القانون الانتخابي الجديد بتونس يشترط خلو بطاقة السوابق العدلية وبراءة الذمة من الضرائب

الرئيس التونسي يؤكد أن الاقتراع على الأفراد لا يقصي الأحزاب السياسية مشددا على أن تلك الاتهامات غير صحيحة ومحض افتراءات.
الجمعة 2022/09/16
لا صك على بياض لنائب منتخب

تونس – تفتح تونس صفحة أخرى من تاريخ الجمهورية الجديدة، التي بشّر بها الرئيس قيس سعيّد، بعد صدور القانون الانتخابي المنظم للانتخابات التشريعية القادمة التي ستُجرى في السابع عشر من ديسمبر المقبل، ونشره بالجريدة الرسمية مساء الخميس.

ويتوقع مراقبون أن يكون المجلس التشريعي القادم خاليا من بذور الفساد والإرهاب والسمسرة، ويسد ثغرات ونقائص كانت حركة النهضة الإسلامية تستغلها لتشكيل مشهد برلماني على مقاس أجندتها، وذلك من خلال اشتراط نزاهة النائب بخلو بطاقة سوابقه العدلية من أي جرائم وتقديمه الإقرار الضريبي وإبراء الذمة البلدي.

وشدّد المرسوم المتعلّق بتعديل القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المتعلّق بالانتخابات والاستفتاء، على أنّه لا يرسّم بسجل النّاخبين الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبة تكميلية استنادا إلى الفصل 5 من المجلّة الجزائية، تحرمهم من ممارسة حق الانتخاب إلى حين استرجاع حقوقهم، إضافة إلى الأشخاص المحجور عليهم والعسكريين المباشرين والمدنيين مدة قيامهم بواجبهم العسكري ورجال قوات الأمن الداخلي المباشرين، بموجب القانون عدد 70 لسنة 1982 والمتعلّق بضبط القانون الأساسي العام لقوات الأمن الداخلي.

ونص الفصل 19 من القانون الانتخابي الجديد على أنّ الترشّح لعضوية مجلس نواب الشعب حق لكلّ ناخبة أو ناخب تونسي الجنسية مولود لأب تونسي أو لأم تونسية وغير حامل لجنسية أخرى بالنسبة إلى الدوائر الانتخابية بالتراب التونسي.

كما يجب أن يكون المرشح بالغا من العمر ثلاثا وعشرين سنة كاملة على الأقل، يوم تقديم ترشحه، ونقيا من السوابق العدلية وغير مشمول بأي صورة من صور الحرمان القانونية ومقيم بالدائرة الانتخابية المرشح عنها.

وأقر القانون الانتخابي أن العدد الجملي للمقاعد بمجلس نواب الشعب مئة وواحد وستّون (161 مقعدا)، وحدّد العدد الجملي للدوائر الانتخابية بمئة وواحد وستّين (161 دائرة). وذلك بدلا من 217 مقعدا مثلما جرى في السابق منذ انتخابات 2014.

وحدد عدد المقاعد المخصّصة للدوائر الانتخابية في الداخل بـ151 مقعدا، و10 مقاعد للدوائر الانتخابية بالنّسبة إلى الخارج.

وجاء في القانون أن "التصويت في الانتخابات التشريعية على الأفراد في دورة واحدة أو دورتين عند الاقتضاء، وذلك في دوائر انتخابية ذات مقعد واحد"، وأنه "إذا تقدم إلى الانتخابات مرشح واحد في الدائرة الانتخابية، فإنه يصرح بفوزه منذ الدور الأول مهما كان عدد الأصوات التي تحصّل عليها".

كما نص القانون على أنه "إذا تحصّل أحد المرشحين في الدائرة الانتخابية على الأغلبية المطلقة من الأصوات في الدور الأول، فإنّه يصرح بفوزه بالمقعد".

وأشار القانون الجديد كذلك إلى أنه "يمكن سحب الوكالة من النائب في دائرته الانتخابية في صورة إخلاله بواجب النّزاهة أو تقصيره البيّن في القيام بواجباته النّيابية، أو عدم بذله العناية المطلوبة لتحقيق البرنامج الذي تقدم به عند الترشح".

