القاهرة تحرر الاستثمارات النظيفة من قيود البيروقراطية

رهان حكومي كبير على الشركات الأجنبية لإنعاش القطاع بعد الإخفاق في تدشين مشاريع جديدة.
الجمعة 2023/03/24
النقاش انتهى. حان وقت التنفيذ!

قررت السلطات المصرية إطلاق العنان للكيانات الخاصة الأجنبية لتدشين مشاريع جديدة في الطاقة المتجددة، حيث أن القطاع لم يشهد نموا كبيرا خلال 2022، لكن رغم تعطل الشبكة المحلية للكهرباء إلا أن المشاريع القائمة رفعت معدلات التوليد الناشئة عنها.

القاهرة- كثفت القاهرة من جهودها لتوسيع دور الشركات الخليجية والأجنبية في نشاط الطاقة النظيفة في البلاد والذي يعاني من نقص التمويل. وأعلنت هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة التابعة لوزارة الكهرباء والطاقة أخيرا أن جميع محطات الطاقة المتجددة خلال الفترة المقبلة ستنفّذ من خلال القطاع الخاص الخارجي.

ويتمثل الدافع الأكبر وراء القرار في أنه لم تشهد قدرات الطاقة المتجددة في مصر تطورا كبيرا العام الماضي، ورغم إيقاف ربط مشاريع جديدة على شبكة الكهرباء، إلا أن إنتاج المشاريع المستدامة من التيار نما بنسبة 7 في المئة.

ولم تنجح الجهود المبذولة لإضافة قدرات جديدة من الطاقة البديلة بسبب غموض خطط الحكومة لمشاريع المرافق المملوكة للدولة والتأخير في نظام المناقصات التنافسية، كما أن الطاقة الفائضة أعاقت تطوير مشاريع الطاقة المتجددة.

رمضان أبوالعلا: التمويلات الضخمة تتطلب كيانات كبرى لإنشاء المشاريع
رمضان أبوالعلا: التمويلات الضخمة تتطلب كيانات كبرى لإنشاء المشاريع

وشكّل نقص التمويل الخاص تحديا لافتا أمام تدشين مشاريع جديدة، لذلك تراهن القاهرة على الاستثمارات الخارجية، لأن الاتفاقيات المبدئية ومذكرات التفاهم التي وقّعت خلال مؤتمر المناخ بشرم الشيخ “كوب27” بدت كأنها تحركات وهمية حتى تجد التمويل وتنفذ عمليا.

ووقّعت مصر العام الماضي اتفاقيات مع شركات من القطاع الخاص لتنفيذ مشاريع ضخمة لطاقة الرياح بقدرة 29.5 غيغاواط خلال انعقاد “كوب 27” نوفمبر الماضي. وتضمنت الاتفاقيات مشروعين لطاقة الرياح بقدرة 10 غيغاواط، من المتوقع أن يكونا من بين أكبر المشاريع في العالم.

ومن المتوقع أن تتجاوز التكلفة الاستثمارية الإجمالية لهذه المشاريع مجتمعة 34 مليار دولار، لكنها في المراحل الأولى من التطوير ولا تتوفر تفاصيل حول كيفية تمويلها.

وقدرت هيئة الطاقة الجديدة أن ثمة استثمارات تقديرية في القطاع تتجاوز 4 مليارات دولار وقدرتها الإجمالية نحو 3500 ميغاواط، تنفذها شركات عربية وأجنبية.

وتشمل تلك الاستثمارات 5 مشاريع طاقة رياح في خليج السويس بقدرات إجمالية تبلغ 2800 ميغاواط ومشروعي طاقة شمسية بقدرة 700 ميغاواط.

كما أبرمت الحكومة الفترة الماضية في إطار تعزيز الطاقة المتجددة، نحو 23 مذكرة تفاهم مع شركات عالمية لإنتاج الهيدروجين الأخضر بإجمالي قدرات طاقة متجددة يصل إلى 95 غيغاواط.

وتتطلع مصر لتصبح مركزًا لتصدير الهيدروجين الأخضر ومشتقاته وجذب الاستثمارات الأجنبية لإنشاء مشاريع عديدة السنوات المقبلة.

وقال محمد سعدالدين عضو لجنة الطاقة باتحاد الصناعات المصرية إن “خطوة الحكومة تأتي في إطار تعزيز وتمكين القطاع الخاص بكل القطاعات وليس الطاقة المتجددة فقط، وهي خطوة تكرس من جذب الاستثمارات الأجنبية”.

