القاهرة تستعين بمنصة إنستاباي لزيادة تحويلات المغتربين

البنك المركزي يسمح للمصريين المقيمين في الخارج بإتمام عملياتهم المالية إلكترونيا.
السبت 2024/11/23
لا تترددوا في الانضمام إلينا

دخلت مصر رهانا جديدا لتعزيز تحويلات المغتربين بالاستعانة بالتكنولوجيا المالية وتطبيق إنستاباي، بهدف زيادة الحصيلة الدولارية بخزائن البنوك، وسط حرص من السلطات على تسهيل العمليات أمام العاملين بالخارج، وخفض التكاليف والمصروفات المترتبة عليها.

القاهرة – تعول السلطات النقدية في مصر على نجاح منصة إنستاباي لتحقيق رواج في الأموال المتدفقة من المغتربين ضمن خطتها لتعزيز قيمة تحويلاتهم لزيادة رصيد احتياطي البنك المركزي، وتسريعها وجذب الدولار، لكن خبراء يطالبون بمرونة أكبر في التطبيق العملي.

وإنستاباي هو تطبيق إلكتروني معمول به في مصر يتيح للزبائن الوصول المباشر إلى جميع الحسابات البنكية وتحويل الأموال لحظيا من خلال الهاتف المحمول، وقد لاقى انتشارا كبيرا في البلاد، لأن خدماته مجانية حتى نهاية العام 2024.

وأعلن وكيل محافظ المركزي لأنظمة الدفع الإلكترونية والخدمات المصرفية إيهاب نصر أثناء مؤتمر صحفي بالقاهرة مؤخرا أنه تم السماح للبنوك المحلية باستقبال التحويلات من الخارج عبر هذا التطبيق، ومن المزمع أن تتم الخطوة من دول الخليج خلال شهرين.

خالد الشافعي: قرار البنك المركزي يكتب النهاية للسوق الموازية للصرف
خالد الشافعي: قرار البنك المركزي يكتب النهاية للسوق الموازية للصرف

وتتطلب الخطوة عقد شراكات بين مصر والبنوك المركزية في الخارج، لذلك أبرم البنك المركزي اتفاقيات مع بنوك مركزية خليجية لإتاحة الخدمة، وتم الاتفاق مع عدة بنوك لتوفيرها من بينها مصرف الراجحي السعودي.

وبموجب هذا الأمر، فإن الأموال الواردة من الزبائن خارج مصر، بما في ذلك أسواق لخليج، سيتم صرفها أو إدخالها إلى الحسابات البنكية أو المحافظ الإلكترونية لحظيا، مقابل رسم يحدده البنك.

وكشفت مصادر مصرفية في تصريحات خاصة لـ”العرب” أن الرسوم ستكون ضئيلة للغاية، ولم تحدد حتى الآن، بهدف تشجيع المغتربين وتحفيزهم على استخدام تطبيق إنستاباي في التحويل، وسيتم صرف الأموال التي يتم تحويلها بالجنيه المصري.

ويسهم القرار في حصر تحويلات المغتربين بدقة، إذ تلعب دورا كبيرا في دخول العملة الأجنبية ضمن قنواتها الرسمية بدلا من استغلال الوسطاء لبعض الأفراد المغتربين لشراء الدولار منهم قبل تحويله إلى مصر.

وتشبه الخطوة الحالية، ضم الاقتصاد غير الرسمي إلى النشاط الرسمي بشكل غير مباشر، ومن المزايا لقرار المركزي المصري، التحويل اللحظي للأموال من الخارج، مع تعدد العملات المسموح بتحويلها.

ويرى خبراء أن الخطوة مع اشتراطها للحصول على حصيلة التحويل عبر إنستاباي بالجنيه المصري لن تكون عائقا في خفض استخدامها، مع اختفاء السوق الموازية للعملات في البلاد وتوافر العملة الأجنبية بالبنوك خلال الفترة الراهنة.

وقال الخبير الاقتصادي المصري خالد الشافعي لـ”العرب” إن “القرار يكتب النهاية للسوق الموازية للعملة، مع استبعاد هبوط سعر الدولار بها، وأنه يدعم مساعي السلطات النقدية لزيادة تحويلات المغتربين، خاصة مع انتشار البرنامج على نطاق واسع في مختلف أنحاء مصر.”

وحسب بيانات المركزي المصري، سجلت التحويلات أعلى مستوى لها خلال العامين الماضيين، حيث بلغت قيمتها 7.5 مليار دولار في الربع الثاني من العام الجاري، مقارنة بنحو 5 مليارات خلال الربع الأول، وعلى أساس سنوي، نمت هذه التحويلات بنحو 63 في المئة.

