القاهرة تحرك الجمود السياسي في ليبيا لتجاوز عقدتها مع الدبيبة

لقاءات لأطراف مختلفة للتشاور حول تشكيل سلطة تنفيذية جديدة تشرف على الانتخابات.
الأربعاء 2022/11/30
القاهرة مصرة على استبعاد حكومة الدبيبة

تشهد القاهرة تحركات واسعة بين قوى معنية بالأزمة الليبية لإعادة الحياة للمسار السياسي المتجمد منذ فترة، حيث تسعى هذه التحركات لتشكيل سلطة تنفيذية جديدة، وهو ما سيشكل اختبارا للعلاقة مع تركيا التي تتمسك بدعم رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة منتخبة.

القاهرة - وصل القاهرة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، وأجرى هؤلاء لقاءات مع مسؤولين كبار في مصر، وعقدت لقاءات على أصعدة مختلفة، وشملت الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، والذي يمكن أن يكون له دور لتجاوز بعض العقبات متمثلة في شرعية التعامل مع حكومة عبدالحميد الدبيبة في طرابلس.

وكشفت مصادر مصرية لـ”العرب” أن القاهرة لا تريد أن تقف عند أزمة الدبيبة بعد أن سحبت الاعتراف بشرعية حكومته وتريد توظيف رسائل الدعم التي تلقتها من أطراف محلية وإقليمية ودولية لضخ الدماء في المسار الدستوري الذي حقق تقدما في سلسلة اجتماعات عقدت في القاهرة في عهد المستشارة السياسية السابقة للأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني ويليامز ثم توقف عقب مغادرتها منصبها.

الهادي الصغير: هناك توجه نحو تغيير الحكومة وتشكيل مجلس رئاسي جديد
الهادي الصغير: هناك توجه نحو تغيير الحكومة وتشكيل مجلس رئاسي جديد

وأكدت المصادر ذاتها أن مصر تعمل على خطوط متوازية لإخراج الأزمة الليبية من جمودها، بعد أن توصلت إلى تفاهمات عامة مع تركيا يمكن أن تساعد على ردم الهوة بينهما، حيث تسبب التباعد في عرقلة خطوات كان من المفترض أن تساعد في إجراء الانتخابات، إذ دعمت أنقرة الدبيبة بينما رفضته القاهرة عقب انتهاء ولايته.

وحاول الدبيبة أن يبدو قريبا ومرنا وطرفا مؤثرا في الأزمة الليبية عندما أكد أنه “مستعد للتواصل مع الجميع دون استثناء وتجاوز كل الخلافات، والاستجابة إلى أي مبادرة لتعزيز الثقة بين مكونات الشعب الفاعلة وليست السلبية”.

ولفت أمام “مؤتمر المجتمع المدني نحو الانتخابات” في طرابلس الثلاثاء إلى أن ما يعطل الانتخابات “قانون إجراؤها، وهذا الأمر تتحمله الأجسام التشريعية والاستشارية التي تتعمد التعطيل الممنهج لها”، في إشارة واضحة إلى مجلسي النواب والدولة.

وأصبح تجاوز عقدة الانتخابات الطريق الرئيسي الذي يحظى بإجماع معظم الأطراف المعنية بالأزمة، والعمل على إيجاد حلول سياسية منتجة لها محل الفترة المقبلة.

والتقى وزير الخارجية المصري سامح شكري بالممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا في القاهرة الاثنين، وأكد خلال اللقاء معه على أهمية إتمام المسار الدستوري وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية من أجل إنهاء الأزمة في ليبيا.

ولفت شكري في بيان للخارجية المصرية إلى أنه “لا مجال لتنفيذ الاتفاقيات القائمة والالتزام بالاستحقاقات القانونية والسياسية دون وجود آليات محددة وأطر زمنية للتنفيذ، ومتابعة حثيثة من جانب المجتمع الدولي للأطراف المسؤولة عن التنفيذ”، ما يعني أن المرحلة المقبلة ستشهد تطورات إيجابية وعلى الجميع القيام بواجباته.

ويعد حسم ملف المناصب السيادية في صميم ما يرجى حاليا من تطورات وتسهيل الوصول إلى الانتخابات، وهو ما يعمل عليه حاليا رئيسا مجلسي النواب والدولة.

وأعلن عقيلة صالح من القاهرة أنه سيتم التوافق مع المجلس الأعلى للدولة على تغيير شاغلي المناصب السيادية.

