الفراغ يمتد إلى المؤسسة الأمنية في لبنان

فشل مساعي تمديد خدمة مدير الأمن العام اللبناني.
الأربعاء 2023/03/01
أدوار سياسية إلى جانب المهمة الأمنية

امتدت الأزمة السياسية في لبنان الناجمة عن الفراغ الرئاسي إلى المؤسسة الأمنية الأكثر حساسية في هذه المرحلة الدقيقة ما يزيد الأوضاع تعقيدا، خاصة وأن المؤسسة العسكرية أيضا يتهددها الفراغ.

بيروت - فشلت مساع سياسية قادها رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي إلى جانب رئيس البرلمان نبيه بري في توافق الفرقاء السياسيين على آلية لتمديد مهام المدير العام للأمن اللبناني اللواء عباس إبراهيم، ما يثير مخاوف من تداعيات ذلك على تماسك المؤسسة الأمنية وعمل وحداتها في ظل توقعات بتجدد موجة الاحتجاجات المطلبية بعد تزايد تدهور الأوضاع الاقتصادية.

تنتهي هذا الأسبوع مدة خدمة مدير الأمن العام اللبناني القوي، ولم يناقش مجلس الوزراء أو البرلمان بعد إجراء من شأنه أن يسمح له بالبقاء في منصبه بعد بلوغه سن التقاعد القانوني.

ويرأس إبراهيم، المنحدر من جنوب لبنان، مديرية الأمن العام منذ 2011 ويعتبر محاورا رئيسيا في المنطقة إذ يحتفظ بعلاقات جيدة مع جماعة حزب الله المدعومة من إيران ومع حكومات غربية.

وسيبلغ عُمر إبراهيم الخميس 64 عاما، وهو سن التقاعد القانوني في لبنان. وأصدرت السلطات اللبنانية في الماضي استثناءات لكبار المسؤولين للاستمرار في عملهم بعد هذا السن إذا اعتُبر خلو مناصبهم تهديدا لاستقرار البلاد.

من المتوقع أن يعين وزير الداخلية بسام مولوي مديرا للأمن العام اللبناني بالإنابة بمجرد انتهاء خدمة اللواء عباس إبراهيم

لكن حكومة تصريف الأعمال في لبنان لم تبحث التمديد في اجتماعها الاثنين. وقال وزير الإعلام زياد المكاري للصحافيين بعد الاجتماع إن مجلس الوزراء لا يمكنه فعل أي شيء وإن القرار سيتخذه وزير الداخلية.

وقال ميقاتي في مقابلة الأسبوع الماضي إن البرلمان هو المنوط بمعالجة هذه القضية لأنها تنطوي على تعديلات قانونية. ولم يجتمع البرلمان ولم يتم تحديد أي جلسة قبل أن يتقاعد إبراهيم.

وقال مصدر مقرب من حزب الله إن الجماعة حاولت “إلقاء ثقلها بالكامل” من أجل عقد جلسة للبرلمان بهدف تمديد بقاء إبراهيم في منصبه، لكنها لم تتمكن من الحصول على ما يكفي من الدعم.

ومن المتوقع أن يعين بسام مولوي مديرا للأمن العام اللبناني بالإنابة بمجرد انتهاء خدمة إبراهيم.

وكشفت مصادر لبنانية الثلاثاء أنه تمّ التمديد للعميد إلياس البيسري لمدة 9 أشهر ليخلف اللواء إبراهيم كمدير عام لمديرية الأمن العام بالوكالة.

وأفادت المصادر أن التمديد للعميد البيسري جاء وفقا للمادة 55 من قانون الدفاع الوطني التي تنصّ على التمديد في حالة “الاعتلال” وهي حالة البيسري الذي تعرض لحادثة تفجير الوزير السابق إلياس المرّ عام 2005.

ويُنظر إلى إبراهيم على أنه مقرب من حزب الله والسلطات في سوريا المجاورة، لكنه يسافر أيضا بانتظام إلى واشنطن وباريس للقاء مع كبار المسؤولين هناك.

اقرأ أيضاً: تحالف مار مخايل آخر أوراق باسيل للضغط على حزب الله
اقرأ أيضاً: تحالف مار مخايل آخر أوراق باسيل للضغط على حزب الله

وبالتالي، فإنه يُنظر إليه على أنه محاور مهم. وكان إبراهيم انخرط في قضايا منها قضية الصحافي الأميركي المفقود أوستن تايس والمحادثات التي توسطت فيها الولايات المتحدة بين لبنان وإسرائيل بشأن الحدود البحرية للبلدين والتي تم ترسيمها العام الماضي.

وواجه إبراهيم هذا العام اتهامات من طارق البيطار، القاضي اللبناني المكلف بالتحقيق في الانفجار الكارثي الذي وقع في مرفأ بيروت في أغسطس 2020، لكنه ظل في منصبه.

وتتوزع المواقع الأساسية في الدولة اللبنانية على 179 وظيفة من الفئة الأولى أو ما يعادلها، وستصبح العشرات منها شاغرة هذا العام، تضاف إليها المواقع التي شغرت في النصف الثاني من العام الماضي، وعجزت السلطة السياسية عن إجراء التعيينات لملئها، إثر إخفاقها بتشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات البرلمانية التي حصلت منتصف شهر مايو الماضي.

وتشهد الساحة السياسية اللبنانية حاليا حالة من الغموض والقلق بشأن مسار العمل في المؤسسات الدستورية وبقاء البلاد في حالة الفراغ الرئاسي منذ الحادي والثلاثين من أكتوبر الماضي، وما خلفه ذلك من تداعيات على عمل مجلس النواب تتعلق بمسألة التشريع في ظل الفراغ الرئاسي، إلى جانب مخاوف حول مسار الحكومة التي تولت صلاحيات رئيس الجمهورية بحكم الدستور على ضوء تهديد أحد الفرقاء السياسيين بانسحاب وزرائه في حال التمديد للقادة الأمنيين والعسكريين.

وبفعل تعقد الحسابات، السياسية والطائفية في لبنان، فإن اختيار رئيس للبلاد، أو حتى تشكيل حكومة أو تكليفها، يستغرق في العادة أشهرا عديدة، وفي العام 2016، وبعد أكثر من عامين من الشغور في سدة الرئاسة، جاء انتخاب ميشال عون رئيسا للبلاد بعد 46 جلسة برلمانية بموجب تسوية سياسية بين الفرقاء السياسيين.

غير أن الفراغ السياسي القائم في لبنان حاليا، يبدو مختلفا، في ظل أزمة اقتصادية غير مسبوقة تعاني منها البلاد، وأدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، وكذلك في ظل وجود حكومة تصريف أعمال، تبدو عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية في ملفات ملحة أهمها القيام بإصلاحات، يضعها المجتمع الدولي شرطا لدعم لبنان.

2