القاهرة تتحوط من تقلب الأسعار بشراء كميات قياسية من القمح

3.8 مليون طن تستهدف الحكومة توريدها حتى شهر أبريل.2025
الثلاثاء 2024/08/13
في وقت الأزمات لا تهم الجودة!

تسعى مصر من خلال شراء كميات قياسية من القمح إلى التحوط من تقلب الأسعار في الأسواق العالمية خلال الفترة المقبلة، في حال استمرت اضطرابات الإنتاج بفعل تغير المناخ وارتباك سلاسل التوريد مدفوعة بقلة المحصول المحلي الذي لا يكفي لإطعام أكثر من 105 ملايين فرد.

القاهرة - عُرض القمح الأوكراني بأقل سعر عند 244 دولارا للطن في أكبر ممارسة منفردة طرحتها مصر على الإطلاق، وهو سعر يقول تجار إنه مرتفع بسبب شروط السداد الآجل وامتداد المدى الزمني للشحن أطول من المتوقع.

وبلغ عدد العروض المقدمة 102 من 15 موردا في الممارسة التي تسعى للحصول قرابة أربعة ملايين طن للشحن في الفترة الممتدة من شهر أكتوبر المقبل إلى غاية أبريل 2025، فيما اعتبر البعض الخطوة تحوطا من تصاعد الاضطرابات العالمية وتداعيات تغير المناخ.

وذكر متعاملون لرويترز الاثنين أن السعر الذي تلقته الهيئة العامة للسلع التموينية يتعلق بشراء نحو 60 ألف طن من القمح الأوكراني للتسليم على ظهر السفينة.

والعرض المقدم من شركة أولام هو للشحن في الفترة من الأول إلى 15 أكتوبر المقبل، فيما رفضت الهيئة عرضا واحدا من شركة الظاهرة الإماراتية، بحسب المتعاملين.

وفي يوليو الماضي اشترت الهيئة من روسيا 720 ألف طن من القمح، و50 ألف طن من بلغاريا في ممارسة دولية، واعتبرها متابعون أكبر عملية شراء منفردة لمصر منذ عام 2022 بعد انخفاض أسعار القمح الروسي.

وعن ارتفاع السعر قال متعامل محلي لرويترز، لم تذكر الوكالة هويته، إن “العاملين الأساسيين وراء رفع الأسعار هما الاعتمادات 270 يوما وعوامل المخاطر”.

نعمان نصر: الكمية المطلوبة تغطي النقص حتى بداية الموسم المقبل
نعمان نصر: الكمية المطلوبة تغطي النقص حتى بداية الموسم المقبل

وقال “لا أحد يضمن الظروف السياسية أو على مستوى الأسواق، كل هذا يدخل في الحسبان، لكن الموردين أموالهم ستبقى معلقة حتى انتهاء الصفقات”.

وأضاف “مع ذلك، فإن المنطق يقول علينا شراء القليل حتى شهر ديسمبر، وهذا أمر صعب التوقع، غير أن المسؤولين لديهم أسعار مختلفة كانوا يتوقعونها، فهل ستؤثر المفاجأة على قرارهم؟ دعونا ننتظر ونر”.

وطرحت الهيئة، مشتري الحبوب الحكومي في مصر، الأسبوع الماضي ممارسة دولية لاستيراد 3.8 مليون طن من القمح، في تغيير لإستراتيجيتها، وتم اعتباره وسيلة للاستفادة من تراجع الأسعار العالمية في الآونة الأخيرة.

ويعتقد الكثير من المتابعين أن مصر، التي تحتاج سنويا إلى أكثر من 20 مليون طن من القمح لتغطية طلب الاستهلاك المحلي، تسعى إلى استغلال تراجع الأسعار هذا الشهر إلى أدنى مستوياتها في أربع سنوات تقريبا.

وقال تاجر أوروبي لرويترز “أعتقد أن من الممكن أن تشتري الهيئة الكمية الكاملة. هناك عدد لا بأس به من العروض لكل من القمح والشحن البحري”.

وأضاف “لكن شروط السداد الآجل تبدو وكأنها ستزيد كلفة الشراء على الرغم من انخفاض الأسعار وقيام روسيا بتخفيض ضرائب التصدير”.

