الفيتناميون يهربون من ظروف العمل القاسية إلى التجارة الإلكترونية

التجارة الإلكترونية في فيتنام نمت بأكثر من 30 في المئة سنويا على مدى العقد الماضي.
الخميس 2023/12/14
مهام شاقة قليلة المردود

باك جيانغ (فيتنام) - تتسارع وتيرة انخراط الفيتناميين في نشاط التجارة الإلكترونية بشكل كبير لما تدره عليهم من مكاسب وهربا من ظروف العمل القاسية في المصانع.

وعلى غرار نسبة متنامية من الشباب الفيتنامي، وجدت في ثي آنه عبر الشبكات الاجتماعية طريقة لكسب لقمة العيش من دون الحاجة إلى العودة إلى المصنع، عبر خوض غمار التجارة الإلكترونية على أمل الحصول على راتب أفضل.

وكانت الشابة البالغة 23 عاما تجد حياتها اليومية “مملة” في ورشة تجميع الهواتف المحمولة، وهي شركة تصنيع لحساب مجموعة سامسونغ العملاقة، حيث عملت لمدة خمس سنوات، في مقاطعة باك جيانغ (شمال).

وبعد أن فقدت عملها خلال موجة عمليات صرف للعمال في عام 2021 إثر انخفاض الطلبات من العملاء الغربيين، رأت الشابة في تيك توك خشبة خلاص غير متوقعة.

وبنت فيتنام نموها على العمالة الرخيصة، لكن الأجيال الجديدة ترفض بشكل متزايد هذا النموذج الذي يحصرها في مهام شاقة قليلة المردود.

وفتح ازدهار التجارة الإلكترونية آفاقا جديدة أمامهم، في بيئة صعبة تدفع قطاع التصنيع القوي إلى تقليص قوته العاملة.

20

مليار دولار قيمة القطاع هذا العام بعد نمو سنوي بمقدار 30 في المئة على مدار عقد

وتشرح في ثي آنه لوكالة فرانس برس أن عشرات الآلاف من الأشخاص، الذين تُركوا لمصيرهم، “لم تعد لديهم أي وسيلة لكسب لقمة العيش” بعد أن فقدوا وظائفهم.

ومع مشتركيها البالغ عددهم 350 ألف مشترك على تيك توك، باتت الشابة الفيتنامية تكسب إيرادات تفوق مبلغ العشرة ملايين دونغ شهريا (412 دولارا) الذي كانت تتقاضاه في عملها السابق والذي كان بالكاد يغطي الإيجار وسعر الطعام.

وتعترف بأنها تستطيع، بفضل بيع المنتجات عبر الإنترنت، وهي مهنتها الجديدة بدوام كامل، أن تقدم أثاثا أغلى ثمنا لوالديها.

ونمت التجارة الإلكترونية بأكثر من 30 في المئة سنويا على مدى العقد الماضي في فيتنام، بحسب وزارة الصناعة والتجارة، التي تقدر قيمة القطاع بأكثر من 20 مليار دولار هذا العام.

ومستخدمين عدسات هواتفهم أو الكاميرات، يصوّر مؤثرون أنفسهم في بث مباشر لبيع سلع مختلفة، من الأطعمة محلية الصنع إلى الأجهزة المنزلية.

وتوفر البنية التحتية في فيتنام، وهي دولة فتيّة تضمّ معدلات استخدام مرتفعة للإنترنت، أرضا خصبة لأصحاب المشاريع الذاتية في هذا النوع من التسوق عبر الهاتف، والذين انتشروا أيضا في الصين المجاورة.

ويقول نغوين دوان كي، المؤسس المشارك لوكالة تُقدّم خدمات دعم للعاملين في مجال التجارة عبر البث المباشر، “يمكن للمزارعين والموظفين والطلاب إنشاء قناتهم الخاصة بسهولة”.

ويوضح “كانت المبيعات عبر الإنترنت مقتصرة على الشركات ومديري المتاجر. أما الآن، فهي تشكل فرصة للجميع”.

Thumbnail

وفي المنطقة الجبلية في شمال البلاد، تضاعف دخل لونغ كوانغ داي الذي يتابع حسابه 420 ألف مشترك، عشرة أضعاف بفضل بيع المنتجات الزراعية عبر الإنترنت على تيك توك وفيسبوك، بما يشمل الموز المجفف والشعيرية وخليط الشاي.

ويوضح الشاب البالغ 33 عاما والذي ينتمي إلى أقلية تاي العرقية “يمكننا ادخار ما يصل إلى 100 مليون دونغ (4120 دولارا) شهريا، وفي الوقت نفسه، المساعدة في استحداث فرص عمل للعائلة والأصدقاء”.

وهو يستعين بأقاربه على وجه الخصوص لمساعدته في إنتاج الفيديوهات.

وجرّب أيضا حظه في المدينة، على غرار كثيرين من الفيتناميين الريفيين الذين يبحثون عن حياة أفضل. لكنه اضطر إلى العودة إلى دياره الريفية في مقاطعة باك كان بعد عامين أمضامهما في المدينة من دون النجاح في تحسين وضعه.

وبالإضافة إلى العمل في الحقول، بدأ بمشاركة لحظات حياته في الجبال مع زوجته عبر الإنترنت، مثل إطعام الدجاج أو حصاد نبتات الخيزران.

وقد لفتت بساطة مقاطع الفيديو التي يصنعها انتباه الشبكات الاجتماعية، ما فتح الأبواب أمامه للعمل كمؤثّر ريفي.

ويؤكد لونغ كوانغ داي “لقد غيّرت شبكات التواصل الاجتماعي حياتي تماما”، مضيفا “ما زلت مزارعا، لكن بنسخة رقمية”.

ويدفع نمو السوق التنافسي بشكل متزايد البائعين إلى الابتكار المستمر للحفاظ على جمهورهم، وفق ما يوضح تران ثانه نام، الخبير في علم النفس التربوي.

ويعتقد هذا الخبير أن “الأعمال التجارية التي تزدهر بسرعة يمكن أن تفشل بالسرعة نفسها”.

لكن الأمر يستحق المحاولة، وفق ترا ثانه نام الذي يضيف “عمّال المصانع يفنون كل شبابهم وصحتهم. إنهم يخسرون الكثير من الفرص الأخرى”.

10