الفوضى الليبية تعيق مهمة الأمم المتحدة في حماية الصحافيين من المضايقات

مراقبون يتساءلون عما إذا كانت الأمم المتحدة ستنجح بالفعل في حماية صحافيي ليبيا من المضايقات، أم أن الأمر لا يتجاوز أن يكون جزءا من الروتين اليومي.
الخميس 2025/06/05
تحت الضغط

طرابلس - يواجه الصحافيون في ليبيا مضايقات إلكترونية متكررة، تعيق قدرتهم على أداء دورهم في رصد الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان وغيرها من القضايا خصوصا بالنسبة للصحافيات، بحسب تقارير للأمم المتحدة التي تحاول تقديم المساعدة لهؤلاء الصحافيين لتأمين سبل الحماية لهم، غير أن المهمة ليست سهلة في ظل الفوضى في البلاد.

وانضم 31 صحافيا من مختلف مناطق ليبيا إلى حلقة نقاشية في إطار برنامج “بصيرة” للتطوير المهني، التي نظمت بالتنسيق مع قسم حقوق الإنسان بالبعثة الأممية إلى ليبيا. على أن تُثري هذه الحلقة ورشة عمل قادمة في 19 يونيو حول سبل حماية الصحافيين من المضايقات الإلكترونية، بقيادة أحد خبراء السلامة الرقمية من لجنة حماية الصحافيين.

ويهدف برنامج “بصيرة” التدريبي الذي أطلقته الأمم المتحدة في ليبيا إلى تعزيز القدرات المهنية للإعلاميين الليبيين، وتم افتتاحه بورشة عمل رقمية بقيادة باميلا كسرواني زميلة التدريس في مبادرة غوغل للأخبار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تم خلالها التركيز على كيفية استخدام الصحافيين للذكاء الاصطناعي لتحسين جودة تقاريرهم وأبحاثهم.

وقالت البعثة إنه على مدار الشهرين المقبلين، سيشارك في البرنامج خبراء دوليون بارزون من مؤسسات مثل جامعة كامبريدج، ولجنة حماية الصحافيين، وغيرهما، لمناقشة مواضيع تشمل تأثير الذكاء الاصطناعي على السياسة والديمقراطية، والأدوات التقنية لتحسين التحقق من دقة الأخبار، وأساليب التلاعب بالإعلام في أوقات الحرب، وكيفية الحماية من المضايقات الإلكترونية.

86

في المئة من الصحافيات أكدن في استطلاع أجرته البعثة بعد الجلسة، أن المضايقات أثرت على عملهن بشكل أو بآخر

وبحسب رئيسة البعثة هانا تيتيه، فإن للصحافيين دورا محوريا في استقرار ليبيا من خلال توعية الجمهور، وتفنيد الأخبار الكاذبة، ومساءلة أصحاب القرار، مضيفةً أن برنامج بصيرة صُمم لتقديم تدريب تقني عالي الجودة يلبي هذه الحاجة الحيوية.

ويتساءل مراقبون عما إذا كانت الأمم المتحدة ستنجح بالفعل في حماية صحافيي ليبيا من المضايقات، أم أن الأمر لا يتجاوز أن يكون جزءا من الروتين اليومي الذي اعتادت عليه المنطقة من أجل تسجيل المزيد من الأنشطة في سجلات عملها.

وخلال اللقاء شارك الصحافيون تجاربهم الشخصية مع المضايقات، من خلال تسليطهم الضوء على أشكال وتواتر حدوثها وأسبابها. وأفاد 92 في المئة من المشاركين أنهم تعرضوا شخصيا للمضايقات عبر الإنترنت، في استطلاع رأي أُجري بعد جلسة النقاش.

وعبرت الصحافية إيمان بن عامر التي حضرت الحلقة النقاشية عن ضرورة مناقشة المضايقات الإلكترونية للصحافيين، لأنها تُهدد الحق في التعبير وتدفع البعض إلى التحفظ أو ممارسة الرقابة الذاتية، قائلةً “تجاهل المسألة يعني إسكات الأصوات الحرة.”

