الفلفل الحار يساعد على قتل الخلايا السرطانية

يفضّل الكثيرون تناول الأطعمة الحارة ولا يتلذذون وجباتهم دون إضافة الفلفل الحار إليها. وكشف العلم أن هذه العادة الغذائية لا تخلو من التأثيرات الصحية المفيدة للدماغ والخلايا والجلد وسائر الجسم.
باريس – يحتوي الفلفل الحار على مجموعة من الخصائص الطبية التي تتحقق عند الشعور بالحرارة الناتجة عن أكله. تأتي هذه الحرارة من عنصر الكابسيسين، وهو مركّب مخزّن في ثمار الفلفل لحمايتها من أنواع الهجوم الفطري، وهو عديم اللون والرائحة، ولكن طعمه حار.
وذكر الدكتور جوزيف ميركولا، متخصص في طب العظام، عبر موقعه فرانتش ميركولا، أن الكابسيسين يحتوي على خصائص مضادة للأكسدة ومضادة للالتهابات وقد أظهر نتائج واعدة لعلاج السرطان. وقد أظهرت الدراسات قمعه لنمو الخلايا السرطانية في البروستات بينما بقيت الخلايا الطبيعية سليمة. كما ثبتت فعالية الكابسيسين ضد الخلايا السرطانية في الثدي والبنكرياس والمثانة. وأكد موقع مركز الصحة “تسينتروم دير غيزوندهايت” الألماني المعني بالشؤون الصحية هذه النتائج.
وقد بحث فريق علمي، من مركز سيناي الطبي في لوس أنجلس وجامعة كاليفورنيا، كيفية تأثير الكابسيسين على خلايا سرطان البروستاتا، من خلال إجراء تجارب على الفئران. وقد تم استخدام خلايا سرطان البروستاتا أخذت من الرجال، كي يتم تعميم النتائج على البشر. وجاءت النتائج مدهشة، حيث تقلّصت الأورام في الحيوانات التي خضعت للتجربة إلى خمس حجمها الأصلي.
ونقل موقع دويتشه فيله الألماني عن زورن ليمان، المشارك في إجراء الدراسة، قوله إن الكابسيسين ساعد على إبطاء نمو أورام سرطان البروستاتا في الخلايا التي أخذت من البشر بشكل مثير للدهشة وأوقف انتشارها. ومن ضمن ما أظهرته الدراسة أن الكابسيسين ينشط برنامج قتل الخلايا لنفسها بنفسها.
ويتساءل العلماء عن الكمية التي يحتاجها الإنسان من مادة الكابسيسين لكي يكون فعّالا. لم تقدم الدراسات بعد إجابة دقيقة على هذا السؤال، لكن لو قارنا ذلك بما أعطي إلى فئران التجارب، فإنه يتطلب أن يتناول رجل بوزن 90 كيلوغراما عشر قطع طازجة من الفلفل الحار جدا. لكن تحمل هذا النوع من الفلفل الحار لا يستطيع عليه سوى قلة. وينصح البروفيسور فيليب كويفر، المشارك في الدراسة، أولئك الذين لا يحبون الفلفل الحار أن يتناولوا كبسولات الكابسيسين.
باحثون توصلوا إلى أن عنصر الكابسيسين يقوم بتحفيز نفس مستقبلات الألم التي تستجيب للحرارة الحقيقية
ودرس الباحثون أيضا كيفية تأثير الفلفل على دماغ الإنسان. وتوصلوا إلى أن الجهاز العصبي يحتوي على بروتينات تعمل كمستقبلات حرارية وتوجد هذه البروتينات في خلايا الجهاز الهضمي والجلد وتبقى المستقبلات غير نشطة ما لم تتعرض لدرجات حرارة أعلى من 107 درجة فهرنهايت (42 درجة مئوية). وعند بلوغ درجة الحرارة المناسبة لتفعيل هذه البروتينات، يحس الشخص بالحرارة والألم، وفي ذلك تحذير من الجسم للابتعاد عن مصدر الحرارة. عند تناول الفلفل الحار، يرتبط عنصر الكابسيسين بالمستقبلات الحرارية والبروتينات ويفعّلها، فيعتقد جسم الإنسان بأنه يتعرض إلى حرارة غير عادية حتى لو لم يكن حقا في خطر.
وحسب ما جاء في نيويورك تايمز فإن “الكابسيسين يحفّز نفس مستقبلات الألم التي تستجيب للحرارة الحقيقية، في الثدييات”، فيساعد على تخفيف الألم عن طريق الحد من تفاعل العناصر الكيميائية الموجودة في الخلايا العصبية، التي تشارك في نقل إشارات الألم إلى الدماغ. كما أنها تعمل عن طريق إزالة حساسية المستقبلات الحسية في الجلد. وهذا ما يجعله يستخدم في الكريمات الموضعية (بعضها يحتوي على ما يعادل 10 ملايين وحدة حرارية). فالإحساس بالاحتراق الشديد يؤدي إلى تخفيف الألم. ونشرت مدوّنة غيزموندو “التمسيد الخارجي بالفلفل يعطي إحساسا حارقا، لأن الكابسيسين ينشط أعصاب الجلد. ولكن إذا تعرضت الأعصاب للكابسيسين لمدة معينة، فإنها ستصبح ‘منهكة’، بعد استهلاكها لكامل احتياطياتها الكيميائية الداخلية. ولن تعود الخلايا العصبية قادرة على الاستجابة لكشافات، فيصبح الشخص غير قادر على إدراك الألم”. وهذا ما يجعل عنصر الكابسيسين مسكّنا للألم.
وأظهرت الدراسات دور هذه المادة في تخفيف الألم العصبي، أو الألم المرتبط بالاعتلال العصبي المتأتي من فيروس نقص المناعة. ومثّلت مصدر أمل في المجال الطبي. وفي دراسة شملت رجلا يعاني من ألم مستمر بسبب الإصابات الناجمة عن انفجار عبوة ناسفة، أدى استعمال الكابسيسين إلى انخفاض بنسبة 80 بالمئة في أعراض الألم وساعد العلاج الموضعي بكريم ذي تركيز مختلف من الكابسيسين في تخفيف الألم الذي يصاحب التهاب المفاصل. وسجل 80 بالمئة من المرضى انخفاضا في آلامهم بعد استعمال الكريمات بمعدل أربع مرات في اليوم خلال أسبوعين من العلاج. وقد ثبت أيضًا أن الكابسيسين يساعد على التقليل أو القضاء على الحرق والوخز والحكة والاحمرار المصاحب للصدفية. كما يوجد رذاذ أنفي يحتوي على هذه المادة، لتستعمل كبخاخات تقلّل من أعراض حساسية الأنف وفقا لدراسة سنة 2009.
واكتشف الباحثون أن الفلفل يمكن أن يكون فعّالا لفقدان الوزن عند إضافته إلى النظام الغذائي للشخص. فقد أظهرت الدراسات أن الفلفل يمكن أن يساعد في مكافحة السمنة عن طريق خفض السعرات الحرارية، وتضييق الأنسجة الدّهنية، وخفض مستويات الدهون في الدم، ومكافحة تراكم الدهون.