القاهرة تسمح بتأسيس كيانات للاستثمار في الذهب

ضوابط جديدة تدفع القطاع الخاص إلى تدشين أول كيان للمعادن النفيسة في السوق المحلية.
الخميس 2023/04/20
معدن لا يقدر بثمن

جسدت مصر خطواتها باتجاه تنظيم تعامل صناديق الاستثمار في المعادن كإحدى القيم المالية المنقولة لتنويع الخيارات الاستثمارية والادخارية وتلبية احتياجات مختلف فئات المستثمرين، بما يسهم في تحسين مستويات الشمول المالي الذي تسعى الحكومة لتعميمه.

القاهرة - أقرت الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر مجموعة من الضوابط لتعامل صناديق الاستثمار في المعادن، بحيث تجوز لمجلس إدارة الصندوق أو لجنة الإشراف عليه الاستعانة بمقدمي خدمات حفظ المعادن المقيدين في السجل المعد لذلك.

ومن المفترض أن يلتزم مدير الاستثمار بالتعامل بيعا وشراء للمعادن من خلال الجهات المقيدة في السجل وموافاة الهيئة بنسخة من العقد المبرم بينه وبين مقدمي الخدمات.

وأقرت الهيئة ضوابط قيد وشطب مقدمي خدمات حفظ المعادن، إذ اشترطت توفر الحد الأدنى من المتطلبات الفنية والتكنولوجية التي تحددها الهيئة.

وإلى جانب ذلك الشروط الواجب توافرها في المقار والخزائن المحفوظة فيها موجودات الصندوق بطريقة مؤمنة، كذلك توافر نظم وأسس رقابة داخلية ومراجعة مالية، وما يفيد امتلاك نظام تخزين واسترجاع تعليمات الزبائن.

ويسعى الكيان الجديد إلى تنويع الأوعية الادخارية وجذب التدفقات النقدية إلى البلاد عبر الضمانات من الجهات الرسمية، خاصة أن الضوابط تستحدث إنشاء سجلات في الهيئة لقيد مقدمي خدمات حفظ المعادن والجهات المعنية بمباشرة مهام بيعها وشرائها.

أحمد أبوالسعد: هذه الكيانات تعزز جذب الاستثمار وتخضع لرقابة منظمة
أحمد أبوالسعد: هذه الكيانات تعزز جذب الاستثمار وتخضع لرقابة منظمة

ويترافق ذلك مع وضع اشتراطات لانضمامهم إلى السجل لضمان سلامة ودقة المعاملات والتأكد من ملاءة هذه الكيانات المالية والفنية لمزاولة هذا النشاط.

وعقب الإعلان عن الضوابط الجديدة كشفت شركتا إيفولف القابضة للاستثمار وأزيموت مصر عن إنشاء أول كيان للاستثمار في الذهب بالبلاد.

ويمثل هذا الكيان نوع من صناديق الاستثمار التي تمتلك أصولا متعلقة بالذهب والأنواع الأكثر شيوعا من صناديق الذهب، وهو الذي يمتلك سبائك ذهب مادية أو عقود الذهب الآجلة أو شركات تعدين الذهب.

وتعد صناديق الذهب أدوات استثمارية شائعة بين المستثمرين الذين يرغبون في التحوط ضد مخاطر التضخم المتوقعة.

كما أن المعدن الأصفر هو الملاذ الآمن للمستثمرين في أوقات اضطرابات الاقتصاد مثل الفترة الراهنة على الصعيدين العالمي والمحلي في مصر التي تشهد زيادات قياسية في أسعار السلع.

وواصل التضخم في مصر ارتفاعه إلى 32.7 في المئة خلال مارس الماضي على أساس سنوي من 31.9 في المئة في فبراير الماضي، بحسب بيانات جهاز الإحصاء، ليقترب من أعلى مستوياته على الإطلاق التي سجلها في يوليو 2017 والتي بلغت حينها 32.95 في المئة.

وفي ضوء ما تجيزه أحكام المادة 35 من قانون سوق رأس المال لمجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية يرخص للصندوق التعامل بالقيم المالية المنقولة، ومن بينها المعادن.

وتعمل صناديق القيم المنقولة على توفير سيولة للقطاعات التي تمتلك أصولا ثمينة معظمها منقول عبر توريق حقوق مالية عليها، وهو ما يلزم وجود شراكات مع كيانات تعمل في المجال الذي يتم توريق الحقوق عليه.

شركتا إيفولف القابضة للاستثمار وأزيموت مصر تنشئان أول كيان للاستثمار في الذهب بالسوق المحلية
شركتا إيفولف القابضة للاستثمار وأزيموت مصر تنشئان أول كيان للاستثمار في الذهب بالسوق المحلية

ولذلك أقرت الرقابة المالية إنشاء سجلات جديدة لقيد مقدمي خدمات الحفظ والتجارة المسموح بالتعامل معهم، وإصدار ضوابط قيد وشطب مقدمي خدمات حفظ المعادن كإحدى القيم المالية المنقولة بسجل الهيئة.

