القاهرة التجريبي ينطلق مكرما مبدعين أثروا الفن الرابع في مصر والعالم

يواصل مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي مسيرته الداعمة لكل أشكال التجريب في الفن الرابع، رغم الأوضاع والتحديات الصعبة التي تواجهه وتواجه مسرحيين كثرا حول العالم، وهو هذا العام يفتح المجال أمام جمهور المسرح لمتابعة ستة وعشرين عملا تجريبيا من حول العالم.
القاهرة- أطلق مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي دورته الحادية والثلاثين بالمسرح الكبير لدار الأوبرا المصرية محتفيا بعدد من المبدعين الذي أثّروا في حركة الفن الرابع بمصر والعالم.
وكرمت إدارة المهرجان برئاسة الدكتور سامح مهران خلال حفل الافتتاح الذي انعقد مساء الأحد وبثته قناة “الحياة”، عددا من نجوم المسرح من مختلف دول العالم، وهم، النجم محمود حميدة، والفنان القدير د. محمد عبدالمعطي، ومهندس الديكور د. صبحي السيد، والناقد المصري فتحي العشري، من مصر، ومن لبنان كرم المهرجان الفنان القدير وليد عوني، ومن مملكة البحرين كرم الفنان والناقد يوسف الحمدان.
كما كرم الدكتور ميمون الخالدي من العراق، والفنان ساڤاس پاتساليدس من اليونان، والكاتب محمد سعيد الظنحاني من الإمارات، والكاتبة والناقدة الكبيرة ملحة عبدالله من السعودية، والفنان مارت ميوسي من إستونيا، وشخصية العام الكاتب الكبير إسماعيل عبدالله رئيس الهيئة العربية للمسرح وهذه الجائزة مستحدثة هذا العام.
وقال رئيس المهرجان، سامح مهران، في كلمة بمناسبة حفل الافتتاح “نحن في الدورة الحادية والثلاثين من عمر هذا المهرجان العريق الذي أصدر حوالي الألف كتاب عن التجريب في المسرح، منذ بداية القرن العشرين، مع الموجة الطليعية الأولى، وصولا إلى ستينات القرن الماضي وسبعيناته، حيث تغير المسرح في معناه وأنساقه تغيرا أطلق عليه البعض صفة ‘عكس الاتجاه’ وهو ما ميَّز ما بات يعرف بالعروض الفنية ومع ذلك لازال البعض يتساءل عن معنى التجريب، لدرجة أن أحدهم بعث إليّ بتعليق ساخر جاء فيه: هل معنى التجريب يا سيدي أن نمشي على رؤوسنا بدلا من أرجلنا!”.
وأضاف “أقول لهذا الصديق الساخر إن التجريب يرفض هيكلة الوعي للأفراد والجماعات، حتى يمتنع ذلك الوعي عن التوافق مع ماض عفا عليه الزمن، أي أن التجريب يسعى للانعتاق من الماضي ومن التبعية للآخرين”.
وتابع “لا طالما كان المسرح عبر عصوره المختلفة، نظاما تهذيبيا يعمل على تشجيع استسلام المتفرج للأوضاع الراهنة حينها، وهو ما أبعده عن الاهتمامات الملحة للحياة اليومية، فأبعده عن الشك والتساؤل والتفاعل مع المتفرجين والتفاوض معهم”.
وأضاف “تمنياتي لكل ضيوف المهرجان بإقامة مريحة مفيدة تعمل على الرقي بأوطاننا عبر حوارات هادفة لا تنتقص من أحد، بقدر ما ترسخ للديمقراطية الثقافية، التي هي أملنا الوحيد في عالم السياسة المعقد والأناني، والذي لا يؤمن إلا بالعقل التقني والمكسب المادي على حساب الأرواح، مقتاتا على اللحم البشري النيء”.
أما وزير الثقافة أحمد فؤاد هنو فرأى في كلمته أن المهرجان “عاد يضيء سماء العاصمة بالإبداع، ويفتح لنا نافذة على عوالم جديدة من الخيال والفن”.
