الغياب عن الساحة الفنية مخاطرة تواجه النجوم

القاهرة – يختلف كثيرون حول فكرة غياب الفنان عن الساحة الدرامية لفترة وعودته إليها بعد سنوات، تلك الفترة التي قد يصعد فيها نجوم يأخذون نصِيبا وافرا من فرص العمل والشهرة، تصعّب من فكرة عودة نجوم مخضرمين إلى الساحة الفنية، وهنا يصبح العبء أكثر ثقلا على الفنان العائد بعد غياب، فإما أن تُكتب له عودة سالمة أو ينطفئ بريقه.
وعانى الكثير من الممثلين من تلك المشكلة، مع صعود أجيال جديدة حققت شعبية واسعة جعلت من عودة البعض مسألة معقدة، وأجبرت نجوما كبارا على قبول أدوار ثانوية أو مساندة لممثلين آخرين.
لا تخشى الفنانة اللبنانية نور خطرَ الاندثار بداعي الغياب سنوات طويلة، ومثلت فترة غيابها عن الساحة الدرامية، منذ تقديم مسلسلي “سرايا عابدين” مع قُصي خولي ويسرا، و”الاكسلانس” مع أحمد عز، لكنها عادت في رمضان الحالي بمسلسل “رحيم” مع الفنان ياسر جلال، في دور “لايف كوتش” (مدربة نفسية)، وتجمعها علاقة شائكة ببطل العمل “رحيم” الذي يؤدي دوره ياسر جلال.
ورغم فترة غياب نور عن الدراما التلفزيونية، إلاّ أنها حاولت تعويض ذلك بحضورها السينمائي خلال العامين الماضيين، وشاركت الفنان تامر حسني بفيلم “تصبح على خير”، وسبقته بفيلم “30 يوم” مع أحمد السقا ومنى زكي وشريف منير، ما جعل الفنانة تحافظ على قدر من شعبيتها التي بدأت في مصر مطلع الألفية الجديدة، منذ مشاركتها بطولة فيلم “شورت وفانلة وكاب” .
وتؤكد نور في حوارها مع “العرب”، أن هناك سنوات مضت بالفعل كان من المفترض أن تعمل فيها بشكل أفضل، لأن الغياب يؤثر في حياة أي فنان، لكن هذا التأثير السلبي “يزول سريعا، إذا عاد وعمل بطاقة كبيرة تتوازى مع مدى اشتياق الجمهور إليه”.
وتضيف “الممثل الذكي لديه قدرة على العودة بسهولة والتأقلم مع كل وضع وعمل، وهو ما أسعى إليه دائما من خلال تقديم شخصيات جديدة ومتنوعة”.
وتقرّ نور بأنه لم تحدث خلال فترة غيابها الأخيرة تغيرات جذرية في صناعة الدراما، والحدث الأبرز الذي بات واضحا وجود إنتاج متميز بسخاء أكبر على الأعمال الدرامية، والتصوير في أماكن مفتوحة، بعد أن كان مقتصرا على الأماكن الداخلية، لأن طبيعة القصص تغيرت، وبدأت تنطلق بأحداثها إلى ما هو بعيد وخارج عن المألوف، ما يتطلب الإنفاق الجيد على العمل المكتوب، بصورة تتيح الفرصة للتفكير في التصوير بالخارج.
ويعد الاختيار في المشاركة بالبطولة الجماعية أو التفرد بنظيرتها المطلقة، أمرا لم يعق رحلة نور الفنية، وجعلها تحافظ على حضورها حتى مع الابتعاد على فترات، وهنا تقول “البطولة المشتركة يجتمع فيها فريق العمل على تقديم شيء مميز وغني، والفيصل في العمل الفني هو السيناريو والإخراج”.
ومع أن الأعمال التلفزيونية أصبحت الضمان الأفضل لعدد كبير من الفنانين، من حيث الظهور المنتظم، إلاّ أن نور تتعامل بمنهجية تختلف عن ذلك المنطق، لأن أعمالها التي تندرج تحت هذا المعنى لا تزال قليلة، مقارنة بأعمالها السينمائية، وهي المحطة التي انطلقت منها.