ويرى مراقبون أن القانون الانتخابي يعتبر ثوريا، من زاوية إقصاء كل رجال الدين (الأئمة) من العمل السياسي، وهو ضرب للجماعات الإسلامية وعلى رأسها حركة النهضة التي استغلت الخطاب الديني للتغلغل في المجتمع طيلة السنوات الماضية قبل أن ينكشف أمرها.

ويشير هؤلاء المراقبون إلى أن هذا القانون يعطي الفاعلية الأكبر للمواطنين كأفراد بعيدا عن كل الألاعيب السياسية التي رسمها الإسلاميون في المجالس التشريعية السابقة.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد أعلن مساء الخميس أنه يسعى إلى احترام موعد الانتخابات التشريعية المقررة في السابع عشر من ديسمبر، وأنه أصدر المرسوم المتعلق بالانتخابات، والأمر المتعلق بدعوة الناخبين إلى انتخابات أعضاء مجلس نواب الشعب (البرلمان).

والقانون الانتخابي الجديد من شأنه أن يقلص دور الأحزاب السياسية في البرلمان، لكن لا ينهيه تماما، وذلك بعد التعديلات التي قللت من سلطات المجلس التشريعي بموجب دستور أُقر في يوليو.

وقال سعيّد خلال اجتماع لمجلس الوزراء مساء الخميس "نمر بمرحلة جديدة في تاريخ تونس لسيادة الشعب بعد أن كانت الانتخابات صورية".

وأضاف أن القانون الجديد لا يقصي الأحزاب السياسية وأن هذه الاتهامات "غير صحيحة ومحض افتراءات".

وانتقد سعيّد القانون الانتخابي الذي تم اعتماده منذ 2011 القائم على الاقتراع على القوائم مع اعتماد التمثيل النسبي. وقال "النائب في المجلس التشريعي أو سائر المجالس الأخرى بهذه الطريقة لا يستمد وجوده من إرادة ناخبيه المفترضة، بل من تزكيته اللجنة المركزية للحزب الذي ينتمي إليه، في حين أن التفويض هو تفويض للنائب ويجب أن يكون مسؤولا أمام ناخبيه، لذلك تم التنصيص في الدستور وفي مشروع المرسوم على إمكانية سحب الثقة وفق شروط محددة".

وتابع "الاقتراع على الأفراد ليس فيه إقصاء لأحد كما يدعي المدعون وهو موجود في العديد من الدول مثل بريطانيا وفرنسا ودول كثيرة أخرى"، مضيفا أنه "لن يكون هناك إقصاء لأي كان متى توفرت الشروط الموضوعية التي ينص عليها القانون الانتخابي".

وبخصوص إعلان قوى سياسية معارضة مقاطعة الانتخابات، قال سعيّد "هناك من يتحدث عن المقاطعة هو حرّ أن يشارك وحر ألا يشارك، ليس هناك إقصاء لأحد".

وشدد الرئيس التونسي على أن "الترويج إلى أن هناك إقصاء وإبعادا لعدد من الأحزاب ليس له أساس من الصحة، بل هو محض ادعاء وافتراء".

ويأتي إعلان قيس سعيّد استكمالا لتنفيذ خارطة الطريق السياسية التي أعلن عنها، والتي بدأت باستمارة إلكترونية واستفتاء حول التعديلات الدستورية وحول القانون الانتخابي والنظام السياسي، وصولا إلى الانتخابات التشريعية.

ويسعى سعيّد للقطع مع المنظومة السابقة التي اتهمها بالفساد وعزلها بموجب الإجراءات الاستثنائية في الخامس والعشرين من يوليو من العام الماضي، وأتبعها بحزمة إجراءات تكميلية وبمراسيم رئاسية تنظيمية، فأقال حكومة هشام المشيشي وحل مجلسي النواب والقضاء وأصدر تشريعات بمراسيم رئاسية وأقر دستورا جديدا للبلاد عبر استفتاء في الخامس والعشرين من يوليو الماضي وإقرار إجراء انتخابات برلمانية مبكرة.