"الفن والدبلوماسية" معرض يسلط الضوء على خصوصية الفن المغربي

نيويورك - وقع المغرب على مشاركة متميزة في معرض “الفن والدبلوماسية”، الذي نظم يوم الجمعة الماضي في نيويورك، بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس جمعية القناصل الأجانب.
وفي الحفل الذي جرى تنظيمه بالتعاون مع القنصلية العامة للمغرب في نيويورك استطاع الحاضرون اكتشاف مميزات الثقافة المغربية العريقة، من خلال أعمال الفنانين التشكيليين عزيز السيد وعبدالإله الناصيف.
والفنان التشكيلي عزيز السيد يشتغل منذ سنوات على تقنيات من هويته المغربية بمكوّناتها العربية والأمازيغية، مع انفتاحه على التيارات التشكيلية الحديثة. يهتم الفنان منذ معرضه الأول الذي أقامه عام 1973 بالجسد بوصفه ثيمة أساسية، ضمن تنويعات مختلفة تُظهر العديد من التعبيرات الفنية والطقوس الاجتماعية والدينية والعوامل الثقافية، وحضور الجسد في المتخيّل والذاكرة الشخصية والجماعية.
في لوحته التي تحمل عنوان “امرأة”، يسافر عزيز السيد بالشغوفين بهذا الفن في رحلة تستجلي صورا جمالية مستوحاة من الصناعة التقليدية المغربية، تمزج بين الألوان والأشكال والأضواء التي تذكر بالتنوع الثقافي للمملكة وتشبثها بقيم العيش المشترك.
المعرض ركز على عرض مميزات الثقافة المغربية العريقة من خلال أعمال الفنانين التشكيليين عزيز السيد وعبدالإله الناصيف
أما الفنان عبدالإله الناصيف فقد تشبع بالفن المعماري المغربي الإسلامي وبالخط العربي كعنصر حضاري جمالي حاضر في الثقافة المغربية، العربية والإسلامية، ونهل من مكونات الثقافة الإسلامية السمحة، جاعلا منها مرجعية فنية يعتمد عليها في إنجاز أعماله وتضمين لوحاته حمولة إنسانية متشبعة بقيم الجمال والتسامح، ثائرا على المفهوم الكلاسيكي للوحة.
وتمنح أعمال الناصيف الأولوية لرسومات الطبيعة على الأقمشة التقليدية الشفافة، ليتيح لجمهوره اكتشاف قدرة الثقافة المغربية على التأقلم مع المتطلبات الراهنة، مع الحفاظ على أصالتها وتجذرها التاريخي والحضاري.
وتطرق رئيس جمعية القناصل الأجانب أمير فريد أبوالحسن إلى إسهام الفن في تشجيع التقارب بين الشعوب والبلدان، مبرزا أهمية تعزيز التفاهم والتلاقح الثقافي في خدمة السلام والأمن في العالم.
وأشار أبوالحسن، وهو أيضا القنصل العام لماليزيا في نيويورك، إلى أن هذا المعرض الفني، المنظم بشراكة مع المكتب الوطني المغربي للسياحة، يسلط الضوء على الدور الذي تضطلع به الدبلوماسية الثقافية من خلال التعبير والإبداع الفني. وفي هذا الإطار أشاد الدبلوماسي الماليزي بالتعاون المثمر مع المغرب في تنظيم تظاهرات ثقافية وفنية من هذا القبيل تساهم في تعزيز التبادل الثقافي بين الشعوب.
كما تميز هذا المعرض الفني بعرض أعمال تمثل عددا من البلدان، من بينها جورجيا وباربادوس وسويسرا وصربيا والفلبين.
بدوره استعرض القنصل العام للمغرب بنيويورك عبدالقادر الجموسي دور الثقافة والفن كمكون أساسي ضمن العمل الدبلوماسي الذي يحتفي بالتنوع ويشجع على تحقيق التقارب بين شعوب العالم.
واعتبر أن الفن يشكل لغة كونية تخترق الحدود والاختلافات لتحمل رسالة “جمالية الإنسانية المشتركة”.
من جانبهما أبرز كل من مفوض الشؤون الدولية بمجلس مدينة نيويورك إدوارد ميرملستين والمديرة الإقليمية لمكتب البعثات الأجنبية التابع لوزارة الخارجية الأميركية كاثلين إيغن أهمية تعزيز التعاون متعدد الأبعاد من أجل بناء “مجتمع مترابط وشامل”.
واعتبرا أن الارتقاء بالعالم نحو غد أفضل يمكن أن يتم من خلال تطوير الشراكات التي تبدي اهتماما بالثقافة ودورها في تكريس التنوع والتعايش.
وفي هذا الحفل، الذي حضره على الخصوص السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة عمر هلال، غاص الجمهور في عالم موسيقى كناوة، من خلال مقطوعات أدتها فرقة “المعلم” حسن حكمون، الذي يعيش في نيويورك منذ نحو أربعين عاما سخرها للتعريف بموسيقى كناوة واستطاع أن يشق لنفسه مسارا فنيا واعدا على امتداد سنوات من الإبداع والإنتاج الفني والموسيقى والكتابة الموسيقية.
كما تميز الحفل بعرض شريط مؤسساتي يستعرض الغنى الثقافي والحضاري للمملكة ومكانتها باعتبارها وجهة مفضلة للسياحة في أفريقيا والعالم.
وبهذه المناسبة كذلك كان الحاضرون على موعد مع أداء متميز للمجموعة الموسيقية التايلاندية “إيسان ميوزيكال”، وعازف البيانو الجورجي إيركلي شارادزي.
ويذكر أن جمعية القناصل الأجانب، التي تأسست في عام 1925 وتمثل السلك القنصلي في نيويورك، تعد أكبر جمعية دبلوماسية في العالم. وتضطلع بالنهوض بالعلاقات الثقافية والاقتصادية، لاسيما مع الحاضرة الأميركية وبين البلدان الأعضاء.