الفصائل المسلحة تدخل وسط حماة بعد اشتباكات ضارية مع الجيش

قوات المعارضة تسيطر على المطار العسكري والسجن المركزي وتحرر عددا كبيرا من السجناء.
الخميس 2024/12/05
معارك كسر عظم رجحت كفة المعارضة

دمشق – اعلنت وزارة الدفاع السورية اليوم الخميس الانسحاب من مدينة حماة الواقعة وسط البلاد بعد اشتباكات ضارية مع قوات المعارضة التي أحاطت بالمدينة من ثلاثة جهات.
وتحدث الجيش السوري عما وصفها بإعادة الانتشار والتموضع خارج مدينة حماة في إشارة للانسحاب.
وقالت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية في بيان نشرته وزارة الدفاع على صفحتها بموقع فيسبوك اليوم "خاضت قواتنا المسلحة على مدى الأيام الماضية، معارك ضارية لصد وإفشال الهجمات العنيفة والمتتالية التي شنتها التنظيمات الإرهابية على مدينة حماة من مختلف المحاور وبأعداد ضخمة مستخدمة كل الوسائط والعتاد العسكري، ومستعينة بالمجموعات الانغماسية".
وأشارت إلى أنه "خلال الساعات الماضية ومع اشتداد المواجهات بين جنودنا والمجموعات الإرهابية وارتقاء أعداد من الشهداء في صفوف قواتنا تمكنت تلك المجموعات من اختراق محاور عدة في المدينة ودخولها، رغم تكبدهم خسائر كبيرة في صفوفهم.

وكانت فصائل المعارضة المناهضة للنظام السوري أعلنت دخولها وسط مدينة حماة مع استمرار الاشتباكات العنيفة. وسيطرت الفصائل على أحياء المزارب والصناعة والأربعين.
وقال حسن عبد الغني، القيادي في "إدارة العمليات العسكرية" للفصائل المعارضة عبر حسابه في وسائل التواصل الاجتماعي "حماة الفداء؛ دخلها المجرم حافظ الأسد بالدبابات وسلبها من أهلها، واليوم دخلناها بالدبابات ونعيدها لأهلها".

وتحدثت مصادر عن سيطرة الفصائل على مطار حماة العسكري اضافة  للسجن المركزي حيث تم تحرير عدد من السجناء.
وقال زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمّد الجولاني الخميس إن "لا ثأر" في المدينة.
وفي مقطع فيديو مقتضب نشرته إدارة عمليات الفصائل على تطبيق "تلغرام"، خاطب الجولاني أهالي المدينة "أبشّركم أن إخوانكم المجاهدين الثوار بدأوا بالدخول الى مدينة حماة لتطهير ذاك الجرح الذي استمر في سوريا لمدة 40 عاما". وأضاف "أسال الله عز وجل أن يكون فتحا لا ثأر فيه بل فتحا كله رحمة ومودة".
وحث رئيس الوزراء العراقي في بيان مصور على عدم السماح للحشد الشعبي المدعوم من إيران بالتدخل في سوريا، وحذر من تصعيد التوتر بالمنطقة.

وكان مصدر سوري نفى في وقت مبكر الخميس سيطرة المعارضة غلى المدينة قائلا "لا صحة للأنباء التي توردها مصادر الإرهابيين حول وصولهم إلى منطقة جسر المزارب أو دخولهم أي حي من أحياء مدينة حماة، وجميع قواتنا بعرباتها وآلياتها المنتشرة على أطراف المدينة تتمركز في نقاط متقدمة وتشكل خطوطا دفاعية منيعة في مواجهة أي محاولة تسلل للإرهابيين".

ويأتي هذا في وقت تستمر معارك "كسر عظم" بين الجيش السوري ومقاتلون من المعارضة المسلحة الذين يحاولون دخول حماة منذ الثلاثاء ويقول الجانبان إن قتالا عنيفا دار خلال الليل مع الجيش السوري وجماعات مسلحة مدعومة من إيران بدعم من قصف روسي.

وقال مدير المرصد السوري رامي عبدالرحمان "حماة هي نقطة الوصل بين التقدم الذي حققته هيئة التحرير الشام وبين الدفاع الذي يقوم به النظام الذي صب جام قوته في هذه المعركة التي تعد من أكبر المعارك في تاريخ سوريا الحديث".

وأكد في تصريحات سابقة أن قوات النظام باتت على جبل زين العابدين بعد تراجع العصائب الحمراء وهي قوات النخبة في الهيئة وظيفتها المهمات الصعبة تأسست في عام 2018".