وعلاوة على ذلك توفير ضوابط القيد والشطب بسجل الهيئة للجهات التي يجب على صناديق الاستثمار التعامل معها في شراء وبيع المعادن.

وأعلنت إيفولف أنها بصدد الحصول على الموافقة النهائية لإطلاق صندوق الاستثمار في الذهب بعد أن حددت القرارات الملامح النهائية لإصدار صناديق الاستثمار في المعادن النفيسة ضِمن السوق المحلية.

وأوضحت أن المرحلة الأولى تتضمن الصندوق وطرح وثائق استثماره للاكتتاب، وسيكون تداول الوثائق في مرحلة لاحقة.

وقال أحمد أبوالسعد عضو مجلس إدارة البورصة المصرية إن “صناديق الاستثمار في الذهب تمثل إضافة قوية لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية إلى السوق، وإن التداول بتلك الصناديق سيتم بصورة منظمة تشجع على الإقبال عليها”.

وتكمن أهمية التجربة الأولى لصندوق الاستثمار في الذهب في أنها تكشف مدى قدرة تلك النوعية من الصناديق على استقطاب شريحة جديدة من المستثمرين في السوق المصرية، فضلا عن القدرة على جذب مدخرات المصريين العاملين بالخارج.

ويؤكد خبراء أن السوق قادرة على استيعاب هذا النوع الجديد من الاستثمار خاصة في الذهب، إذ تتوفر سيولة لدى شريحة من المستثمرين ويرغبون في تنويع استثماراتهم، وبالتالي يعزز ذلك تنويع الأدوات والآليات الاستثمارية في البلاد.

وأضاف أبوالسعد لـ”العرب” أن “صناديق الاستثمار في الذهب تواكب الثقافة المصرية التي تميل إلى اقتناء المعدن الأصفر كوسيلة ادخار، وهي تجمع بين الذهب كحلي وكأداة للاستثمار”.

إيهاب سعيد: خطوة جاءت متأخرة لكنها ستُنعش سوق الذهب محليا
إيهاب سعيد: خطوة جاءت متأخرة لكنها ستُنعش سوق الذهب محليا

ولكنه حذر من الانجرار وراء أي شركة سمسرة تزعم أنها تستثمر أموال الأفراد، ومن ثم يجب التدقيق واختيار الشركات المرخصة فقط.

ومن مزايا الاستثمار في تلك الصناديق أن المستثمر يشتري الورقة المالية التي ستكون مدعومة بغطاء من الذهب يتم إيداعه لدى أمين حفظ مرخص له من الهيئة العامة للرقابة المالية، كما أن الورقة المالية ستعكس سعر الذهب طبقًا للصعود والهبوط.

وبمعنى آخر أن الورقة المالية ستكون بديلا عن شراء وبيع الذهب من محال الصاغة التقليدية، لكنها تتميز بالسيولة للمستثمر إذ يمكنه بيع الورقة في أي وقت، ومن ثم خلق أداة جديدة في سوق المال وتعمل على التنويع في الأدوات المالية.

وأكد المحلل الاقتصادي المصري إيهاب سعيد أن الأداة الجديدة بمثابة نافذة استثمارية جديدة وهي خطوة تأخرت مصر في إطلاقها، وأن الذهب يعد ثروة قومية، لأن زيادة كمية الذهب في البلاد تدل على قوة الاقتصاد.

وأوضح لـ”العرب” أن الاستثمار في صناديق الذهب يحمي من تقلبات أسعار الصرف، وينعش التداولات عبر اقتناء سبائك الذهب وغيرها من أنواع المعدن الأصفر.

وأشار أيضا إلى أنه يمكن للأفراد الاستثمار بعيدا عن المصنعية، وهي الكلفة التي تضاف فوق السعر والرسوم الأخرى عند شراء الذهب من بائع المصوغ بغرض الاستثمار.

وتعمل القاهرة على زيادة إنتاج الذهب المحلي على المدى الطويل عبر منجم السكري وغيره، كما توسعت أيضا في طرح مناقصات للتنقيب عن المعدن النفيس في العام الماضي.

وكانت شركات بريطانية وكندية ومصرية قد فازت بمناقصة عالمية للتنقيب عن الذهب والمعادن في صحراء مصر الشرقية.

ويؤكد المحللون أنه على المقبلين على الاستثمار في هذه الأداة الجديدة معرفة أسلوب التداول وطبيعة الاستثمار في صناديق الذهب، لاسيما أن المستثمر إذا اشترى ذهبا وامتلك وثائق في الصندوق فإنه بذلك يملك تلك الوثائق دون امتلاك الذهب نفسه.

11