الغموض يكتنف الموقف الأميركي بشأن الانسحاب من العراق

الإدارة الأميركية بدأت في تحضير العقوبات التي قد تفرضها على العراق إذا شرعت بطرد القوات الأميركية.
الثلاثاء 2020/01/07
بقاء أم انسحاب

واشنطن ـ ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، الثلاثاء، أنّ كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية بدأوا بصياغة عقوبات ضدّ العراق، بعدما هدّد الرئيس دونالد ترامب بفرض عقوبات اقتصادية على بغداد إذا شرعت بطرد القوات الأميركية، وفق ما أكد ثلاثة مسؤولين اطلعوا على الخطط.

ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن ثلاثة مصادر مطلعة أن وزارة الخزانة والبيت الأبيض ربما سيكون لهما دور بارز إذا ما تم تطبيق العقوبات، واصفة هذه الخطوة بأنها "غير عادية تماما مع حليف أجنبي أمضت الولايات المتحدة في دعمها ما يقرب من عقدين وأنفقت مئات المليارات من الدولارات".

وأكد المسؤولون، الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، أن المحادثات لا تزال أولية، وأنه لم يتم اتخاذ قرار نهائي بشأن فرض العقوبات.

وقال أحد المسؤولين إن الخطة تتضمن الانتظار "لفترة قصيرة على الأقل" بشأن فرض العقوبات لمعرفة ما إذا كان المسؤولون العراقيون سيمضون لطرد القوات الأميركية.

وأشارت الصحيفة إلى أن العقوبات ستكون من نوع العقوبات الاقتصادية التي يمكن أن يستخدمها البيت الأبيض لمحاولة عزل ومعاقبة أي شخص أو كيان أو حكومة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يفرض البيت الأبيض عقوبات تمنع الشركات الأميركية من العمل مع الشركات العراقية.

وتجدر الإشارة إلى أن منع أي شخص أو كيان من التعاطي مع الاقتصاد والقطاع المالي في الولايات المتحدة يمكن أن يمثل عقوبة شديدة للغاية.

وهدد ترامب بفرض عقوبات على العراق بعدما صوت البرلمان العراقي لصالح قرار يطالب الحكومة بإنهاء تواجد أي قوات أجنبية على الأراضي العراقية.

وقد سببت الولايات المتحدة في رسالة نقلت خطأ إلى العراقيين بشأن الاستعداد للانسحاب من العراق حالة إرباك تضاف إلى التوتر السائد منذ اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني في ضربة أميركية في العراق.

وتعلن رسالة كتبت باسم الجنرال وليام اتش سيلي قائد القوات الأميركية في العراق واطلعت وكالة فرانس برس على نسخة منها، للمسؤولين العراقيين بأن واشنطن تقوم بعملية "إعادة تموضع" لقواتها في البلاد بهدف "الانسحاب من العراق بصورة آمنة وفعّالة".

مارك إسبر: الرسالة لا تتوافق مع موقفنا الحالي
مارك إسبر: الرسالة لا تتوافق مع موقفنا الحالي

ويقول سيلي في الرسالة "نحترم قراركم السيادي الذي يأمر برحيلنا"، في إشارة إلى الدعوة التي وجهها البرلمان العراقي في تصويت الأحد إلى الحكومة لطرد القوات الأجنبية من العراق بعد اغتيال سليماني.

ويضيف أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق سيقوم بعملية "إعادة تموضع لقواته"، موضحا أنه "للقيام بهذه المهمة ينبغي أن تتخذ قوات التحالف بعض الإجراءات للتأكد من أن حركة الخروج من العراق تجري بشكل آمن وفعال".

ويتابع أن مروحيات ستحلق فوق وحول المنطقة الخضراء في بغداد حيث تقع السفارة الأميركية، في إطار هذه الاستعدادات.

وصرح رئيس أركان الجيوش الأميركية الجنرال مارك ميلي "كان خطأ، حدث عن غير قصد، مسودة رسالة غير موقعة، لأننا نحرك قواتنا في المكان".

من جهته، صرح وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر أن الولايات المتحدة تقوم بعملية "إعادة تموضع" في العراق ولكنها لا تنسحب من هذا البلد. وأضاف "لم يتخذ أي قرار بمغادرة العراق. نقطة على السطر".

وتابع أنّ "الرسالة لا تتوافق مع موقفنا الحالي".

وتنتشر في العراق قوة أميركية يبلغ عددها 5200 جندي تعمل على محاربة تنظيم داعش ضمن تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة منذ نهاية العام 2014، وذلك بناء على طلب من الحكومة العراقية.

وأضيف إلى هذه القوة الأميركية الأسبوع الماضي بضع مئات من الجنود لحماية السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء وسط بغداد، التي تعرضت قبل أسبوع لهجوم من فصائل موالية لإيران.

وأتى نشر مسودة الرسالة غداة تصويت البرلمان العراقي على تفويض الحكومة إنهاء تواجد القوات الأجنبية في العراق في أعقاب اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس في غارة جوية أميركية في بغداد الجمعة.

لكنّ التفويض الذي أقرّه البرلمان برفع الأيدي بإجماع النواب الحاضرين وعددهم 168 نائباً فقط من أصل 329 ليس قراراً ملزماً ولم تتّخذ الحكومة العراقية حتى الآن أيّ إجراء تنفيذي بناء عليه.

والإثنين شكّك وزير الدفاع الأميركي في شرعية التصويت الذي حصل في البرلمان العراقي.

وقال إسبر إنّ جلسة التصويت "لم يشارك فيها أيّ نائب كردي، ولم يشارك فيها السواد الأعظم من النواب السنّة، والكثير من النوّاب الشيعة شاركوا تحت التهديد".

وأضاف الوزير الأميركي "العراقيون لا يريدوننا أن نغادر. هم يعلمون أنّ الولايات المتحدة موجودة لمساعدتهم على أن يصبحوا دولة سيّدة ومستقلّة ومزدهرة. هذه ليست نوايا إيران. إيران تريد السيطرة على العراق وجعله دولة تابعة".

ونأى اسبر بنفسه عن تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بقصف مواقع ثقافية في إيران في حال شنت طهران هجوما ضد الولايات المتحدة. وقال ردا على سؤال "سنحترم القوانين المتعلقة بالنزاعات المسلحة" التي تحظر ضرب مواقع ثقافية.

وعندما سألته صحافية عمّا إذا كان جوابه "يعني كلا، لأنّ استهداف موقع ثقافي يُعدّ جريمة حرب؟". أجابها إسبر "هذا هو قانون النزاعات المسلّحة".

واشنطن: الرسالة المتعلّقة بقرار الانسحاب من العراق "مسودة" أرسلت "عن طريق الخطأ"
واشنطن: الرسالة المتعلّقة بقرار الانسحاب من العراق "مسودة" أرسلت "عن طريق الخطأ"