ومصر واحدة من أكبر مستوردي القمح في العالم، وتستخدم هذه الواردات بالأساس لتوفير الخبز المدعم لعشرات الملايين من المواطنين. وتستورد هيئة السلع التموينية وحدها نحو 5.5 مليون طن من القمح سنويا لتغطية احتياجات برنامج دعم الخبز.

وعانت البلاد من ارتفاع التضخم خلال العامين الماضيين، وكانت بحاجة إلى دعم صندوق النقد الدولي ودول الخليج، التي ضخت مليارات الدولارات على شكل قروض واستثمارات في عام 2024 وحده، لمعالجة أزمة النقد الأجنبي.

ووفقا للموازنة العامة، فإن الهيئة العامة للسلع التموينية تستهدف توفير 8.25 مليون طن من القمح من أجل الخبز المدعم، سواء من المزارعين المحليين أو عن طريق الاستيراد، بكلفة إجمالية قدرها 96 مليار جنيه (1.95 مليار دولار).

واشترت الحكومة بالفعل حوالي 3.6 مليون طن من المحصول المحلي هذا العام بسعر يبلغ 13 ألف جنيه (419 دولارا) للطن الواحد.

ونشبت أزمة القمح في مصر مع تفاقم مشكلة نقص الدولار، وليس لارتفاع سعره عالميا، وحدث صعود محدود عقب انسحاب موسكو من مبادرة تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود.

ويتوفر القمح عالميا دون أدنى صعوبات، إذ تصدره نحو 22 دولة، لكن روسيا وأوكرانيا تستحوذان على 25 في المئة من المعدل العالمي، وما شهدته الأسواق الدولية من عدم استقرار بشأن القمح جزء منه بسبب تغيرات المناخ والجفاف.

وهذا الوضع أدى إلى زيادة الطلب على القمح من جانب بعض الدول، وهو ما تبعه نمو الإقبال عليه على حساب البلدان النامية والفقيرة، بما قاد إلى رفع أسعاره.

244

دولارا سعر طن القمح الأوكراني، وهو مرتفع بسبب آجال السداد وطول مدى الشحن

وتلقت مصر، وهي أكبر مستورد للقمح في العالم، الدعم من مؤسسات دولية لتمويل واردات القمح منذ تسبب الحرب بأوكرانيا في اضطراب أسواق الغذاء العالمية، فضلاً عن احتداد أزمة نقص العملات الأجنبية في البلاد.

وقال نعماني نصر المستشار السابق لوزير التموين المصري “3.8 مليون طن المطلوبين في الممارسة هما الفرق بين المتوفر في هيئة السلع من المحصول المحلي والاستيراد الذي تم، والاحتياجات لغاية الموسم المقبل الذي يبدأ على أبريل”.

وفي وقت سابق قال نصر لرويترز إن “الكمية الضخمة للقمح المطلوب والجدول الزمني الممتد للشحن قد يدفعان التجار إلى تقديم عروضهم بعلاوة إذ أنهم يسعون إلى حماية أنفسهم من تقلبات السوق المحتملة”.

وأشار متعامل من ألمانيا إلى أن أسعار القمح الحالية من روسيا ومناطق البحر الأسود الأخرى أقل كثيرا من أسعار القمح من أوروبا الغربية بنحو 20 دولارا للطن، وهو ما يجعلهما منافسين قويين للحصول على عقد من مصر.

وقال لرويترز “ليس هناك الكثير من التفاؤل بأن تحصل المناشئ الأخرى على فرصة”.

ووفقا لبيانات رسمية أنفقت القاهرة أكثر من ملياري دولار على استيراد القمح خلال أول خمسة أشهر من هذا العام بزيادة تتجاوز 38 في المئة بمقارنة سنوية. ويمثل هذا المبلغ ارتفاعا بقيمة 559.1 مليون دولار عن المستويات المسجلة قبل عام.

وأشار تقرير لمجلس الوزراء الشهر الماضي إلى أن إنتاج البلاد من القمح يغطي في الوقت الراهن حوالي 49 في المئة من الطلب المحلي، وذلك ارتفاعا من 45 في المئة خلال عام 2020.

11