الفلبين تعيد إحياء خلافاتها مع الكويت بشأن عاملات المنازل

نقص العمالة الفلبينية من شأنه أن يضاعف إرباك سوق العمالة المنزلية في الكويت مع انتهاء عقود عشرات الآلاف من العاملات وعدم القدرة على تعويض نقصهن.
الأربعاء 2025/01/29
ملف بسيط نظريا ومعقد عمليا

الكويت- أحيت قرارات شرعت السلطات الفلبينية في مناقشتها وتتعلّق بإيفاد مواطنيها للعمل في بعض البلدان، الخلافات التي سبق أن نشبت بين مانيلا والكويت بسبب قضية العاملات الفلبينيات في منازل الكويتيين والتي فجّرتها خلال سنوات سابقة حوادث واعتداءات تعرّض لها بعضهن.

وجاءت إعادة فتح هذا الملف في وقت عاد فيه الحديث عن أزمة عمالة منزلية في الكويت التي تحوّلت فيها هذه المسألة الثانوية في أغلب البلدان إلى قضية شائكة استدعت في بعض الأحيان تدخّل السلطات لحلّها، كون وفرة هذا النوع من العمالة يعتبر مسألة مهمّة لشرائح واسعة من المجتمع المعتاد على قدر عال من الرفاه تؤمنّه له الدولة والذي تسوده ثقافة العزوف عن الأعمال البسيطة والمرهقة وقليلة الدخل المادي.

وتسير المناقشات التي شرعت فيها لجنة مجلس الشيوخ الفلبيني المعنية بالعمال المهاجرين باتجاه مطالبة حكومة مانيلا بتشديد مقاييس واشتراطات إيفاد المزيد من العمال إلى الكويت وصولا إلى وقف إرسال هؤلاء العمال إلى هناك بشكل كامل.

◄ أسباب اجتماعية وأخرى متعلقة بثقافة العمل حولت مسألة العمالة المنزلية البسيطة إلى قضية شائكة في الكويت

وكانت الخلافات الكويتية – الفلبينية بسبب موضوع العمالة المنزلية قد بلغت في سنوات سابقة درجة كبيرة من التصعيد وضعت علاقات البلدين على أعتاب القطيعة الدبلوماسية عندما قرّرت مانيلا فرض حظر دائم على سفر مواطنيها للعمل في الكويت، بعد مقتل عاملة منزلية فلبينية عثر على جثتها التي تحمل آثار تعذيب في ثلاجة بإحدى الشقق الفارغة.

وتعمّقت الأزمة أكثر عندما أمرت السلطات الكويتية آنذاك سفير مانيلا بالمغادرة على خلفية تسجيلات مصورة أظهرت موظفي السفارة الفلبينية يساعدون العمال على الهرب من أرباب عمل يعتقد أنهم يسيئون معاملتهم.

وتعتبر الفلبين من أكثر بلدان العالم تصديرا لعمال المنازل لاسيما إلى الكويت، حيث يعتمد ذلك البلد الآسيوي بشكل كبير على التحويلات المالية لمواطنيه المنتشرين للعمل في أنحاء مختلفة من العالم وتتجه سلطاته نحو إعادة تنظيم عملية الانتشار وفقا لتقارير وزارة القوى العاملة الفلبينية.

ونقلت صحيفة الجريدة المحلية الكويتية عن مصادر كويتية قولها إن مسؤولين من إدارة العمالة المهاجرة في مانيلا عقدوا اجتماعا مع أصحاب ومديري وكالات التوظيف وناقشوا تدابير السلامة في نشر العمالة الفلبينية في الكويت. وقالت وكيلة القوى العاملة لشؤون السياسات والتعاون الدولي باتريشيا إيفون كاونان إنه “طُلِب من وكالات التوظيف تقديم مداخلاتها حول كيفية استمرار الحكومة في تعزيز تدابير الحماية لعمالنا في الكويت”، موضحة أن الوكالات اقترحت خلال الحوار إدراج شروط وتوصيفات وظيفية محددة في عقد العمل، مع تقصير مدته من سنتين إلى سنة واحدة.

بسام الشمري: وجود حركة دخول بطيئة للعمالة المنزلية الجديدة المستقدمة إلى البلاد يؤشر على تفاقم الأزمة

ورأت تلك المصادر أن هذه المطالبات الفلبينية من شأنها أن تضاعف إرباك سوق العمالة المنزلية في الكويت لاسيما مع انتهاء عقود عشرات الآلاف من العاملات المنزليات وعدم القدرة على تعويض نقصهن المرشح للتفاقم بشكل حاد خلال الأشهر القليلة المقبلة، فضلا عن عدم التوصل إلى اتفاقات مع دول أخرى لتكون مصادر بديلة للعمالة.

وعلى مدى السنوات الماضية برز ملف العمالة المنزلية كمشغل للعديد من الأطراف السياسية والاجتماعية ولفاعلين اقتصاديين في الكويت بسبب تعقيدات شهدها وتراوحت بين تردّد العديد من الدول في إرسال مواطنيها وتحديدا النساء للعمل في منازل الكويتيين بسبب تهديدات وأحداث عنف وحتى قتل تعرضت لها بعض العاملات، وبين توجّه السلطات نحو تنظيم عمليات استقدام عمال المنازل والضغط على التكلفة المادية التي تترتّب بفعلها على الدولة.

وتم مؤخّرا الكشف عن قرب انتهاء عقود 105 آلاف من عاملات المنازل ما يمثّل 25 في المئة من إجمالي العمالة النسائية في الكويت والبالغ تعدادها وفق المصدر ذاته نحو 420 ألف عاملة، وذلك في ظل توجه الكثيرات من المنتهية عقودهنّ نحو عدم تجديد تلك العقود.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن بسام الشمري المتخصص في شؤون العمالة المنزلية في الكويت قوله إنّ وجود حركة دخول بطيئة للعمالة المنزلية الجديدة المستقدمة إلى البلاد يؤشر على تفاقم الأزمة خصوصا في ظل الزيادة الكبيرة المسجّلة في الطلب على هذا النوع من الأيدي العاملة.

وأرجع قلة العروض إلى عدم التعاون الذي بدأ يظهر من مكاتب الاستقدام الخارجية التي تتعمد تقليص الطلبات المخصصة لكل شركة ومكتب محلي، مضيفا أن القائمين على إدارة هذه المكاتب غير راضين عن تسعيرة وزارة التجارة التي تعد الأقل مقارنة ببقية الدول الخليجية التي تتراوح أسعار الاستقدام فيها بين 1200 و1400 دينار للفرد من العمالة الآسيوية و800 دينار للأفريقية، في حين حدد قرار الوزارة التكلفة محليا بنصف هذه المبالغ تقريبا.

3