وتابع “في هذه الدورة، التي نهديها إلى مبدع استثنائي من مبدعي المسرح المصري المعاصر، الدكتور علاء عبدالعزيز، نلتقي على مدار 11 يومًا من الفعاليات والورش والندوات، وبمشاركة نخبة من القائمين على تطوير الحركة المسرحية في مصر والعالم، لنشهد أحدث التيارات والاتجاهات ونبني جسور التواصل بين الثقافات والشعوب المختلفة والفنانين، مما يساهم في إثراء المشهد المسرحي العربي والعالمي”.
وإلى جانب التكريمات، افتتح المهرجان فعالياته بعرض “صدى جدار الصمت” لفرقة الرقص المسرحي الحديث من إخراج وليد عوني.
والعرض إنتاج مشترك بين وزارة الثقافة ممثلة في دار الأوبرا وبين المهرجان ويتناول في 40 دقيقة معاناة سكان الأراضي الفلسطينية بسبب الجدار العازل الذي أقامته إسرائيل من خلال لوحات تعبيرية شكل فيها الديكور وتسجيلات الفيديو مع مقتطفات من أغاني الفنانة اللبنانية فيروز أدوات السرد الرئيسية.
وخصص المهرجان في دورته الحادية والثلاثين جانبا كبيرا من أنشطته للقضية الفلسطينية تزامنا مع الأوضاع في المنطقة، فإلى جانب عرض الافتتاح تشارك فلسطين بمسرحيات، كما اقتبست المعلقة الرسمية “البوستر” لهذه الدورة من الموروث الفلسطيني، وهي من تصميم الفنان مصطفى عوض، ويغلب عليها اللون الأخضر بدرجاته، ممزوجًا فيه اللون البرتقالي.
وكان الفنان مصطفى عوض قال إن “المهرجان كان توجهه هو تقديم رسالة دعم للشعب الفلسطيني، وعملت على توصيل هذه الرسالة بصورة غير مباشرة، تعبر عن رسالة التضامن وتعبر عن روح المهرجان وطبيعته كمهرجان للمسرح التجريبي”، مشيرا إلى أنه اهتم بإيصال الفكرة لأنها محور المشروع، وهو ما يحاول تقديمه في كل أعماله، وكذلك يتم توضحيه في محاضراته العلمية التي يقدمها في الجامعة.
وأوضح أن المعلقة “تحمل دلالات حاول وضعها للتعبير عن تضامن المسرح المصري مع القضية الفلسطينية، منها الفتاة التي ترتدي قناع المسرح، وحركة في شكل يشبه رقصة الدبكة الفلكلورية الفلسطينية الشهيرة، ولونية من خلال سيطرة اللون الأخضر المعبر عن العلم الفلسطيني بشكل عام”.
ويعرض المهرجان الممتد حتى 11 سبتمبر الجاري، 26 مسرحية من البرازيل وهولندا واليونان وألمانيا وإسبانيا ورومانيا والمجر والهند ولبنان وسوريا والأردن والمغرب وتونس والعراق وسلطنة عمان والسعودية والإمارات والكويت ومصر وفلسطين.
ويبلغ عدد العروض العربية المشاركة، 10 عروض هي: “بوتكس” من الأردن، “شجرة اللبان موشكا” من سلطنة عمان، “تاء التأنيث ليست ساكنة” من العراق، مسرحيتا “الألباتروس” و “قرط” من تونس، “فطائر التفاح” من المغرب، “صمت” من الكويت، “الظل الأخير” من السعودية، “معتقلة” من فلسطين، “زغرودة” من الإمارات. بالإضافة إلى 3 عروض تقدم خارج المسابقة الرسمية هي: “أبرة” الإمارات، “حكاية درندش” من العراق، “ضوء” من السعودية.
وتشارك من مصر 3 عروض مسرحية، هي: “ماكبث المصنع”، إنتاج كلية طب أسنان جامعة القاهرة، وإخراج محمود الحسيني، وعرض” حيث لا يراني أحد”، إنتاج المعهد العالي للفنون المسرحية، وإخراج محمود صلاح محمد عطية، إلى جانب عرض الافتتاح “صدى جدار الصمت”.
