الفضائح الجنسية للأمير أندرو تحرج النظام الملكي في بريطانيا

يواجه الأمير البريطاني أندرو، ثاني أبناء الملكة إليزابيث الثانية، دعوى قضائية في نيويورك من قبل فيرجينيا جوفري، التي تزعم أن الأمير ارتكب بحقها جريمة اعتداء جنسي عندما كانت في السابعة عشرة من عمرها، ما تسبب في المزيد من إحراج النظام الملكي البريطاني.
لندن – جُرّد النجل الثاني للملكة إليزابيث الثانية الأمير أندرو من ألقابه العسكرية وأدواره في رعاية الجمعيات، مما يعكس الأثر البالغ الذي تواجهه سمعته بسبب قضية الخبير المالي الأميركي جيفري إبستين، وما تسببه من إحراج متزايد للنظام الملكي البريطاني.
وجاء الخبر المُدوّي الذي أعلنه قصر باكنغهام غداة رفض القضاء الأميركي ردّ دعوى مدنية رفعتها عام 2001 امرأة ضدّ الأمير أندرو تتّهمه فيها بالاعتداء عليها جنسيا حين كان عمرها 17 سنة. ونفى الأمير أندرو نفيا قاطعا الاتهامات الموجّهة إليه.
وجاء في بيان أصدره القصر الملكي البريطاني “بموافقة الملكة وقبولها، أعيدت إليها ألقاب دوك يورك العسكرية ورعاياته الملكية”.
وأشار البيان إلى أنّ “دوق يورك سيستمرّ في عدم تولّي أي منصب عام وسيدافع عن نفسه في هذه القضية كمواطن عادي”، في إشارة إلى أنّ الملكة إليزابيث الثانية لن تموّل أتعاب محاميه ورسوم المحاكمة.
وأوضح مصدر ملكي أنّ دوق يورك لن يستخدم بعد الآن لقب “صاحب السمو الملكي” بصفة رسمية.
جيني بوند: الأمير أندرو أعطى انطباعا بأنه يختبئ في تنانير والدته
وانسحب الأمير أندرو من الحياة العامة منذ مقابلته التي وُصفت بأنها كارثية مع “بي.بي.سي” في خريف 2019، حيث ادّعى أنه لا يتذكر لقاءه بفيرجينيا جوفري ودافع عن صداقته بجيفري إبستين الذي انتحر شنقا في سجنه.
وانتحر إبستين عن 66 عاما بأحد سجون ولاية مانهاتن الأميركية في العاشر من أغسطس 2019 أثناء انتظار محاكمته، وكان اسمه مُقيدا بسجل مرتكبي الجرائم الجنسية. وقال المدعون في وقت لاحق إن الأمير لم يكن متعاونا مع تحقيقاتهم.
وطلب الخميس أكثر من 150 فردا “غاضبا” من الجيش البريطاني من الملكة سحب الألقاب العسكرية من الطيار المروحي السابق الذي شارك في حرب فوكلاند (1982) والذي أمضى 22 عاما في البحرية.
وفي العريضة التي نشرتها مجموعة “ريبابليك” المناهضة للملكية، كتب الموقّعون إنّ الأمير أندرو فشل في الالتزام بواجبات “النزاهة والأمانة والسلوك المشرّف” التي يفترض بأفراد الجيش البريطاني التحلّي بها.
وتدعي صاحبة الشكوى فيرجينيا جوفري أنّ جيفري إبستين الذي كان صديقا لأندرو سلّمها للأمير.
ويُحتمل إجراء المحاكمة خلال الخريف ما لم يحصل الأمير أندرو على قرار استئنافي لمصلحته أو يتم التوصل إلى تسوية حول الموضوع.
وأفاد مصدر مقرّب من الدوق أنّ الأخير يعتزم “الاستمرار في الدفاع عن نفسه”، مؤكّدا أنّ القرار الذي أصدره قاضي نيويورك الأربعاء لا يشكّل “حكما في جدارة الادعاءات التي وجّهتها جوفري”. واعتبر أنّ القضية “بمثابة ماراثون وليست مسارا قصيرا”.
وقالت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، إن الأمير أندرو لا يتمتع بحصانة دبلوماسية ضد الدعوى القضائية، وربما لن تطأ قدمه الولايات المتحدة مرة أخرى خوفا من إحالته إلى المحاكمة.