وتعتقد نور أن الدراما التلفزيونية “تحتاج إلى مجهود ووقت طويل وأحيانا تحتاج إلى عزلة لعدة أشهر، خاصة إذا كان العمل فريدا ومميزا، وهو ما وجدته أخيرا في مسلسل رحيم الذي كتبه محمد إسماعيل أمين وأخرجه محمد سلامة”.
وتضيف لـ”العرب” “قصة رحيم مميزة وتجربة مختلفة عن أعمالي السابقة، وأنا سعيدة بالتعاون مع فريق كبير منظم يساعد الممثل على الوصول إلى أقصى درجة تجعله لا يفكر إلا في دوره”.
وتتابع “شخصية داليا التي أقدّمها ضمن الأحداث لم أجسدها من قبل، فضلا عن وجود سيناريو ومخرج جيدين للعمل مع حضور قوي لأبطال العمل مثل ياسر جلال وصبري فواز ودنيا وسامي مغاوري، وهذا منح العمل المزيد من القوة والتألق”.
وتبدو شخصية الـ”لايف كوتش” -أو المدرب النفسي- التي تقدّمها نور في المسلسل كأنها تعيش صراعا نفسيا، وهو ما تشير إليه الفنانة قائلة “ترتكز أحداث العمل على هذا الجانب النفسي وليس على الوظيفة ذاتها كما يعتقد البعض، والتي تم استخدامها هنا للتأكيد على الفكرة”. وتتمحور وظيفتها حول مساعدة الآخرين، وتؤكد أحداث العمل أنها تعاني من صدمات نفسية، ما يدفعها إلى الاستعانة بطبيب نفسي.
وتبدو الفنانة نور على مدار رحلتها الفنية أكثر حرصا على الاقتراب من تجسيد الأدوار المركبة، وهو ما تشير إليه بالقول “أحب الشخصيات المركبة التي تستفز الممثل والمشاهد، والتي تبتعد عن النمطية”.
وحملت المسلسلات التي قدّمتها نور طوال السنوات الماضية مزيجا من النمط السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ما يجعل طبيعة الأعمال التي تقدّمها تحمل ثراء واضحا.
وتحكي نور عن طريقة استعدادها لشخصية داليا في مسلسل “رحيم” قائلة “طبيعة تعامل الفنانة مع أدوارها التي تحاول فيها خلق قدر من العمق في الأداء تحتاج إلى قراءة معمَّقة، وداليا مليئة بالتعقيدات، لذلك قمت بالتحضير الجيد للعمل، ووضعت الكثير من التساؤلات للسيناريست محمد إسماعيل أمين والمخرج محمد سلامة، وتناقشت معهما في وجهة نظري وطريقة تقديم الشخصية”.
وتعاملت نور على مدار رحلتها الفنية مع الكثير من المخرجين، لكن التجربة مع مخرج جديد لها طعم خاص، وتشير إلى أن محمد سلامة مخرج مسلسل “رحيم” له مدرسة خاصة، فهو “شخص لديه ثقة بذاته وينصت جيدا لوجهة نظر الآخرين ويسير بالتوازي معهم، ويوفق بين النقاط المتعارضة”.
وتلفت نور إلى أن أدوار الفنانات في السنوات الأخيرة أصبحت خارجة عن الإطار التقليدي، ما منحهنّ مساحات أعظم ليسترددن البعض من مكانتهنّ التي تراجعت مؤخرا، وتشدّد على حبها للشخصيات التاريخية والسير الذاتية، مؤكدة أنها تشعر بسعادة في تقديم الأدوار المقتبسة من أحداث حقيقية، وكشفت لـ”العرب”، أن هناك عملا مهما تحضّر له عن حياة الأديبة مي زيادة، لأن حياتها ثرية وفيها الكثير من الأحداث.
