الفهد السنغالي الأسمر يتربّع على عرش أفريقيا

ساديو ماني نجم يتوّج حلما طال انتظاره بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا لسنة 2019.
الأحد 2020/01/12
تتويج يأتي بعد صبر طويل

فرض السنغالي ساديو ماني اسمه على لائحة اللاعبين الكبار في القارة الأفريقية بعد حصوله الثلاثاء الماضي على جائزة الأفضل لسنة 2019 التي يمنحها الاتحاد الأفريقي لكرة القدم “كاف”، ليمحو بذلك فترة طويلة من الانتظار دامت ثلاث سنوات ويحقق حلما طال انتظاره.

القاهرة – سطّر لاعب المنتخب السنغالي وليفربول الإنجليزي ساديو ماني مرحلة جديدة من حياته مع جوائز كرة القدم بصيغتها القارية بعد حصوله الثلاثاء الماضي على جائزة الأفضل في أفريقيا لعام 2019، واضعا بذلك حدّا لمرحلة انتظار طالت للتتويج بهذا اللقب.

وجاء تتويج هذا النجم الأسمر بعد عام استثنائي، سواء مع فريقه ليفربول الذي يواصل فرض سيطرته على جميع الجبهات سواء محليا أو قاريا، مدعّما رصيده بعدة تتويجات آخرها حصده للقب مونديال الأندية أواخر العام الماضي، فيما بلغ برفقة منتخب بلاده العام الماضي الدور النهائي لبطولة أمم أفريقيا في مصر والذي خسره أسود التيرانغا أمام الجزائر.

وحصد ماني الجائزة الأبرز في أفريقيا واضعا وراءه المصري محمد صلاح في الوصافة، فيما حل الجزائري رياض محرز ثالثا، وذلك خلال حفل توزيع الجوائز الذي أقيم في مدينة الغردقة بمصر.

رحلة صعبة

يصفه البعض بـ”الفهد الأسمر” لحركاته وطريقة عدوه على الميدان التي تشبهه كثيرا، فيما يلقبه آخرون بـ”الجوهرة السمراء” التي لا تعترف بالهزيمة وتجاهد إلى آخر اللحظات في أي مقابلة يخوضها مع منتخب بلاده أو مع فريقه الحالي ليفربول الإنجليزي. لكن رحلة النجم السنغالي لبلوغ هذا المستوى وصعود على منصة التتويج وحده ماني من يعرف كنهها ويروي تفاصيلها.

ولد ماني في العاشر من أبريل 1992 في قرية صغيرة بالسنغال تسمّى سيديهو تقع على نهر كازامانس، وعاش أغلب فترات حياته مع عمه بسبب الظروف المالية الضاغطة لوالديه.

ظهر اهتمامه بعالم كرة القدم وهو في الثالثة من عمره مع أطفال قريته ليقوم أبوه وعمه ببيع كافة المحاصيل التي تنتجها مزارعهم من أجل توفير المال لسفره إلى العاصمة السنغالية داكار والبحث عن أول طريق للنجومية.

بعدها بدأ ماني مسيرته مع نادي جينيراسيون فوت بالعاصمة داكار، بعدما اجتاز اختبارات النادي السنغالي. وتمكن النجم السنغالي من خطف أنظار نادي متز الفرنسي المرتبط بعقد تمويل مع جينيراسيون فوت، واضطر للسفر إلى فرنسا دون علم والديه خوفا من منعهما له من تحقيق حلمه.

بعدها تدرج في قطاع الناشئين لنادي متز حتى تم تصعيده إلى الفريق الأول في موسم 2011-2012، لينتقل على إثرها إلى ريد بول سالزبورغ النمساوي في صفقة بلغت قيمتها 4 ملايين يورو ليصبح ثالث أغلى لاعب يتم بيعه في تاريخ النادي الفرنسي.

ترك ماني بصمته مع ريد بول سالزبورغ ليفوز معه بلقبي الدوري والكأس المحليين، لينتقل إلى ساوثهامبتون الإنجليزي بعد دخوله في مشكلة مع مسؤولي النادي النمساوي. وفي عام 2016 انتقل ماني إلى صفوف ليفربول في صفقة بلغت قيمتها 34 مليون جنيه إسترليني ليدخل على إثرها عالم الشهرة والنجومية.

