الفلسطينيون يتطلعون إلى القطع مع تهميش المجتمع الدولي لقضيتهم

رام الله - يتطلع الفلسطينيون إلى نهج مغاير من المجتمع الدولي نحو إيجاد حل جدي وسريع في التعامل مع ملف الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي بعد سنوات من التهميش، صاحب ذلك رفض الحكومات الإسرائيلية الجلوس على طاولة المفاوضات لإحياء عملية السلام.
ويقول مراقبون فلسطينيون إن القضية الفلسطينية واجهت واقعا من التهميش على مدار الأعوام الماضية في ظل عجز المجتمع الدولي عن تنفيذ القرارات الدولية والأممية الخاصة بالقضية الفلسطينية.
ويجمع المراقبون على وجود تحرك دولي يشهده العالم الآن لحل الأزمة الأوكرانية – الروسية التي بدأت قبل أسبوعين، بينما لم يفعل الشيء ذاته تجاه إسرائيل التي تحتل الأرض الفلسطينية منذ 55 عاما.
ودعا مستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية محمود الهباش المجتمع الدولي لتطبيق قرارات الشرعية الدولية والصادرة عن المنظمات الدولية كمجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان المتعلقة بالقضية الفلسطينية.

طلال عوكل: النضال لم يؤد حتى الآن إلى تحريك المجتمع الدولي
وطالب الهباش في بيان المجتمع الدولي بالتوقف عن ممارسة ازدواجية المعايير التي يمارسها عندما يتعلق الأمر بفلسطين وحقوق شعبها، مشيرا إلى أن الفلسطينيين يتعرضون “للظلم واحتلال الأرض منذ العشرات من السنين”.
وأكد على ضرورة تطبيق الشرعية الدولية والقانون الدولي في فلسطين أسوة بأي مكان آخر من العالم.
ويطالب الفلسطينيون بتحقيق دولة مستقلة إلى جانب إسرائيل على كامل الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل في العام 1967 بما يشمل الضفة الغربية كاملة وقطاع غزة وأن تكون عاصمتها القدس الشرقية.
ويقول المحلل السياسي طلال عوكل إن الفلسطينيين خاضوا نضالا قويا ومتواصلا على جبهة القانون الدولي الإنساني ومؤسسات العدالة الدولية لم يؤد حتى الآن إلى تحريك المجتمع الدولي نحو حماية وتنفيذ هذا القانون ولكن هذا لا يمكن أن يكون نهاية الطريق.
وأضاف عوكل أن “ثمة حالة انفصام في المنظومة القيمية للدول الغربية فهي تعتبر دولا حريصة على سيادة القانون داخليا، ولكنها تتعامل مع القانون الدولي بمعايير مزدوجة ارتباطا برؤيتها لمصالحها”.
وأوضح أن المواقف إزاء الأحداث الجارية تضع الدول الغربية أمام “امتحان أخلاقي فكيف لها أن تجند كافة إمكانياتها لإدانة ومعاقبة طرف من منظورها يعرض السلام للخطر، بينما تتجاهل إسرائيل وما ترتكبه من سياسات تطهيرية”.
وكان الرئيس محمود عباس حذر الخميس من أن استمرار إسرائيل بتجاهل تنفيذ التزاماتها حسب الاتفاقيات الموقعة والمضي قدما في أعمالها أحادية الجانب سينهي كل فرص تحقيق السلام العادل والشامل القائم على قرارات الشرعية الدولية.
وأشار عباس إلى أن القرارات الفلسطينية التي أقرها المجلس المركزي الفلسطيني في جلسته الأخيرة الشهر الماضي (إنهاء التزامات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية بكافة الاتفاقيات مع إسرائيل) ستكون موضع تنفيذ.
واستنادا إلى تجارب سابقة، من غير المرجح أن تلقى قرارات المجلس المركزي الفلسطيني بتعليق الاعتراف بدولة إسرائيل ووقف كل أشكال التنسيق الأمني معها طريقها إلى التنفيذ، لاسيما في ظل الضعف الشديد الذي تبدو عليه القيادة الفلسطينية الحالية، وسط قناعة مترسخة لدى الكثير من الفلسطينيين بأن القرارات المعلن عنها هي في الأساس موجهة لامتصاص غضب الداخل، دون أن يكون لها أثر على أرض الواقع.

أشرف العجرمي: المجتمع الدولي يكيل بمكيالين في القضية الفلسطينية
ويقول الصحافي والمحلل السياسي عمر نزّال إنه استنادا إلى تجربة 2015 وما بعدها “فإن هذا النوع من القرارات لن ينفذ”. ويرى أن “المعطيات اليوم لا تختلف، بل على العكس هي أقرب إلى تجاهل مثل هذه القرارات، خاصة في ظل وجود إدارة أميركية جديدة وسلسلة لقاءات فلسطينية – إسرائيلية جديدة”.
وكان المجلس المركزي حمل عام 2015 “سلطة إسرائيل مسؤولياتها كافة تجاه الشعب الفلسطيني في دولة فلسطين المحتلة كسلطة احتلال وفقا للقانون الدولي، ووقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة مع سلطة الاحتلال الإسرائيلي في ضوء عدم التزامها بالاتفاقيات الموقعة بين الجانبين”.
وتشهد الأراضي الفلسطينية حالة من التململ حيال أداء السلطة التي يقودها الرئيس عباس، والتي فشلت على مدار سنوات في تحقيق أي اختراق يحسب لها، بل على العكس تماما حيث أن القضية الفلسطينية باتت اليوم قضية ثانوية، تستخدم وتوظف كورقة سياسية من قبل بعض القوى متى ما تأزمت علاقاتها بإسرائيل.
ولا يقتصر فشل السلطة في الإبقاء على القضية حية، بل وأيضا في طريقة تعاطيها مع الوضع الداخلي في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية مستحكمة تعانيها المناطق الفلسطينية، في مقابل تشدد القبضة الأمنية ضد كل نفس معارض للسلطة.
ويقول المحلل السياسي أشرف العجرمي إن الحقيقة المرة التي يمكن استنتاجها من الموقف الغربي تجاه الحقوق الفلسطينية هي “الكيل بمكيالين والتعاطي مع الأزمات الدولية ومع مبادئ حقوق الإنسان بمعايير مزدوجة”.
وأضاف أن المواقف الأميركية والأوروبية تهتم أكثر بالصراعات المتعلقة بمصالحها فقط بعيدا عن الاهتمام بمبادئ حقوق الإنسان، في إشارة إلى القضية الفلسطينية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
وتساءل العجرمي “أين الولايات المتحدة وأوروبا من إسرائيل التي تنتهك حقوق الفلسطينيين على مدار الساعة؟”، معربا عن أسفه أن إسرائيل تحظى بالرعاية التفضيلية والدعم في أوروبا والولايات المتحدة.