الفراهيدي وابن دريد والمبرد ثلاثة عمانيين أثروا اللغة العربية

الخليل بن أحمد الفراهيدي يعد من أبرز الشخصيات التي أسهمت في تطوير علوم اللغة العربية.
الثلاثاء 2024/08/06
العربية لغة أثراها الكثيرون (لوحة للفنان نجا المهداوي)
طلال المعمري

مسقط - تعد اللغة العربية ركيزة أساسية للهوية الثقافية والحضارية للشعوب العربية، وقد أسهم العمانيون بشكل كبير في صقل هذه اللغة وخدمتها على مر العصور؛ فمنذ العصور الأولى للإسلام، برزت عمان مركزا علميا وثقافيا وأسهم أهلها في تطوير علوم اللغة العربية، ووضعوا أسسا راسخة في مجالات النحو والصرف والبلاغة.

ويعد الخليل بن أحمد الفراهيدي من أبرز الشخصيات التي أسهمت في تطوير علوم اللغة العربية، ونشأ الخليل بن أحمد في ساحل الباطنة بعمان، ورحل إلى البصرة ولمع نجمه هناك، حيث ابتكر علم العروض ومعجم العين والميزان الصرفي وصار أستاذا للغة في بلاد العراق وألف في علوم كثيرة برز فيها غيره.

وفي القرن الثالث للهجرة بزغ من عمان عالمان كبيران، أحدهما “ابن دريد” وهو شاعر اسمه أبوبكر محمد بن الحسنين درید. نشأ ابن دريد بعمان وتنقل بين البصرة وفارس وبغداد، وكان أعلم الناس في زمانه باللغة والشعر وأيام العرب وأنسابها، وانتهى في اللغة إلى مقام الخليل بن أحمد فيها، وأورد فيها أشياء لم توجد في كتب المتقدمين، وكان يقال بأنه أعلم الشعراء وأشعر العلماء، ولما مات قيل مات علم اللغة، وعاش معظم أيام حياته في العراق وتوفي به.

ألف ابن دريد كتبا كثيرة منها كتاب “الجمهرة في اللغة”، وكتاب “الاشتقاق” في اللغة وهو من أهم المصادر في هذا الميدان.

أما العالم الآخر فهو الأديب الكبير أبو العباس المبرد الذي نشأ أيضا في ساحل الباطنة بعمان، ثم رحل إلى العراق وأصبح إماما في النحو واللغة، وألف كتبا كثيرة منها كتابه الشهير “الكامل في الأدب”، وكتاب “الروضة”، وكتاب “المقتضب”.

واستمر العمانيون في التأليف بعلوم اللغة؛ فقد برز أبوالمنذر سلمة بن مسلم العوتبي الصحاري الذي ألف أربعة كتب منها كتاب في اللغة العربية يسمى كتاب “الإبانة” وهو من الكتب المعتبرة والمفيدة في علوم اللغة العربية.

العمانيون أسهموا بشكل كبير في صقل اللغة العربية وخدمتها منذ العصور الأولى للإسلام
العمانيون أسهموا بشكل كبير في صقل اللغة العربية وخدمتها منذ العصور الأولى للإسلام

أما في الشعر فقد زخرت عمان بالشعراء منذ العصر الجاهلي، مثل: مالك بن فهم وأولاده وغيرهم من أهل عمان، ومن شعراء عمان الذين عاشوا في أواخر العصر الجاهلي ثم لحقوا عصر البعثة النبوية، مازن بن غضوبة السعدي السمائلي الطائي العماني الذي قال شعرا دونته المصادر التاريخية، ورحل إلى المدينة المنورة حيث أسلم وعاد إلى عمان ينشر فيها الإسلام.

وفي غمرة الأحداث التاريخية التي تعرضت لها عمان في عصر بني أمية وعصر بني العباس ضاع الكثير من الشعر الذي قاله العمانيون، ومع ذلك بقي منه ما أثبتته كتب التاريخ والأدب من ذلك شعر المهالبة، وشعر ثابت قطنة المتكي، ثم ظهر الشعر بقوة في عهد الأئمة حيث كان من الأئمة من يقول الشعر، منهم الإمام راشد بن سعيد اليحمدي الذي تولى الإمامة بعد موت الخليل بن شاذان في عام (425هـ/ 1033 م).

وارتفع شأن الشعر عند النباهنة أيضا وراجت بضاعته كما ازدهر الشعر ازدهارا عظيما في عهد اليعاربة واستمر في الازدهار في عصر الدولة البوسعيدية وكان بعض سلاطين البوسعيد يقولون الشعر ولذلك شجعوا الشعر والأدب، ومن هؤلاء السيد سعيد ابن الإمام أحمد بن سعيد الذي تولى حكم عمان بعد وفاة أبيه، وقال شعرا أثبته السالمي في تحفة الأعيان. وكذلك السيد هلال ابن الإمام أحمد بن سعيد.

 أما الشعراء الذين ظهروا في عهدهم فعددهم كبير منهم الشيخ عمرو بن عدي بن عمرو بن محمد البطاشي (ت 1317هـ / 1899م) والشيخ سعيد بن مسلم بن سالم البحري السمائلي (ت 1372هـ /1925م) والشيخ سليمان بن سعيد بن ناصر الكندي النزوي (ت 1379هـ /1959م) والشاعر حمود بن محمد بن سعيد الخروصي (ت 1352هـ / 1933 م) والشيخ جمعه بن سليم بن هاشل الخنجري الحارثي (ت 1387هـ / 1967م) والشيخ الأديب عبدالرحمن بن ناصر بن عامر الريامي الأزكوي (ت 1374 هـ / 1954م)، والشيخ محمد بن سيف بن عبدالله السعدي السمائلي (ت 1365 هـ / 1946م) والشيخ عبدالله بن سليمان بن عبد الله بن سعد الله النبهاني (1352هـ / 1933م) والطبيب الماهر سعيد بن راشد بن مسلم الفارسي السمائلي (ت 1367 هـ / 1947م) والشيخ سيف بن سالم بن هاشل المسكري (ت 1343هـ / 1924م) و غيرهم الذين تركوا لنا دواوين عديدة في الشعر، مثل ديوان المعولي وديوان النبهاني والبهلاني وابن شيخان والخليلي وابن رزيق وابن عرابة وغيرها؛ ما يدل على نهضة أدبية كبيرة غمرت عمان منذ ظهور الإسلام وحتى القرن العشرين.

13