وكانت أكثر أشكال المضايقات شيوعًا، التعليقات أو الرسائل المُسيئة على منصات التواصل الاجتماعي، بما في ذلك فيسبوك وإنستغرام وواتساب. كما تطرق الصحافيون لكيفية تلاعب البعض بالصور والفيديوهات باستخدام التحرير المُضلّل أو الذكاء الاصطناعي، ثم نشرها على نطاق واسع لمضايقة الصحافيين وتقييد عملهم.

وقالوا إن المضايقات غالبًا ما تتصاعد إلى تهديدات بالقتل، وأحيانًا إلى اعتداءات جسدية فعلية. وفي بعض الحالات، بدا أن التعبئة مُنسّقة، حيث أشار بعض الصحافيين إلى أنهم “تصدروا ترند” على منصات التواصل الاجتماعي بسبب المضايقات.

بعض الصحافيات تعرضن لمضايقات خاصة، بسبب كل ما نشرنه بغض النظر عن الموضوع لمجرد كونهن نساء

وقال صحافي تعرض للفصل من عمله بعد تعرضه لمثل هذا الهجوم الإلكتروني “لقد شوّهوا سمعتي لدرجة أنني وجدت نفسي قيد التحقيق من قِبل مخابرات الدولة.” وأضاف “لا يزال التسجيل موجودًا على يوتيوب، وحتى بعد سنوات، لا يزال يتم تداوله في التعليقات كلما قمت بنشر أي شيء.”

وفقًا للمُشاركين تتعدد أسباب المضايقات، بدءًا من موضوع الخبر، وصولًا إلى جنس المراسل وعمره وخلفيته الثقافية، ففي العديد من الأحيان، يؤجج موضوع القصة المضايقات تجاه الصحافي خاصة إن كان يعالج زاويةً سياسية أو حقوقية حساسة. حيث روى أحد الصحافيين كيف تعرض للهجوم بزعم الترويج “لأجندات أجنبية” عند تغطيته لخبر عن العنف ضد المرأة.

لكن في أحيان أخرى، تعرض الصحافيون لمضايقات حتى عند نشرهم للقصص غير الجدلية. على سبيل المثال، روى أحد الصحافيين تعرضه للهجوم بسبب بثه مباراة رياضية بتهمة “دعم الفريق المنافس”. فيما تعرض آخر للمضايقات بسبب تغطيته لضحايا الفيضانات في درنة.

وأشارت بعض الصحافيات إلى تعرضهن لمضايقات خاصة، حيث قلن إنهن واجهن المضايقة بسبب كل ما نشرنه تقريبًا – بغض النظر عن الموضوع. وقالت صحافية “أن تكوني صحافية في المجتمع الليبي أمر صعب للغاية. لأنهم يستهدفون سمعة المرأة وشرفها – ويجعلون الأمور شخصية.”

وأكدت 86 في المئة من الصحافيات، في استطلاع أجرته البعثة بعد الجلسة، أن المضايقات أثرت على عملهن بشكل أو بآخر. فيما أفاد 30 في المئة من المشاركين بتقليص حضورهم على مواقع التواصل الاجتماعي لتجنب ردود الفعل السلبية، وهو ما يُمثل عائقًا كبيرًا في قطاع الإعلام.

وقال 30 في المئة أنهم “فرضوا رقابة أو خففوا” من خطابهم لتجنب المضايقات من بعض الأطراف. وقال آخرون إنهم تجنبوا تمامًا الكتابة عن أي مواضيع قد تُعد جدلية، وأفاد الصحافي محمد فوزي: “يحتاج الصحافيون إلى مساحة آمنة للعمل بحرية ونزاهة. فدون ذلك، لا وجود لإعلام حُر.”

5