وعلى الرغم من ذلك فإن الصحيفة نقلت عن خبراء قانونيين تأكيدهم عدم إمكانية تسليم الأمير أندرو للمحاكمة في قضية مدنية أميركية جديدة، موضحين أنه لن يتمكن من الاعتماد على الحصانة الدبلوماسية، لأنها تنطبق فقط على الملكة وأسرتها المباشرة.
لكن في نفس الوقت قال خبراء قانونيون إنه لا يمكن إجبار الأمير على الحضور، لأنه لا يمكن تسليم مواطني المملكة المتحدة لدول أخرى في قضايا مدنية ولا يمكن للمحكمة إجبار الأمير أندرو على الإدلاء بشهادته ما لم يكن موجودا على الأراضي الأميركية.
مع ذلك، حتى لو لم يحضر الأمير أندرو إلى المحكمة الأميركية، يقول خبراء قانونيون إن المحامين سيكونون قادرين على المضي قدما في القضية في غيابه، ويقولون إنه لا يزال من الممكن إجباره على دفع تعويضات إذا خسر القضية.
وألقت هذه القضية بظلال قاتمة على الملكية البريطانية، بعد أيام على الإعلان عن برنامج احتفالات اليوبيل البلاتيني لحكم إليزابيث الثانية المستمر منذ سبعة عقود. وتتضمن الاحتفالات التي تقام في يونيو المقبل عروضا وحفلة موسيقية ومسابقة حلوى ويوم عطلة إضافيا.
وقال ديفيد بويز، وهو أحد محامي جوفري، لـ”بي.بي.سي” مساء الأربعاء إنّ موكلته لم تستبعد التوصّل إلى اتفاق، لكنّه أوضح أن صفقة مالية بسيطة لن تكون كافية.
وأوضح أنّ “الأهم” لفرجينيا أن تُحلّ القضية بطريقة تأخذ فيها حقها وحق الضحايا الآخرين.
واعتبرت المؤرخة المتخصصة في الملكية في جامعة سيتي بلندن أنّا وايتلوك أن “لا حل مناسبا” للأمير، إذ أن لديه خيارين، أولهما الذهاب إلى حدّ المحاكمة، والمجازفة تاليا بما سيُكشف خلالها، وبإمكان خسارة القضية، أما الخيار الثاني فيتمثل في عقد اتفاق مع جوفري، وهو ما يبدو وكأنّه اعتراف من أندرو.
ورأت أنّ عقد أي تسوية مالية سيطرح كذلك أسئلة عن “مصدر الأموال”.
خياران أمام الأمير أندرو: إما الذهاب إلى المحاكمة وإما عقد تسوية مالية مع فيرجينيا جوفري وهو ما يبدو وكأنّه اعتراف
وأشارت الصحافة البريطانية إلى أن الأمير أندرو بادر أخيرا إلى تسوية نزاع حول دين بقيمة 6.6 مليون جنيه إسترليني (نحو 9 ملايين دولار)، وبات في إمكانه تاليا أن يبيع لقاء أكثر من 18 مليون جنيه إسترليني (24 مليون دولار) شاليه في سويسرا كان اشتراها عام 2014.
وعلّقت الصحافية الملكية السابقة جيني بوند عبر “سكاي نيوز” قائلة إنّ الأمير أندرو أعطى في الأشهر الأخيرة “انطباعا بأنّه أرنب هارب” أو “يختبئ في تنانير والدته في قصر بالمورال لتجنّب” الدعوى المرفوعة في حقه.
وتابعت “يا له من إحراج أن تساءل امرأة عمرها 95 عاما ابنها البالغ من العمر 61 عاما حول اتهامات بتصرفات جنسية شنيعة”.
ويقول أليكس ماكريدي، رئيس قسم السمعة والخصوصية في شركة “فارداجيس” القانونية في لندن، والمتخصصة في التعامل مع قضايا الزبائن البارزين، أن تداعيات الدعوى يمكن أن تضر بسمعة العائلة.
ويضيف ماكريدي إن “نهج دفن الرأس في الرمال، الذي تتبعه العائلة الملكية، سيثير انتقادات من جهات عديدة، مع العلم أنه أيا كان المسار الذي يختاره الأمير أندرو، فقد تم بالفعل إلحاق ضرر كبير بسمعته الخاصة، وبالعائلة المالكة أيضا، والذي سيكون من الصعب التخفيف من آثاره”.