الغلاء يقصي الطبقة المتوسطة من سوق العقارات في دبي

ارتفاع الفائدة وعدم توفر منازل ميسورة التكلفة يقلصان زخم الشراء.
الثلاثاء 2022/05/31
البناء والتشييد مستمران والكل سينال حصته

يرجّح خبراء أن طفرة صفقات القطاع العقاري بدبي والمدفوعة بهجمة المستثمرين الأجانب قد تأتي بنتائج عكسية قد تجبر الكثير من المستهلكين على صرف النظر عن الشراء نتيجة غلاء الأسعار وتكاليف الاقتراض، والتي يتوقع أن تمتد حتى العام 2024.

دبي - يصطدم انتعاش سوق العقارات في دبي، والذي كانت هجمة تدفقات رؤوس الأموال إلى الإمارة الخليجية منذ مطلع 2022 سببا في ابتعاده عن الخمول لعدة سنوات، بالكثير من المطبات التي قد تعيق استقراره مع إقصاء الطبقة متوسطة الدخل.

ويتوقع محللون في استطلاع أجرته رويترز ارتفاع تكاليف شراء المساكن باطراد خلال العامين المقبلين بالإمارة الخليجية الثرية. وقالوا إن ارتفاع أسعار الفائدة وعدم توافر منازل ميسورة التكلفة يمكن أن يحدا من الإقبال على شراء العقارات.

فيصل دوراني: تراجع الوباء ومعرض إكسبو عززا معنويات القطاع

ومع التعافي الاقتصادي المدفوع بارتفاع أسعار الطاقة وانتعاش التجارة والسياحة تجاوز سوق العقارات في دبي سلسلة طويلة من الانخفاضات العام الماضي ويواصل الانتعاش منذ ذلك الحين.

وغالبا ما ينظر إلى الإمارة على أنها وجهة فاخرة ومركز للمسكن الإضافي، لكن النتائج تظهر تحوّلا نحو شراء المساكن الأساسية في المناطق الراقية.

ورغم أن شركة نايت فرانك المتخصصة في الاستشارات العقارية رجحت قبل أشهر أن تتخلف دبي عن ركب تعافي أسعار العقارات نظرا لتخمة المعروض فيها، لكنها باتت تجذب رؤوس الأموال الخارجية بعد أن كانت تركز على المستثمرين المحليين.

ويعزو الخبراء ذلك بفضل وجود البنية التحتية المتطورة إلى جانب نمط الحياة المميز، الذي يتضمن أفضل الفنادق والمطاعم في العالم ووسائل الراحة الاستثنائية التي تقدمها، والتي جعلت منها الوجهة الأفضل للعمل والحياة والاستثمار.

ورصدت مؤشرات شركة سي.بي.آر.إي غروب للاستشارات العقارية الشهر الماضي أن سوق العقارات في دبي استطاع أن يكتسب زخما بعد تخفيف قيود الإغلاق وعززت من نشاطه ارتدادات شرق أوروبا والتي جعلت الروس يتدافعون لشراء المساكن فيها.

ومع أن الأرقام بالكاد كانت تُظهر الانتعاش، لكن سي.بي.آر.إي تقول إن سوق الإسكان في الإمارة شهد أفضل بداية له على الإطلاق لهذا العام مدفوعة بارتفاع الطلب المحلي وتدفقات أكبر من المشترين الأجانب.

وأظهر أحدث استطلاع أجرته رويترز مؤخرا وشمل 13 محللا في سوق العقارات ارتفاعا بنسبة 7.5 في المئة في المتوسط في أسعار المنازل في دبي خلال العام الجاري دون تغيير عن الاستطلاع السابق الذي أجري قبل شهرين.

عقارات تستهوي الكثيرين لكن أسعارها في تزايد
عقارات تستهوي الكثيرين لكن أسعارها في تزايد 

وقال فيصل دوراني رئيس أبحاث الشرق الأوسط في نايت فرانك إن “معنويات السوق التي عززها تراجع الوباء “إلى جانب نجاح استضافة معرض إكسبو العالمي وإعادة فتح ممرات السفر لا تزال تدعم انتعاش السوق”.