ونص الاتفاق السياسي الموقع بين أطراف النزاع الليبي برعاية الأمم المتحدة عام 2015 على التشاور مع مجلس الدولة، وتم الاتفاق في مدينة بوزنيقة المغربية على تغيير رؤساء المناصب السيادية ووضع آلية لتعيين شاغليها بالتوافق بينهما.

وكان صالح وخالد المشري أعلنا توصلهما في أكتوبر الماضي إلى اتفاق حول تغيير شاغلي المناصب السيادية قبل نهاية العام الجاري، وهي النقطة المهمة في مسيرة التعاون بين الجانبين التي يمثل تجاوزها تخطيا لكثير من العقبات وتسهم في تمهيد الطريق لإجراء الانتخابات المختلف على آلياتها.

وأكد المجلس الأعلى في الخامس عشر من نوفمبر الجاري قبول ملفات الترشح للمناصب السيادية في: رئيس المصرف المركزي ومجلس إدارته ورئيس ووكيل ديوان المحاسبة ورئيس وأعضاء مجلس إدارة مفوضية الانتخابات ورئيس ووكيل هيئة الرقابة الإدارية ورئيس ووكيل وأعضاء هيئة مكافحة الفساد.

وطالب باتيلي بدعوة لجنة المسار الدستوري للانعقاد (في القاهرة) في أسرع وقت لأجل وضع القاعدة الدستورية التي تمهد الطريق لإجراء الانتخابات.

يوجد ما يشبه الإجماع بين الأطراف التي التقت في القاهرة على أن حكومة الدبيبة استنفدت أغراضها وصلاحياتها بعد انتهاء ولايتها القانونية

وقال عقب لقائه أبوالغيط “مجلس النواب أعطى صلاحية وضع القاعدة الدستورية للجنة المكوّنة من المجلسين (النواب والأعلى للدولة) التي اجتمعت في القاهرة عدة مرات وتوصلت لإنجاز جزء كبير من مهامها”.

وتحاول القاهرة مشاركة الجامعة العربية كمظلة مساعدة في المرحلة المقبلة بعد أن غاب دورها في الأزمة الليبية باستثناء حضور أمينها العام أو من ينوب عنه شرفيا الاجتماعات والمؤتمرات الإقليمية والدولية، وذلك لتخطي عقبة الدبيبة.

وقالت مصادر ليبية إن اجتماع صالح – أبوالغيط ركز على ضرورة إيجاد طريقة مناسبة لتحريك العملية السياسية ومنح أولوية لعودة انعقاد لجنة المسار الدستوري، وحسم مسألة التفاهم النهائي حول القاعدة الدستورية المطلوبة لإجراء الانتخابات.

وتسبب عدم وجود مبعوث أممي (قبل تعيين باتيلي) في تعطيل إنجاز القاعدة الدستورية، لأن اجتماعات اللجنة تتم برعاية أممية، وهو الدور الذي يفسر أسباب زيارة باتيلي للقاهرة في هذا التوقيت، حيث استضافت مصر عددا من اجتماعات اللجنة وحققت تقدما في كثير من القضايا التي عرضت عليها وكادت تنهي كل الخلافات، باعتراف ستيفاني، غير أن كل ذلك توقف بعد رحيلها.

وقال رئيس لجنة العدل وعضو لجنة المسار الدستوري بمجلس النواب الهادي الصغير في تصريحات إعلامية إن أهم الملفات التي يناقشها رئيس مجلس النواب خلال لقائه رئيس مجلس الدولة (في القاهرة) الاتفاق على سلطة تنفيذية شاملة وملف المناصب السيادية وملف القاعدة الدستورية، ومساعدة البعثة الأممية على الوصول إلى حل شامل في ليبيا يشمل الملفات السابقة ويؤكد انتهاء مدة السلطة التنفيذية. وتابع “هناك توجه نحو تغيير الحكومة ومعه أيضا تشكيل مجلس رئاسي جديد لأن الجسمين انتهيا قانونيا، فلقاء عقيلة والمشري يأتي برعاية مصرية”.

ويقول مراقبون إنه يوجد ما يشبه الإجماع بين الأطراف التي التقت في القاهرة على أن حكومة الدبيبة استنفدت أغراضها وصلاحياتها بعد انتهاء ولايتها القانونية، وفشلت في أداء مهامها ومن الواجب تغييرها واختيار حكومة تشرف على إجراء الانتخابات.ؤ

4