وقامت مشاريع الطاقة المتجددة بتغذية نحو 25.6 غيغاواط ساعة من الكهرباء إلى شبكة الكهرباء العام الماضي، بزيادة قدرها 6.7 في المئة عن عام 2021، كما زاد إنتاج الطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح والوقود الحيوي.

42

في المئة نسبة الطاقة النظيفة المستهدفة في مزيج الطاقة للبلاد بحلول عام 2030

في المقابل، شهدت بعض المحطات تراجعا في التوليد، وعلى سبيل المثال جرى توليد نحو 4.4 ألف غيغاواط ساعة من الطاقة الشمسية العام 2022، ما يمثل انخفاضا بنسبة 2.2 في العام 2021.

وانخفضت قدرة طاقة الرياح المركبة هامشيا بمقدار 10 ميغاواط لتسجل 1.6 غيغاواط، بينما الطاقة الشمسية بمقدار 100 ميغاواط لتسجل 1.5 غيغاواط.

وأوضح سعدالدين لـ”العرب” أنه لا توجد مشكلة بشأن شراء الحكومة للطاقة المتولدة حال استثمار القطاع الخاص منفردا، لأن التعاقد يتم عبر آليات خاضعة لقانون الكهرباء، وتشتري الشركة المصرية لنقل الكهرباء القدرات المنتجة أو يتم بيعها مباشرة لشركات أخرى.

ويمكن أن يشهد القطاع تغييرا ملموسا الفترة المقبلة بعد حصول السلطات على تمويلات بأكثر من 550 مليون دولار من أوروبا والولايات المتحدة لمساعدتها على إزالة الكربون من بنيتها التحتية للطاقة.

ووافقت القاهرة على رفع نسبة مصادر الطاقة البديلة في مزيج الطاقة إلى 42 في المئة بحلول 2030، وحسب التصريحات الحكومية من المتوقع الإعلان عن استهداف جديد في يونيو المقبل، إذ تقدر هيئة الطاقة قدرات نمو هذا المجال بنحو 65 في المئة بحلول 2027.

وأوضح رمضان أبوالعلا خبير الطاقة المصري أن لجوء الحكومة إلى هذه الخطوة من شأنه أن يحدث انتعاشة في قطاع الطاقة المتجددة شريطة جذب المستثمرين، وأن هذا القطاع من القطاعات كثيفة رأس المال التي تتطلب تمويلا ضخما.

محمد سعدالدين: خطوة جيدة ولا مشكلات لشراء الحكومة للطاقة المتولدة
محمد سعدالدين: خطوة جيدة ولا مشكلات لشراء الحكومة للطاقة المتولدة

وتراهن القاهرة على الشركات الخاصة لأجل بناء أو تطوير نحو 2.8 غيغاوات من طاقة الرياح وستضيف الحكومة 252 ميغاواط من طاقة الرياح في خليج السويس.

ووفق هيئة الطاقة الجديدة فإن ثمة 700 ميغاوات أخرى من الطاقة الشمسية قيد التنفيذ من قبل شركات خاصة، كما تعتزم الحكومة بناء محطة للطاقة الشمسية بقدرة 20 ميغاوات في الغردقة.

وتسبب انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار في عرقلة عدد من المناقصات المتعلقة بإنشاء محطات طاقة شمسية مؤخرا، حيث يرغب الكثير من المستثمرين في إعادة تقييم عروضهم، ومن أبرزها محطة الطاقة في البحر الأحمر.

وأشار أبوالعلا في تصريح لـ”العرب” إلى أن دخول القطاع الخاص لا يكفي وحده للنهوض بقطاع الطاقة المتجددة ولا بد من تضافر كل الجهات الحكومية، مع الحرص على تلقي تمويلات من الدول الصناعية الكبرى لتدشين محطات متنوعة في مصر.

وتريد السلطات تقوية توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية والرياح من مصادر متعددة، كمحطة بنبان للطاقة الشمسية في أسوان جنوب البلاد التي تضم 32 موقعا لتوليد الكهرباء، إلى جانب توليد الكهرباء من السد العالي القريب منها.

وذكرت تقارير رسمية أن تشييد سد النهضة الإثيوبي لم يؤثر حتى الآن سلبا على قدرات الطاقة الكهرومائية في مصر، لأن معظم الطاقة الكهرومائية في البلاد تأتي من السد العالي بأسوان، وتبلغ قدرته 2.1 غيغاواط.

ونادرا ما يصل الإنتاج إلى هذا الرقم بسبب انخفاض مستويات المياه، لكن من المرجح أن يؤثر السد الإثيوبي على توليد الطاقة من السد العالي لاحقًا مع انخفاض مستويات المياه بصورة كبيرة.

11