القاهرة تدخل معركة التخلص من أعباء محطات الكهرباء

كشفت القاهرة عن خطط لخصخصة بعض محطات توليد الكهرباء، التي تم تشييدها حديثا، تمهيدا لتحرير أسعار الطاقة والتخلص من أعباء الدعم الحكومي، الذي يرهق الموازنة، إضافة إلى فتح الأبواب لاستثمارات القطاع الخاص في هذا المجال الحيوي.
القاهرة - أعلنت الحكومة المصرية أنها تعكف على دراسة عروض من شركتين صينية وماليزية للاستحواذ على 3 محطات للكهرباء تم الانتهاء من تشييدها في العام الماضي.
وقال محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة في مقابلة مع وكالة بلومبيرغ الأميركية للأنباء الاقتصادية إن “شركتي إيدرا باور هوليدينغ وبلاكستون زارو عرضتا علينا شراء ثلاث محطات عملاقة للكهرباء شيدتها شركة سيمنز الألمانية”.
وأكد أنه في حال إتمام الصفقة، التي لم يعلن عن قيمتها، فسيتم توقيع اتفاق شراء طاقة مع إحدى الشركتين وعلى أن تعملا إلى جانب سيمنز في إدارة تلك المحطات.
ويرى خبراء أن خطوة الخصخصة ستساعد القاهرة على خفض ديونها واستقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، التي تحتاجها بشدة، فضلا عن التخلص من أعباء توفير الطاقة للمواطنين في بلد يبلغ تعداد سكانه قرابة 100 مليون نسمة.
ويسمح القانون المتعلق بإنتاج الطاقة الكهربائية في صيغته الجديدة للقطاع الخاص سواء كانت شركات محلية أو أجنبية بالاستثمار في هذا النشاط الحيوي.
وأشارت مصادر مطلعة في وزارة الكهرباء إلى أن جميع العروض لا تزال تحت النقاش، ومن بينها بحث إمكانية طرح أسهم في البورصة المحلية.
ودشن الرئيس عبدالفتاح السيسي في يوليو العام الماضي محطات الكهرباء الثلاث، والتي بنتها سيمنز بتكلفة إجمالية بلغت 7 مليارات دولار.
وقد بنت سيمنز محطتين في العاصمة الإدارية الجديدة بالقرب من القاهرة ومدينة البرلس الساحلية بالتعاون مع أوراسكوم كونستراك. أما المحطة الثالثة، فقد شيدتها الشركة الألمانية مع السويدي إلكتريك في بني سويف على نهر النيل.
واكتفت سيمنز، التي تدير تلك المحطات بموجب عقد مع الحكومة يمتد لثمانية أعوام، بالتأكيد على أن اتفاقيات شراء الطاقة بين شركات المرافق وشركات إدارة المحطات الخاصة شائعة عالميا.
وقال المدير التنفيذي للشركة، عماد غالي، لوكالة بلومبيرغ إن “الشركة ملتزمة بتشغيل وصيانة تلك المحطات حتى العام 2024”.
ووفق المواصفات الفنية لهذه المشاريع العملاقة، التي تأتي ضمن خطط الحكومة لتعزيز إنتاج الكهرباء، فإن كل محطة تولد طاقة تقدر بحوالي 4.8 غيغاواط.
ورفضت زارو، التي تتخذ من لندن مقرا لها، التعليق على أي اتفاق محتمل، لكن إيدرا التابعة لشركة الصين العامة للطاقة النووية والمالكة لثلاث محطات للطاقة الحرارية تعمل بالغاز في مصر، قالت إنه “من السابق لأوانه تقديم أي تعليقات في هذا المنعطف”.
ونسبت بلومبيرغ لمساعدة نائب رئيس إيدرا، جنيفر عليا وونغ، قولها إن الشركة “تدعم جهود مصر لتصبح مركزا إقليميا للطاقة وتتطلع إلى أن تكون جزءا من هذه التطورات”.
وكانت شركة الكهرباء المصرية القابضة المملوكة للدولة قد حصلت على قرض لتمويل حوالي 85 بالمئة من تكلفة محطات توليد الكهرباء التي قدمها تحالف مصرفي بقيادة دويتشه بنك وبدعم من ضمان سيادي.
وتظهر أرقام ميزانية مصر للعام المالي الحالي، الذي ينتهي في أواخر يونيو المقبل أن الديون، التي ضمنتها وزارة المالية كانت 20.4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية النصف الأول من العام المالي، وكان ربع هذا المبلغ مستحقا لشركات الكهرباء.
وقال أحمد هيكل، رئيس مجلس إدارة شركة القلعة القابضة، وهي شركة استثمارية تعمل في قطاع الطاقة في مصر، إن الصفقة المحتملة تظهر استراتيجية اقتصادية إيجابية “تشمل طرقا غير تقليدية لإدارة التزامات الديون بطريقة تنتقل بها إلى خارج الميزانية العمومية”.
وأضاف “يجب أن ينظر إليها على أنها نجاح لجهود الحكومة لجذب الاستثمارات الأجنبية الكبيرة التي هي في أمس الحاجة إليها”.
وافتتحت شركة القلعة، أحد أكبر منتجي وموزعي الطاقة بالبلاد، في الفترة الأخيرة محطة للطاقة الشمسية بطاقة 50 ميغاواط في جنوب البلاد.
وعانت مصر خلال عامي 2012 و2013 من مشكلة انقطاع التيار الكهربائي عن غالبية المحافظات نتيجة تهالك الشبكات.
وقد استطاعت الحكومة بعد تولي السيسي السلطة حل جزء كبير من الأزمة حتى تلاشت تقريبا الآن، بعد توقيع سلسلة من العقود مع شركات دولية، في مقدمتها سيمنز.
ووقعت القاهرة في نوفمبر 2017 ثلاث اتفاقيات بقيمة 1.36 مليار دولار مع البنك الآسيوي وبنك التعمير الأوروبي ومؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي لتمويل أكبر محطة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية بمنطقة بنبان في محافظة أسوان.
وتشارك شركات ألمانية في تشييد 32 محطة يتضمنها المشروع البالغ تكلفته الإجمالية 2.28 مليار دولار، والذي يعد أول وأكبر مزرعة لتوليد الكهرباء في القارة الأفريقية والتي تعمل بتقنية المكثفات المبردة بالهواء.
وأعلن وزير الكهرباء الأسبوع الماضي، أنه سيتم رفع أسعار الكهرباء للاستهلاك المنزلي والتجاري، في إطار خطة إلغاء الدعم الحكومي للطاقة تدريجا بحلول العام 2021.
وسيبدأ تطبيق الزيادات الجديدة والمقدرة بنحو 14.9 بالمئة في سعر الكهرباء في مطلع يوليو المقبل مع بداية السنة المالية الجديدة.