قصة مشوقة

رحلة نجاح
رحلة نجاح

عندما يتعلق الأمر بمعانقة النجومية والحصول على الجوائز الكبرى، مثلما هو الحال عالميا مع أكبر النجوم في الدوريات الكبرى مثل كريستيانو رونالدو أو ليونيل ميسي وغيرهما، تتسمّر جميع الآذان لمتابعة بقية القصة المشوقة بالإعلان عن اسم هذا النجم أو ذاك ممن سطروا مشوارهم بلغة الحركة والفعل على الميدان أو دعموا فرقهم التي ينشطون فيها للحصول على الألقاب.

وبالمثل فإن الأمر تم بترتيب محكم في مدينة الغردقة المصرية التي احتضنت حفل الجوائز للقارة الأفريقية، حيث كانت الأنظار مشدودة إلى هناك خصوصا في ظل منافسة شرسة على اللقب يترجمها حضور ثلاثي أفريقي وازن أفريقيا وأوروبيا.

وبالنسبة إلى ماني فالأمر سيان، سواء بمعانقة الأميرة أو الانتظار إلى عام إضافي جديد، لكن رؤيته لطريقة العمل ومضاعفة الجهد فهذا شيء مقدّس بالنسبة للجوهرة السمراء في ليفربول الذي تعرف عنه شدة انضباطه وحضوره الدائم في التدريبات.

وفور تسلمه الجائزة وصعوده منصة التتويج، أعرب السنغالي عن سعادته البالغة بالتتويج بهذا اللقب الذي عانده كثيرا في السنوات الأخيرة وأبى إلا أن يعمل ويجتهد من أجل الظفر به. وقال في تصريح مقتضب “أهدي هذه الجائزة إلى عائلتي وأصدقائي وزملائي وفريقي ليفربول الإنجليزي ومنتخب السنغال الذين وقفوا بجواري”.

وتحدث بسعادة غامرة بقوله “أوجه رسالتي إلى أبناء السنغال الذين وعدتهم بالفوز بهذه الجائزة، خاصة أبناء قريتي التي عشت بها في طفولتي، لا أستطيع أن أصف مشاعري بعد الفوز بالجائزة”.

ولأن حظه أبقاه لثلاث سنوات مضت على دكة البدلاء ولم يكتب له شرف الصعود على منصة التتويج، فإنه لم يتنكّر له أو يقلص من مستواه على المستطيل الأخضر لا بل إنه ضاعف جهوده وعمل طويلا وصبر وصابر من أجل هذه اللحظة التاريخية.

ولأن “الصبر والعمل مفتاح النجاح لمن لم تنصفهم الأقدار وتنكّرت لهم الأيام” فقد راهن ماني على ذلك طوال مسيرته كلاعب مع التمسك بخصاله العالية التي يشيد بها الجميع في ليفربول وتواضعه الكبير ليشاهد كل شيء يتحقّق على أرض الواقع.

تواضع كبير

حلم يتحقق
حلم يتحقق

وصفت صحيفة ذا صن البريطانية ماني باللاعب الأكثر تواضعا في العالم بعد الفيديو الذي ظهر فيه وهو يساعد أحد العاملين بمنتخب بلاده في حمل زجاجات المياه إلى الملعب قبل مباراة أسود التيرانغا أمام الكونغو بتصفيات الأمم الأفريقية 2021.

كما قام السنغالي بالتبرّع بـ200 ألف جنيه إسترليني للمساعدة في بناء مدرسة ببلاده، وقام بدفع مبلغ مالي لبناء مستشفى، كما قام النجم السنغالي بإهداء أحد الأطفال جامعي الكرات قميصه عقب مباراة كأس السوبر الأوروبي الذي فاز به ليفربول على حساب تشيلسي مطلع هذا الموسم.

وفي ما يتعلق بجائزة أفضل لاعب أفريقي، لم يدب اليأس في نفس ماني بعدما فشل في الفوز بها العام الماضي بعدما فاز بها المصري محمد صلاح. ووضع ماني صوب عينيه الفوز بجائزة أفضل لاعب أفريقي عام 2019 ليتحقق حلمه.