ويقع الجبل إلى الشرق من بلدة قمحانة، وهي التي تتركز فيها حشود قوات النظام السوري على نحو كبير، من الجهة الشمالية لحماة.

ويقول المرصد إن "جبل زين العابدين له أهمية بالنسبة إلى الإيرانيين وهم يستميتون من أجل الحفاظ عليه".

وكان الجيش السوري قد نجح في حسم معركة استراتيجية كان من الممكن أن تتيح للفصائل الدخول إلى المدينة، بعد السيطرة على جبل زين العابدين المطلّ عليها.

في حين دفعت "هيئة تحرير الشام" بفرقتها المسماة "العصائب الحمراء" لحسم المعركة، بحسب المرصد الذي أكد أن بسيطرة النظام على هذا الجبل منع سقوط حماة.

وسيطرت المعارضة المسلحة على مدينة حلب الرئيسية في الشمال الأسبوع الماضي وتحاول منذ ذلك الحين التقدم صوب الجنوب من شمال غرب سوريا ووصلت لتل استراتيجي يشرف على حماة من جهة الشمال الثلاثاء وبدأت في التقدم صوب المدينة من الشرق والغرب الأربعاء.

وظلت حماة خاضعة لسيطرة الحكومة خلال الحرب الأهلية التي اندلعت منذ 2011 بعد انتفاضة ضد الرئيس بشار الأسد. وإذا تمكنت المعارضة المسلحة من السيطرة على حماة فسيكون لذلك تداعياته على دمشق وحليفتيها موسكو وطهران.

وتقع المدينة على بعد أكثر من ثلث الطريق من حلب إلى دمشق وستفتح السيطرة عليها الطريق أمام تقدم المعارضة المسلحة صوب حمص، وهي مدينة رئيسية في وسط البلاد تعد تقاطع طرق يربط أغلب المناطق المكتظة بالسكان في سوريا.

وحماة مهمة أيضا لبسط السيطرة على مدينتين أخرتين تضمان أقليات دينية وهما محردة التي يقطنها الكثير من المسيحيين، والسلمية التي يقطنها العديد من أبناء الطائفة الإسماعيلية وهي إحدى فرق الشيعة.

وأقوى فصائل المعارضة المسلحة هي هيئة تحرير الشام اتي تتشكل من مسلحين سنة كانوا يدينون قبل ذلك بالولاء لتنظيم القاعدة. وتعهد الجولاني بحماية الأقليات الدينية في سوريا، لكن الكثيرين يشعرون بالخوف من صعود المعارضة المسلحة.

وزار الجولاني الأربعاء قلعة حلب التاريخية، في لحظة رمزية لقوات المعارضة التي طردت من المدينة في عام 2016 بعد شهور من الحصار والقتال العنيف مما شكل أكبر هزيمة لها في الحرب. وكانت حلب أكبر مدينة في سوريا قبل الصراع.

وتحاول هيئة تحرير الشام وفصائل معارضة أخرى ترسيخ سيطرتها على حلب وإخضاعها لإدارة ما يطلق عليها (حكومة الإنقاذ) التي أسستها المعارضة في جيبها الواقع في شمال غرب سوريا.

وقال سكان في حلب إن هناك نقصا في الخبز والوقود وإن خدمات الاتصالات مقطوعة أيضا.

وشكلت روسيا وإيران عاملا حاسما في مساعدة الأسد على استعادة معظم مناطق سوريا وجميع المدن الرئيسية في الفترة من 2015 إلى 2020 بعدما سيطرت المعارضة على مساحات شاسعة من الأراضي في السنوات الأولى من الحرب، وتعهدتا بمساعدته مرة أخرى.

غير أن تركيز روسيا ينصب على الحرب في أوكرانيا كما تكبدت جماعة حزب الله اللبنانية، الحليف الرئيسي لإيران بالشرق الأوسط، خسائر فادحة في لبنان جراء الضربات الإسرائيلية على الجماعة في الشهرين الماضيين. ولعبت جماعة حزب الله على مدى سنوات دورا رئيسيا في دعم الأسد.

وكثفت روسيا الضربات الجوية على المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة في شمال سوريا خلال الأسبوع المنصرم. وقالت مصادر عراقية وسورية إن فصائل من العراق متحالفة مع إيران عززت خطوط المواجهة بعد نقل مقاتلين عبر الحدود الاثنين.