلع الشهر المقبل، بزيادة كبيرة في مستويات الإنفاق العام، مقارنة بالموازنة الحالية.

وذكرت وكالة الأنباء المصرية الرسمية أن موازنة العام المالي 2019–2020 تعتبر الأضخم في تاريخ البلاد بعد أن رصدت الحكومة للمرة الأولى حوالي 1.575 تريليون جنيه (92.3 مليار دولار).

وأشارت إلى أن رئيس البرلمان علي عبدالعال أحال تقرير لجنة الخطة والموازنة بشأن مشروعات القوانين وما ورد بها من ملاحظات الأعضاء والتوصيات لاتخاذ اللازم بشأنها، مطالبا اللجان النوعية بمتابعة تنفيذها.

وتستهدف القاهرة عجزا كليا في موازنتها العامة الجديدة بنحو 26 مليار دولار، أي بنحو 7.2 بالمئة مقارنة مع 8.4 بالمئة متوقعة بنهاية العام المالي الحالي، مقابل إيرادات تتجاوز حاجز 66.7 مليار دولار.

وإلى جانب الموازنة، وافق البرلمان على خطة التنمية المستدامة للعام المالي القادم، والتي تستهدف تحقيق معدل نمو اقتصادي قدره 6 بالمئة تقريبا، مقارنة مع نحو 5.6 بالمئة في خطة العام المالي الحالي.

وليد جاب الله: زيادة حجم الموازنة ستساعد في تعزيز مستويات النمو
وليد جاب الله: زيادة حجم الموازنة ستساعد في تعزيز مستويات النمو

وتستهدف الخطة أيضا خفض معدل بطالة عند 9.1 بالمئة، وتحقيق استثمارات كلية في حدود 1.17 تريليون جنيه (70 مليار دولار)، بنسبة زيادة 27 بالمئة عن استثمارات العام المالي الحالي.

وتعكس الزيادة في النفقات توجه الدولة نحو تحقيق التوازن والعدالة الاجتماعية بعد سنوات من الفوضى والاضطرابات التي أعقبت الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في يناير 2011، وفاقمت الأزمات الاجتماعية.

وعلق الخبير الاقتصادي وليد جاب الله على الموازنة العامة الجديدة، قائلا إن “مصر اختارت منذ بداية برنامج الإصلاح الاقتصادي أسلوب زيادة حجم الموازنة كأداة من أدوات زيادة حجم الاقتصاد”.

وأوضح جاب الله، وهو عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، في تصريحات لوكالة شينخوا الصينية أن ذلك التمشي سيؤدى إلى توفير أكبر عدد من فرص العمل، فزيادة حجم الموازنة العامة تؤدي إلى رفع معدلات النمو وخفض نسبة الدين مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي.

وأضاف أن الدولة “لديها طموح كبير، لذلك تبنت موازنة تريليونية في العام قبل الماضي ثم ارتفعت في العام الماضي إلى 1.4 تريليون جنيه (83.8 مليار دولار)، ونستقبل العام المالي القادم بموازنة أكبر، فى إطار تصاعدي اتخذته مصر للدفع نحو زيادة حجم الاقتصاد، بما يتناسب مع عدد السكان والموارد الطبيعية والإمكانيات الذاتية لمصر”.

وعن مستوى العجز المرتقب في العام المالي القادم، قال إنه “عندما نقيس العجز لا يجب النظر إلى رقمه، بل إلى نسبته من الناتج المحلي، والمستهدف في الموازنة الجديدة أن ينخفض العجز، وأعتقد أن مصر نجحت في النزول بمستوى العجز″ خلال السنوات الماضية.

وتوقع جاب الله أن تحقق مصر النمو المستهدف خلال العام المالي المقبل، خاصة أنها ستتجاوز 5 بالمئة في نهاية العام المالي الحالي. وقبل برنامج الإصلاح كانت مصر تحقق معدلات نمو بنحو اثنين بالمئة، ومع بداية البرنامج ارتفعت المؤشرات حتى تجاوز النمو 5 بالمئة، ومن الطبيعي أن يكون هناك طموح بأن يصل معدل النمو إلى 6 بالمئة في العام المالي القادم.

وتعتمد الموازنة المصرية بشكل رئيسي على الضرائب، حيث تمثل نحو 75.5 بالمئة من إجمالي إيرادات البلاد. وقد حددت الحكومة سقفا للاقتراض الأجنبي عند نحو 14.3 مليار دولار للعام المالي المقبل، في محاولة لكبح جماح زيادة تراكم الديون، من أجل خفض عجز الموازنة تدريجيا وضمان إيرادات لسد مدفوعات فوائد الديون.

وتهدف من هذا الاتجاه إلى خفض الدين إلى نسب تتراوح بين 80 بالمئة و85 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وكذلك نسبة الفائدة على الديون إلى 32 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وتسعى القاهرة إلى تجميل مؤشرات عجز الموازنة أمام صندوق النقد الدولي، حيث أعلنت عن خطة لترشيد الإنفاق بإبطاء معدل نمو الإنفاق إلى 3.5 بالمئة بنهاية العام المالي 2021 - 2022 مقارنة بمعدل الإنفاق الحالي البالغ 11.5 بالمئة.

الزيادة في النفقات تعكس توجه الدولة نحو تحقيق التوازن والعدالة الاجتماعية بعد سنوات من الفوضى والاضطرابات

وتخطط الحكومة لزيادة الإيرادات العامة بمعدل نمو يتراوح بين 12 بالمئة و16 بالمئة خلال السنوات الثلاث المقبلة ضمن استراتيجية مالية جديدة لم يتم تحديد ملامحها بعد، وتتصاعد المخاوف من أن تمعن القاهرة في جباية ضريبية جديدة.

وواصلت الاحتياطيات الأجنبية الارتفاع بشكل مطرد منذ أن أبرمت الحكومة المصرية اتفاقا على برنامج قرض بقيمة 12 مليار دولار مدته 3 سنوات مع صندوق النقد في نوفمبر 2016.

وتشير أرقام البنك المركزي إلى أن صافي الاحتياطيات الأجنبية ارتفع إلى 44.275 مليار دولار في نهاية مايو الماضي مقارنة مع 35 مليار دولار قبل ثلاث سنوات.

وتلقت مصر مساعدات وقروضا ومنحا وودائع ومنتجات بترولية بمليارات الدولارات من دول عربية خليجية حليفة، منذ عزل الجيش لحكومة جماعة الإخوان المسلمين في 2013 عقب احتجاجات شعبية.

10