الفاشر نقطة تحول في الصراع المستمر منذ عام في السودان

تحرك الدعم السريع باتجاه الولاية كان منتظرا لاسيما بعد رفض قيادة الجيش لكل جهود التهدئة.
الاثنين 2024/04/15
خشية من الدخول في أتون الحرب

الفاشر (دارفور) - يتصاعد القلق الدولي على مصير الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور مع ازدياد وتيرة العنف عشية دخول الحرب في السودان عامها الثاني، وخشية من اندلاع معارك عنيفة فيها بعد أن كانت مركزا رئيسيا لتوزيع الإغاثة والمساعدات.

وتعد الفاشر الولاية الوحيدة التي بقيت خارج سيطرة قوات الدعم السريع في إقليم دارفور، ويرى مراقبون أن تحرك الدعم السريع باتجاه الولاية كان منتظرا لاسيما بعد رفض قيادة الجيش لكل جهود التهدئة، فضلا عن تحركها مع فصائل مسلحة من أجل إعادة خلط الأوراق في الولايات الأربعة الأخرى.

والسبت، “اندلعت اشتباكات في غرب مدينة الفاشر” بين قوات الدعم السريع والحركات المسلحة، بحسب ما أفاد آدم أحد الحقوقيين السودانيين ، طالبا ذكر اسمه الأول فقط. وأعلنت منسقية النازحين بدارفور أن الاشتباكات أسفرت عن “مقتل عشرة مدنيين وجرح 28”.

وتأتي المواجهات الجديدة في دارفور في ظل انقسام حاد بين الحركات المسلحة المتواجدة هناك، والذي بلغ ذروته الخميس حيث أعلنت ثلاث حركات تتبع لكل من مني أركو مناوي وجبريل إبراهيم ومصطفى تمبور عن تخلي قواتها الموجودة في القوة المشتركة عن مبدأ الحياد.

وقالت تلك الحركات إنها ستقاتل مع الجيش، في حين حذرت مجموعتان يقودهما عضوا مجلس السيادة المقالان الهادي إدريس والطاهر حجر من خطورة الخطوة وقالتا إنها ستجر الإقليم لحرب أهلية، وتعهدتا بالاستمرار في حماية المدنيين.

عبدالله حمدوك: السودان يواجه مخاطر الانقسام على أسس عرقية وإثنية
عبدالله حمدوك: السودان يواجه مخاطر الانقسام على أسس عرقية وإثنية

ويرى مراقبون أن معركة الفاشر قد تشكل نقطة تحول في الصراع الدائر في السودان، فإن نجحت قوات الدعم السريع فسيعني كتابة نهاية الحركات المسلحة الداعمة للجيش، وفي حال فشلت فإن ذلك قد يقود إلى انهيار دفاعات الدعم السريع في باقي الأنحاء.

وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيان السبت عن “قلقه العميق” إزاء تقارير تشير إلى “احتمال وقوع هجوم وشيك على الفاشر”. ونقل البيان عن غوتيريش قوله إن “مثل هذا الهجوم سيكون مدمرا للمدنيين في المدينة” التي تعتبر “مركزا إنسانيا أمميا يضمن تقديم المساعدات الإغاثية” في جميع أنحاء دارفور.

ومع دخول الحرب عامها الثاني، حذّر عبدالله حمدوك رئيس الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، الأحد من مخاطر الانقسام على أسس عرقية وإثنية، معتبراً أن استمرار الحرب يهدد بانهيار السودان بشكل كامل.

وقال حمدوك، في خطاب مصور نشر على وسائل التواصل الاجتماعي، إنّ “الحرب التي تمزق بلادنا تكمل عامها الأول، اثنتا عشر شهراً من الموت والخراب”. وأردف “في كل يوم من استمرارها تزداد معاناة شعبنا، وقد فقد عشرات الآلاف من المدنيين والعسكريين من أبناء وبنات شعبنا حياتهم، وتشرد الملايين بين مدن النزوح وأقطار اللجوء، كما يفتك الجوع والمرض والفقر بالملايين، وتتقطع أوصال الدولة السودانية، وتنقطع خطوط التواصل بينها، وتنهار بنياتها الأساسية التي تم تأسيسها بجهد ومال الشعب. ويفقد الناس ممتلكاتهم وأموالهم، التي تم نهبها وسلبها”.

وحمّل حمدوك المسؤولية الرئيسية في اندلاع الحرب للجيش الذي انقلب على السلطة في 25 أكتوبر 2021، وقال رئيس تنسيقية تقدم “لم تندلع هذه الحرب فجأة، بل كانت أسباب تفجرها تتراكم يوماً بعد يوم، وقد ظللنا نحذر من لحظة اقترابها ونتحدث عما ستجلبه لبلادنا من كوارث ومصائب”.

وأكد على تمسك القوى المدنية بمواقفها الداعية لوقف الحرب ومعالجة الأوضاع الإنسانية ووقف استهداف المدنيين، واستعادة مسار التحول الديمقراطي، وفتح حوار موسع يؤدي لتشكيل هياكل الانتفال، وشدد على العودة لمنبر التفاوض واتخاذ الحل السلمي التفاوضي طريقا لإنهاء الحرب ومعالجة أثارها. وكانت الولايات المتحدة نددت الخميس بـ”صمت” المجتمع الدولي عن الوضع المأسوي في السودان، مبدية أملها في سرعة تحديد موعد لاستئناف المفاوضات بين طرفي القتال.

وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد للصحافيين “بينما تتجه المجموعات السكانية نحو المجاعة، ومع انتشار الكوليرا والحصبة، وبينما يواصل العنف حصد أرواح عدد لا يحصى من الضحايا، ظل العالم صامتا إلى حد كبير، وهذا يجب أن يتغير”. يعيش في إقليم دارفور، هذه المنطقة الغربية التي تعادل مساحتها مساحة فرنسا، ربع سكان السودان الذي يبلغ عدد سكانه حوالى 48 مليون نسمة.

وأسفرت المعارك منذ اندلاعها في 15 أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص، بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في مدينة الجنينة في غرب دارفور وحدها، وفقا لخبراء الأمم المتحدة. كما أسفرت الحرب عن تشريد أكثر من 8,5 ملايين شخص، ودمرت إلى حد كبير البنية التحتية للبلاد التي بات سكانها مهددين بالمجاعة.

اقرأ أيضا: 

ناجون من الحرب في السودان يصارعون من أجل البقاء في تشاد

2