وعلى الصعيد الدولي، شارك ماني مع منتخب السنغال تحت 23 سنة المشارك في أولمبياد 2012، وشارك في كل المباريات أثناء تأهله عن المجموعة الأولى بصفته الوصيف بعد بريطانيا العظمى قبل أن يخسر 2-4 بعد وقت إضافي في الدور ربع النهائي من البطل لاحقا المكسيك.

ومثّل ماني السنغال في كأس الأمم الأفريقية 2017 في الغابون وسجل الهدف الافتتاحي في مباراتي فوز منتخب بلاده أمام تونس وزيمبابوي بعد التعادل السلبي في مباراة ربع النهائي ضد الكاميرون، أضاع ركلة جزاء في ركلات الترجيح حيث تم إقصاء السنغال.

وفي 13 يونيو 2019، تم اختيار ماني ضمن تشكيلة منتخب السنغال المشاركة في كأس الأمم الأفريقية التي أقيمت بمصر، في مباراة المجموعات الثالثة، وسجل النجم الأسمر ثنائية أمام كينيا في مباراة الفوز 3-0، وفي دور ثمن النهائي سجل هدف المباراة الوحيد أمام أوغندا وأنهى ماني البطولة كوصيف بعد الخسارة في النهائي 1-0 أمام الجزائر.

ومن أبرز إنجازاته حصل مع فريق سالزبورغ على الدوري النمساوي الممتاز وكأس النمسا في موسم 2013-2014. كما حصل على دوري أبطال أوروبا وكأس السوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية ووصيف الدوري الإنجليزي في الموسم الماضي مع فريقه الحالي مع ليفربول.

وتحقق حلم ماني بالفوز بجائزة أفضل لاعب أفريقي لأول مرة في مسيرته الكروية بعدما تواجد في القائمة النهائية المرشحة للجائزة للعام الرابع على التوالي.

وحصل السنغالي على المركز الثالث بقائمة أفضل أفريقي عام 2016، قبل أن يتواجد في المركز الثاني في العامين الماضيين خلف صلاح.

وأصبح ثاني لاعب سنغالي يفوز بالجائزة بعد النجم المعتزل الحاجي ضيوف، الذي توج بها عامي 2001 و2002، وتوجت الجائزة الطفرة التي طرأت على أداء ماني في الموسم الماضي ومطلع الموسم الحالي.

وخلال العام الماضي، حصل ماني على جائزة لاعب الشهر في بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز مرتين، حيث كانت الأولى في مارس الماضي والثانية في نوفمبر الماضي، وهو ما يعكس توهجه مع ليفربول في 2019، خاصة وأنها المرة الأولى التي ينال
خلالها اللاعب تلك الجائزة مرتين في عام واحد.

وبخلاف فوزه بدوري الأبطال والسوبر الأوروبي ومونديال الأندية مع ليفربول، قاد ماني منتخب بلاده للصعود إلى المباراة النهائية في كأس الأمم الأفريقية وسجل ثلاثة أهداف خلال مشوار منتخب “أسود التيرانغا” في البطولة، لكنه عجز عن تحقيق حلم الجماهير السنغالية في الفوز باللقب للمرة الأولى.

ويتصدر ماني قائمة هدافي ليفربول في مختلف المسابقات هذا الموسم برصيد 15 هدفا في 28 مباراة لعبها مع الفريق، كما قام بصناعة 11 هدفا آخر.

وتم اختيار النجم السنغالي للجائزة بصفته صاحب الرصيد الأعلى من النقاط في التصويت الذي شارك فيه قادة ومدربو المنتخبات الوطنية الأفريقية الأعضاء في الكاف.

تهنئة من الجميع

هنأ نادي ليفربول الإنجليزي ماني بعد فوزه بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا لعام 2019. ونشر متصدر الدوري الإنجليزي عبر موقع تويتر للتواصل الاجتماعي لقطات للاعب السنغالي من مشواره مع الفريق خلال العام الماضي، مصحوبا بعبارة “ساديو ماني حصل على جائزة لاعب العام في أفريقيا”.

كما نشر الحساب الرسمي ذاته، قائمة بأسماء اللاعبين الفائزين بالجائزة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، حيث فاز لاعب الفريق وزميل ماني المصري محمد صلاح بالجائزة في عامي 2017 و2018، قبل أن يقتنص النجم السنغالي اللقب في 2019.