وبجانب العروض، ينظم المهرجان سبع ورش تدريبية في فنون المسرح وجلسات نقاشية مع متخصصين عرب وأجانب إضافة إلى سلسلة من الندوات ضمن المحور الفكري الذي يتناول “المسرح وصراعات المركزيات” على مدى خمسة أيام، مع إصدار 11 كتيبا بين ترجمات ودراسات ومسرحيات.
ويقدم الدكتور عمر المعتز بالله ماستر كلاس بعنوان “من المعبد إلى المسرح في تتبع أصول المسرح المصري”، لاستكشاف أصول وتطور الحضارة الرائدة في فنون الدراما في العالم القديم، والتي تنقسم إلى ثلاثة محاور أساسية تبدأ من اكتشاف الجذور، والتعرف على كيفية نشوء المسرح المصري القديم من الطقوس الدينية والممارسات الاحتفالية التي كانت تُجرى في المعابد الكبرى والأماكن المقدسة، بالإضافة إلى التعمق في معمار وتقنيات العرض التي عرفت بها العروض المسرحية المصرية المبكرة وأهميتها في المجتمع المصري وتأثيرها على العالم القديم.
كما يقدم المهرجان أيضا ورشة في السينوغرافيا للفنانة شادية زيتون، والتي تستعرض فيها وسائل التعريف بمفهوم السينوغرافيا بكل عناصرها من ديكور وإضاءة وموسيقى وأزياء ومكياج وإكسسوار، وتمارين تفعيل الخيال وكيفية ابتكار وإنجاز السينوغرافيا، إلى جانب العمل مع المشاركين على تصميم وتنفيذ موضوع محدد سينوغرافيا فقط.
أما الورشة الأخيرة فتحمل عنوان “الحركة وتشابك الجسد” يقدمها جاستين دي يجير، الراقص ومصمم الرقصات الذي سيعمل من خلال الورشة على استكشاف الجسد من خلال مفهوم حركة الخيوط التي يتمحور فيها مفهوم الخيوط حول ربط أجزاء الجسم معا من أجل إنشاء فتحات تمر عبرها أجزاء الجسم الأخرى، حيث سيقوم جاستين بفك تشفير وتعقيد هذه اللغة في إطارات بسيطة تجعل مفهوم الترابط في متناول كل أنواع المحركات، من المبتدئين إلى المتقدمين.
تجدر الإشارة إلى أن مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي تنظمه وزارة الثقافة المصرية سنويا، وهو بمثابة فرصة للتواصل والحوار بين مختلف الثقافات والمجتمعات من خلال فنون الأداء، ويهدف إلى تقديم أحدث التطورات في المشهد المسرحي الدولي، ويعد أحد أقدم المهرجانات الدولية المتخصصة في إعطاء الفرصة لتقديم العروض المسرحية التجريبية من كل دول العالم.
ويهدف المهرجان إلى خلق حالة من التواصل والحوار بين مختلف الشعوب والجماعات، إضافة إلى تعريف الجمهور في مصر والمنطقة العربية بأحدث التيارات في المشهد المسرحي، وإتاحة نافذة يطل منها المسرحيون حول العالم على أحدث تطورات المشهد المسرحي في مصر والبلاد العربية.
وتكونت لجنة المشاهدة واختيار العروض المصرية للدورة 31 المنعقدة حاليا من: الدكتور مدحت الكاشف، الناقدة وفاء كمالو، والدكتور ياسمين فراج، والمخرج جلال عثمان، والفنان حازم شبل، والناقد باسم صادق، والدكتور عمر المعتز بالله، والفنانة ميريت ميشيل.
أما لجنة مشاهدة العروض العربية والأجنبية فتكونت من الدكتور سامح مهران، والدكتور محمد الشافعي المنسق العام للمهرجان، والأستاذة الدكتورة دينا أمين والأستاذ الدكتور أيمن الشيوى (مديرا المهرجان)، وعضوية كل من: الأستاذ الدكتور أحمد مجاهد، والدكتور محمد سمير الخطيب، والدكتورة أسماء يحيي الطاهر، والمخرج أحمد البوهي، ومقرر اللجنة مارينا جلبي.