الغنوشي يحن لأيام السبسي "ملاكه السياسي الحارس"

الرئيس التونسي قيس سعيد أوقف رئيس البرلمان عن تجاوز صلاحياته.
الجمعة 2020/07/24
بالمرصاد لألاعيب النهضة

تونس – بدا رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي متحسرا على أيام الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، فقد وصفه ضمن مقال في الذكرى الأولى لوفاته بـ”الصديق والرفيق والديمقراطي المؤمن بالثورة”، في تأكيد واضح على أن الغنوشي يعيش وضعا صعبا بعد انقضاء مرحلة التوافق ورحيل مهندسها وراعيها والذي كان بمثابة الملاك السياسي الحارس لرئيس حزب النهضة الإسلامي.

وسعى الغنوشي في مقال له بمجلة ليدرز الإلكترونية إلى إظهار صداقته المتينة مع قائد السبسي، وأن سياسة التوافق التي أفرزها لقاء باريس بينهما في 2013 قد أسست لاستقرار تونس.

وتوفي قائد السبسي في الخامس والعشرين من يوليو من السنة الماضية في المستشفى العسكري بتونس عن عمر ناهز 93 سنة.

وأشار الغنوشي إلى أن “التقليل من شأن المنجز التوافقي أو محاولة تشويهه والانقلاب عليه مرفوض، لأنّ إنقاذ التجربة الديمقراطية لم يكن شيئا بسيطا والأيام تؤكد لكل ذي رأي حصيف أن تراجع ثقافة التوافق في وضع سياسي هشّ يقابله تنامي مخاطر الفوضى السياسية، والاحتقان”.

لكن متابعين للشأن التونسي يرون أن المقال يكشف حجم خسارة الغنوشي وحركته من غياب قائد السبسي الذي يغطي على الأخطاء ويمتص الصدمات، والذي فضل استقرار تونس بالرغم من معرفته الدقيقة بأجندات النهضة ومن بينها استثمار التوافق للابتعاد عن الأضواء وتنفيذ خطة التسلل إلى الدولة.

ولا يوجد اليوم قائد السبسي الذي دافع عن حركة النهضة وطمأن أكثر من عاصمة غربية بأن إسلاميي تونس يمكن أن يتم ترويضهم على الإيمان بالدولة المدنية والديمقراطية، وهي ضمانة استثمرها هؤلاء ليس في إظهار حماسهم لإبراز مدى قدرتهم على الاندماج وطمأنة الفئات الواسعة التي كانت متخوفة على النموذج المجتمعي المنفتح والمعتدل، وإنما في المناورة للإمساك بأوراق الحكم من بوابة البرلمان والحكومة.

ويشير المتابعون إلى أن الباجي قائد السبسي قدم خدمة جليلة للنهضة حين ساعدها على الاندماج الهادئ في العملية السياسية، إلا أن الغنوشي ورفاقه لم يقابلوا ذلك إلا بالجحود من خلال توسيع شقة الخلاف بينه وبين رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد والانحياز إلى الأخير في تحدي الرئيس الراحل.

Thumbnail

وقاد قائد السبسي البلاد منذ ديسمبر 2014، بعد أن فاز في الانتخابات الرئاسية بأغلبية 55.68 في المئة من الأصوات، وقبل بتوافق حكومي بين حزب نداء تونس الذي أسسه في 2013 وحاز به المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية وبين حركة النهضة صاحبة المرتبة الثانية.

ومع وجود الرئيس قيس سعيد المتخصص بالقانون  والحريص على لعب دور مباشر في مختلف الملفات، بات على الغنوشي الآن أن يدافع عن نفسه مرات ومرات، وأن يتواضع ويتخلى عن فكرة أنه بعد رحيل قائد السبسي لم يبق سواه كشخصية وازنة في البلاد، ومن ثمة عمل على التصرف وكأنه بلا رقيب ولا منافس.

ونجح الرئيس سعيد في وضع الغنوشي وحركته في الزاوية خاصة بعد رواج تسريب صدر عن رئيس حركة النهضة من اجتماع لمجلس الشورى فيه استهانة بمعارف رئيس الجمهورية وسخرية من أدائه في الملف الليبي.

وباتت خطابات الرئيس سعيد وتصريحاته تضم إشارات واضحة يفهم منها أن المقصود هو الغنوشي وحركته، وآخرها الإشارة إلى اختفاء ملف قضائي على صلة بالوزير النهضاوي المثير للجدل أنور معروف، قبل أن يتم الالتفاف على الأمر وإعادة الملف إلى مكانه ومحاولة إظهار قيس سعيد في موقف حرج.

1