ولكن كان من المتوقع أن يتباطأ ارتفاع الأسعار إلى قرابة 4.5 في المئة في العام المقبل وثلاثة في المئة في العام 2024، مما يحقق الاستقرار في السوق. ويتناقض ذلك مع العديد من أسواق العقارات الأخرى التي شهدت ارتفاعات مذهلة.

حيدر طعيمة: سنلحظ تباطؤ النمو هذا العام إلى معدل أكثر استقرارا

وأظهرت بيانات من دائرة الأراضي والأملاك في دبي أن قطاع العقارات في الإمارة حقق أفضل أداء ربع سنوي له منذ أكثر من عشر سنوات إذ بلغت معاملات مبيعات الربع الأول أعلى مستوياتها منذ عام 2010.

وقال حيدر طعيمة رئيس قسم الأبحاث العقارية لدى شركة فاليو ستارت، إن “ما شهدناه العام الماضي كان يتعلق بدرجة أكبر بالانتعاش من الجائحة، هذا العام يتباطأ النمو إلى معدل أكثر استقرارا”.

وأكد غالبية من شملهم الاستطلاع أن الطلب من المستثمرين الأجانب سيحرّك سوق الإسكان في دبي هذا العام والعام المقبل، فيما أشار قلة من المحللين إلى أن الطلب المحلي يكون محفزا لنمو السوق.

وستشكل هذه الزيادات المتوقعة في الأسعار، على الرغم من تواضعها، تحديات للمشترين لأول مرة مع توقع ارتفاع أسعار الفائدة مما يلحق الضرر بالقدرة على تحمّل تكاليف الاقتراض من البنوك المحلية.

وكان مصرف الإمارات المركزي قد اقتفى خطوة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) مطلع مايو الجاري وقام برفع سعر الفائدة بنصف نقطة مئوية ليصبح عند 0.75 في المئة، وهي المرة الثانية هذا العام بعد زيادة بربع نقطة مئوية في مارس الماضي.

وتواجه السوق في دبي، حيث ما زالت الأسعار أقل من ذروتها السابقة التي بلغتها في منتصف عام 2014، العديد من المخاطر التي قد تخفض الأسعار مثل زيادة أسعار الفائدة وعدم توفر منازل ميسورة التكلفة والضغوط التضخمية خلال هذا العام والعام المقبل.

سوق عقارية واعدة تطمئن زبائنها
سوق عقارية واعدة تطمئن زبائنها 

ويرى معظم المحللين أن القدرة على تحمل تكاليف شراء منزل للمشترين لأول مرة ستزداد سوءا في العامين المقبلين.

وأشارت إلى أن الإيجارات زادت وستستمر في الصعود، كما أن الطلب سيزيد دون توافر منازل بأسعار ميسورة وسيؤدي ذلك إلى رفع تكلفة المعيشة بشكل عام.

وقالت لينيت ساتشيتو مديرة البيانات والتحول الرقمي لدى شركة أولسوب اند أولسوب إن “الذين يتطلعون للشراء ستدفعهم الأسعار خارج السوق وسيضطرون للاستمرار في استئجار المنازل”.

لينيت ساتشيتو: الذين يتطلعون للشراء ستدفعهم الأسعار خارج السوق

وأظهرت تقديرات شركة سي.بي.آر.إي أن متوسط أسعار المساكن في الإمارة ارتفع بواقع 11.3 في المئة بين مارس 2021 ومارس الماضي.

وأثناء تلك الفترة ارتفعت أسعار الشقق بنسبة 10 في المئة في المتوسط، بينما ارتفعت أسعار الفيلات بواقع 20.2 في المئة، وهي نتيجة ثانوية للأزمة الصحية، حيث دفعت ديناميكيات العمل من المنزل العديد من سكان الشقق إلى البحث عن مساحة أكبر.

ورغم الارتفاعات الأخيرة، فإن أسعار العقارات لا تزال أقل بكثير من ذروتها قبل ثماني سنوات، إلا أن التوقعات تعطي لمحة على أنها قد تتجاوز ما تم تسجيله في العام 2014.

وإلى جانب ذلك ارتفعت الإيجارات بحوالي 13.1 في المئة في المتوسط في جميع أنحاء المدينة، حيث شهدت الأحياء الأكثر ثراء مثل نخلة جميرا وتلال الإمارات والمرابع العربية أكبر زيادة شهرية في الأسعار بنهاية الربع الأول من هذا العام.

11