53

مليار دولار حجم التحويلات المالية التي تستهدفها الحكومة بحلول العام 2030

وتعتبر التحويلات مصدرا محفزا للاقتصاد، وهي مؤشر مهم للغاية يمنح السلطات الثقة في تنمية الصادرات وتحفيز سوق العمل، فضلا عن القدرة على الترويج لاستقطاب المزيد من رؤوس الأموال الخارجية.

وتستهدف الحكومة زيادة نمو تحويلات المصريين العاملين في الخارج بنسبة 10 في المئة سنويا خلال السنوات الست المقبلة لتصل إلى قرابة 53 مليار دولار في 2030، بالمقارنة بالمعدلات الحالية التي تدور في فلك 30 مليار دولار.

وتنوع القاهرة في خطتها لزيادة تحويلات العاملين بالخارج، حيث تخطط لتأسيس كيانات استثمارية مختلفة، تتراوح بين صناديق استثمار وشركات لتعزيز فرص استثمار مدخراتهم وجذب التدفقات أيضا من قبل المستثمرين الأجانب.

ويطالب محللون بمرونة أكبر من جانب السلطات المصرية في التعامل مع الأموال المزمع تحويلها عبر التطبيق، بمعنى عدم إلزام المتلقين للأموال باستلامها بالجنيه المصري، خاصة أن البعض قد يرغب في استخدام الدولار في التزاماته اليومية.

كما يرى خبراء آخرون أنه ينبغي عدم قصر تحويل الأموال عبر إنستاباي للأفراد فقط بل يجب أن يمتد للشركات، لأنه سوف تحدث طفرة كبيرة في التعاملات بين المستثمرين، وفي سمعة الاستثمار بالسوق المصرية.

لكن السلطات النقدية في مصر لن تسمح بمثل هذه الخطوة حاليا، لأنها ربما تحدث طفرة أكبر في تحويل العملة إلى الخارج في فترات يرغب البنك المركزي المصري استمرار الدولار لأطول فترة ممكنة داخل البنوك أو في الأسواق المحلية.

وأكدت الخبيرة المصرفية المصرية سهر الدماطي لـ”العرب” أن السلطات لجأت إلى تطبيق إنستاباي المعروف بالكفاءة العالية من أجل زيادة تحويلات العاملين بالخارج، بدلا من الانتظار لمدة يومين أو ثلاثة أيام لتلقي أهالي المغتربين تحويلات ذويهم المالية.

سهر الدماطي: الخطوة ستعزز تدفق العملات الأجنبية بسهولة من الخارج
سهر الدماطي: الخطوة ستعزز تدفق العملات الأجنبية بسهولة من الخارج

ومع تدهور إيرادات قناة السويس بسبب التوترات في جنوب البحر الأحمر ومخاوف السلطات من الاعتماد المستمر على الأموال الساخنة، جاءت هذه الخطوة لتوظيف التكنولوجيا في تسريع تحويلات المغتربين.

وفي سبيل تعظيم تدفقات المغتربين، تسعى القاهرة إلى تدشين شركة لتصدير العقار ليكون دورها تأجير وتملك الوحدات السكنية بالنقد الأجنبي بعائدات تتراوح بين مليارين وثلاثة مليارات دولار، وهي خطوة يمكن أن تجذب الأجانب، وتمكنهم من الحصول على إقامة لمدة تصل إلى 5 سنوات.

وأضافت الدماطي في تصريح لـ”العرب” أن “هذه الخطوة تدحض كل التوقعات بشأن وجود تعويم جديد للجنيه المصري وتؤكد جهود الحكومة لتحريك سرعة دوران العملة الأجنبية، وبالتالي تنشيط الاستثمار والقطاع الخاص.”

وتهدف الحكومة إلى فتح آفاق جديدة وفرص عمل للمصريين بالخارج، عبر مجالات يتزايد الطلب عليها، منها الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الحيوية، وخدمات تكنولوجيا المعلومات، والتمريض.

ويأتي ذلك في ضوء تقديرات تفيد بوجود فجوة تقدر بنحو 100 مليون فرصة عمل في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حتى عام 2040، ما يسمح بتسويق نحو مليون مصري، وذلك حسب مجلس الوزراء.

ومن المتوقع أن تشهد السوق المصرية الفترة المقبلة، طرح صندوق استثماري برأسمال يبلغ مليار دولار في وحدات قابلة للاكتتاب من المغتربين للاستثمار بمحفظة من أصول الحكومة عالية الجاذبية والعائد، في ضوء إستراتيجية ترمي إلى تعظيم الموارد من النقد الأجنبي.

10