الغضب من الإصلاحات القضائية يتصاعد في صفوف الجيش الإسرائيلي

القدس - أعلن 37 طيارا احتياطيا في إسرائيل يشكلون غالبية أحد الأسراب المقاتلة المهمة، أنهم لن يشاركوا في تدريبات مقررة الأربعاء، رفضا لخطة حكومية تقول المعارضة إنها تهدف إلى إضعاف القضاء.
وجاء الإعلان في بيان مشترك وقّعه الطيارون، وهم من “سرب المطرقة” المخصص لمهاجمة أهداف بعيدة والمكون من 40 طيارا. ويتكون هذا السرب من مقاتلات إف – 15 ومقره في قاعدة حتسريم الجوية في بئر السبع (جنوب).
وعام 2007 شارك السرب في الهجوم على المفاعل النووي في سوريا، كما يشارك طياروه في قصف ما تقول إسرائيل إنها أهداف إيرانية في سوريا.
خبراء قانونيون يحذرون من أنه يمكن استدعاء الجنود الإسرائيليين أمام المحكمة الجنائية الدولية نتيجة لهذه الإصلاحات
ومهاجما بيان الطيارين، حذر حاييم رامون الذي سبق وشغل مناصب وزارية في حكومات مختلفة بينها وزير العدل والداخلية، من تداعيات تزايد دعوات رفض الخدمة العسكرية في إسرائيل.
وقال رامون في تصريحات نقلتها القناة “12” الخاصة الأحد “أولئك الذين يتحدثون عن رفض الخدمة العسكرية، هذا تفكيك كامل للمجتمع الإسرائيلي، هذا كسر لكل الأشياء المشروعة في البلاد”.
وأعرب الجيش الإسرائيلي في الأسابيع الأخيرة عن قلقه من نشوء أزمة خطيرة في منظومة الاحتياط في أعقاب الاحتجاج على خطة إصلاح القضاء.
ووصف مسؤول في الجيش هذا القلق بأنه الأخطر الذي يواجهونه منذ حرب يوم الغفران (6 أكتوبر 1973).
ودعا رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي خلال خطاب ألقاه في فبراير الماضي ضباط الاحتياط إلى عدم إقحام الخدمة العسكرية في الخلاف حول خطة حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشأن القضاء.
وسبق وأن قّع العديد من جنود الاحتياط على عرائض حذروا فيها من أنهم لن يخدموا ضمن قوات الاحتياط إذا جرى تمرير تلك الخطة “التي لن تستمر إسرائيل بموجبها كدولة ديمقراطية”، وفق قولهم.
الجيش الإسرائيلي أعرب في الأسابيع الأخيرة عن قلقه من نشوء أزمة خطيرة في منظومة الاحتياط في أعقاب الاحتجاج على خطة إصلاح القضاء
والثلاثاء هدد جنود احتياط في “وحدة النخبة 8200” التابعة للمخابرات العسكرية الإسرائيلية بمقاطعة الخدمة في حال مضت الحكومة قدما في ما تعتبره خطة لإعادة التوازن بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية.
وتصف المعارضة تلك الخطة التي يناقشها الكنيست (البرلمان) بأنها “انقلاب قضائي” من شأنه الحد من سلطة المحكمة العليا ومنح السلطة التنفيذية السيطرة على لجنة تعيين القضاة.
وللأسبوع التاسع على التوالي تظاهر السبت ما يزيد عن 250 ألف إسرائيلي في تل أبيب ومدن أخرى رفضا لتلك الخطة.
وفي التاسع والعشرين ديسمبر الماضي منح الكنيست الثقة لحكومة جديدة برئاسة نتنياهو يعتبرها منتقدون “الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل”، لاسيما على صعيد السياسات المتطرفة تجاه الشعب الفلسطيني.
وتواصل الحكومة خططها لتطبيق الإصلاحات في وجه معارضة قوية من قطاعات كبيرة بالمجتمع الإسرائيلي. وقالت تقارير إعلامية إنه يمكن تطبيق المرحلة الأولى من الإصلاحات خلال أبريل المقبل.
وتتيح الإصلاحات لأغلبية برلمانية بسيطة إلغاء قرارات المحكمة العليا بشأن التشريع. كما سيحظى الساسة بنفوذ أكبر في تعيين القضاة. ويُنظر إلى الإصلاحات على أنها تعود بالفائدة على نتنياهو في ظل اتهامات الفساد التي يواجهها.
الحكومة تواصل خططها لتطبيق الإصلاحات في وجه معارضة قوية من قطاعات كبيرة بالمجتمع الإسرائيلي
وحذر خبراء قانونيون من أنه يمكن استدعاء الجنود الإسرائيليين أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي نتيجة لهذه الإصلاحات. وتتدخل المحكمة فقط عندما تعتبر أنظمة العدالة الوطنية غير فعالة.
ويقول نتنياهو الذي يٌحاكم بتهم فساد ينفيها، إن التغييرات ستعيد التوازن بين فروع السلطة وستعزز الأعمال. وقال اقتصاديون وخبراء قانونيون إنها ستعزل إسرائيل وتلحق الخراب باقتصادها.
وأظهرت استطلاعات للرأي أن الخطة لا تحظى بشعبية لدى معظم الإسرائيليين الذين يفضلون التوصل إلى حل وسط.
ويحاول الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ الدفع باتجاه التوصل إلى حل وسط وحذر من أن البلد أصبح على شفا “انهيار دستوري واجتماعي”.
والتحدي الأهم الماثل أمام نتنياهو الآن هو الحفاظ على توازن وقوة الحكومة في الممارسة، والسماح للشركاء بالوفاء بالوعود الانتخابية التي تظهر في اتفاقيات الائتلاف. ومن جهة أخرى الحفاظ على الدولة وعدم السماح بأن تصبح الحكومة ساحة للمعارك الأيديولوجية وتجنب الإجراءات الشعبوية، كل ذلك من أجل الهدف السياسي الأعلى وهو ضمان استمرار الحكومة لأطول فترة ممكنة.
ويجد نتنياهو صعوبة في إدارة التوازن بين خطط حلفائه من اليمين القومي والديني المتطرف وبين معارضة شرسة تعهدت بالدفاع عن الديمقراطية “إلى آخر رمق”.