وحرص الرئيس السنغالي ماكي سال على تهنئة ماني. وكتب سال عبر حسابه الرسمي على تويتر “سعيد وفخور، ونيابة عن الشعب السنغالي تهانينا الحارة إلى ساديو ماني، بعد الفوز بالكرة الذهبية الأفريقية”. وأردف “تهانينا مرة أخرى، ويستحق (ماني) أن يكون مثالا لكل الشباب”.

وقال مطر با، وزير الشباب والرياضة السنغالي، في تصريحات للموقع الرسمي للاتحاد الأفريقي “كاف”، “ساديو شق طريقه ليصبح أفضل لاعب في القارة، لطالما واجه صعوبات في الماضي من أجل المضيّ قدما”. وأضاف “هذا هو الدرس الذي يجب أن نأخذه من تتويجه”.

وحرص محمد صلاح على توجيه التهنئة إلى زميله بعد تتويجه عبر حسابه على إنستغرام، بعبارة جاء فيها “مبروك أخي”، مرفقا صورة السنغالي مع جائزة الأفضل. كما لم يتأخر الجزائري رياض محرز في ترك رسالة تهنئة هو الآخر إلى اللاعب السنغالي، متمنيا حظا وافرا للجميع في مناسبات قادمة.

وخلافا للقب الأفضل، جاء الحضور العربي وازنا في جوائز الكاف خصوصا للجزائر التي كانت ممثلة أفضل تمثيل خلال العام 2019.

واحتكرت الجزائر جوائز الأفضل في أفريقيا عن عام 2019 وذلك خلال حفل الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) لاختيار الأفضل الذي أقيم في مدينة الغردقة بمصر.

وفاز المدافع المغربي الشاب أشرف حكيمي بجائزة أفضل لاعب شاب، فيما فازت اللاعبة النيجيرية أسيسات أوشوالا مهاجمة برشلونة الإسباني بجائزة أفضل لاعبة للمرة الرابعة على التوالي.

كما فاز جمال بلماضي، المدير الفني الذي قاد الجزائر للفوز بلقب كأس أمم أفريقيا في يوليو الماضي، كأفضل مدرب في العام كما حصلت ديزيه إليس مدربة منتخب جنوب أفريقيا على لقب أفضل مدربة.

ففي جائزة أفضل لاعب داخل أفريقيا، فقد فاز الجزائري يوسف البلايلي لاعب الترجي السابق وأهلي جدة السعودي الحالي للمرة الأولى في تاريخ الجزائر. وتفوق البلايلي على التونسي أنيس البدري لاعب الترجي الرياضي، والمصري طارق حامد لاعب الزمالك.

وفي ما يتعلق بجائزة أفضل منتخب فقد فاز المنتخب الجزائري متفوقا على السنغال ومدغشقر، وذلك نظرا إلى فوزه ببطولة كأس الأمم الإفريقية التي أقيمت العام الماضي في مصر.

فيما فاز الجزائري رياض محرز المحترف في مانشستر سيتي الإنجليزي بجائزة أفضل هدف في القارة السمراء بفضل هدف الفوز الذي سجله بمرمى نيجيريا في أمم أفريقيا العام الماضي.

كما فاز جمال بلماضي المدير الفني للمنتخب الجزائري بجائزة أفضل مدرب في القارة بعدما قاد “محاربو الصحراء” إلى الفوز بأمم أفريقيا التي أقيمت بمصر. وتفوق بلماضي على التونسي معين الشعباني المدير الفني للترجي الرياضي وأليو سيسيه المدير الفني للسنغال.

وشهدت التشكيلة المثالية لمنتخب أفريقيا تواجد أربعة لاعبين عرب هم المصري محمد صلاح، والثنائي المغربي حكيم زياش وأشرف حكيمي والجزائري رياض محرز.

وضمت القائمة لحراسة المرمى، أندري أونانا (الكاميرون). وفي الدفاع، أشرف حكيمي (المغرب)، كاليدو كوليبالي (السنغال)، جويل ماتيب (الكاميرون)، سيرجي أورييه (كوت ديفوار). وفي خط الوسط، رياض محرز (الجزائر)، إدريسا جايا (السنغال)، حكيم زياش (المغرب). وفي الهجوم محمد صلاح (مصر)، ساديو ماني (السنغال)، بيير إيميريك أوباميانغ.

22