الغرب يفعّل سياسة الردع في مواجهة تعنت روسيا

واشنطن تسمح لدول البلطيق بإرسال أسلحة أميركية الصنع إلى أوكرانيا.
الجمعة 2022/01/21
شبح الحرب يخيم على أوكرانيا

رفع الغرب من سقف تعامله مع التهديد الروسي المتواصل لأوكرانيا بالذهاب في خيار الدعم العسكري المباشر لكييف في ظل تعنت موسكو وتمسكها بمطالب لا يمكن الاستجابة لها، إلا أن ذلك لا يعني استبعاد الحل الدبلوماسي.

واشنطن – يعكس سماح الولايات المتحدة لدول البلطيق بإرسال أسلحة أميركية الصنع إلى أوكرانيا تفعيل الغرب لسياسة الردع ضد روسيا التي تبدي تعنتا في التوصل لحلول تهدئ التوتر مع أوكرانيا.

وصعّد القادة الغربيون المجتمعون في برلين الخميس لهجتهم في مواجهة روسيا، محذرين إياها من توغل أو غزو لأوكرانيا، بعد إعلان موسكو عن تدريبات بحرية في كل الاتجاهات عشية محادثات ستجريها مع واشنطن.

والتقى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في برلين نظراءه الألمانية والفرنسي والبريطاني، وتوعد بعد ذلك بالرد على “أي” تجاوز للقوات الروسية للحدود الأوكرانية.

وقال بلينكن لصحافيين “كنا واضحين جدا طوال الوقت، إذا تحركت أي قوات عسكرية روسية عبر الحدود الأوكرانية وارتكبت أعمالا عدوانية جديدة ضد أوكرانيا، فستُقابل برد سريع وشديد من الولايات المتحدة وحلفائنا وشركائنا”.

أنتوني بلينكن: نؤكد أن روسيا لا تملك قوة الغربيين مجتمعين

وأضاف إن الغربيين “يعملون معا وبصوت واحد عندما يتعلق الأمر بروسيا. هذه الوحدة تعطي قوة، قوة لا تملكها روسيا ولا يمكنها بلوغها”. وقال بلينكن أيضا إن روسيا قد تعيد إحياء مخاطر الحرب الباردة في أوروبا.

وأكدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أن أي عمل عدائي روسي جديد ستكون له “تداعيات خطيرة”.

وفي كييف قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تعليقا على غزو روسي محتمل، إنه لا وجود لما يسمى “توغلات محدودة”، معتبرا أن ضمان “الأمن الشامل في أوروبا مستحيل دون استعادة سيادة وسلامة أراضي أوكرانيا”.

وفي لندن اعتبر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أن أي توغل روسي في أوكرانيا سيكون “كارثة على العالم”.

ونشرت روسيا الآلاف من الجنود عند الحدود مع أوكرانيا، ما أثار مخاوف من احتمال غزوها لجارتها. وينفي الكرملين أن تكون لديه نية بالهجوم على أوكرانيا، لكنه يعتبر أن خفض حدة التوتر تمر عبر حصوله على ضمانات خطية حول أمن روسيا، ومنها أن حلف شمال الأطلسي لن يضم أوكرانيا إليه.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية الخميس أن أكثر من 140 سفينة حربية وحوالي عشرة آلاف عسكري ستشارك في يناير وفبراير في تدريبات في الأطلسي والمحيط المتجمد الشمالي والمحيط الهادئ أو حتى المتوسط.

وأشارت إلى أن الهدف الرئيسي للمناورات الضخمة المرتقبة هو “حماية المصالح القومية الروسية في المحيطات والتصدي لتهديدات عسكرية تجاه روسيا من البحار والمحيطات”.

وفي أوج التوتر مع الغربيين، أعلنت موسكو أيضا عن مناورات بحرية مشتركة مع الصين وإيران التي يزور رئيسها إبراهيم رئيسي الجمعة روسيا. ولم يحدد موعد هذه المناورات.

وتأتي هذه الإعلانات بعدما اعتبر الكرملين تصريحات الرئيس الأميركي بايدن التي هدد فيها الأربعاء برد “شديد” في حال شن هجوم عسكري روسي على أوكرانيا، بأنها “مزعزعة للاستقرار”.

وحذّر بايدن الذي تولى السلطة قبل عام، من أن الوضع “قد يخرج عن السيطرة” في حال وقوع هجوم روسي.

وتسبّب تصريح بايدن في البداية في حدوث ارتباك من خلال تطرقه إلى احتمال حصول “توغل محدود” روسي في أوكرانيا. إذ سرعان ما انتقدت المعارضة تصريحاته ما أرغم البيت الأبيض على توضيح تحذيره لروسيا.

وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض جين ساكي “إذا تجاوزت أي قوات روسية الحدود الأوكرانية، أي غزتها مجددا، سيقابل ذلك برد سريع وصارم وموحد من جانب الولايات المتحدة وحلفائها”.

ومن المقرّر أن يلتقي بلينكن في جنيف الجمعة نظيره الروسي سيرجي لافروف. وكان بلينكن حضّ الأربعاء خلال زيارة دعم إلى كييف، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على اختيار “الطريق السلمي”.

وحصلت جولة محادثات أميركية – روسية الأسبوع الماضي في أوروبا فشلت في ردم الهوة الفاصلة في هذه المرحلة بين الغرب وروسيا. وشدد بلينكن الأربعاء على أنه لن يعرض “أي وثيقة” خلال لقاء الجمعة مع لافروف.

وأوضح “علينا أن نرى إلى أين وصلنا وما إذا كانت لا تزال هناك فرص لاتباع الدبلوماسية والحوار الذي كما قلت سابقا هو المسار المفضل إلى حد بعيد”.

وقال “آمل بشدة بأن نتمكن من إبقاء الوضع على مسار دبلوماسي وسلمي، لكن في النهاية، سيعود القرار في ذلك إلى الرئيس بوتين”.

وإضافة إلى اتفاقية تمنع أي توسيع لحلف شمال الأطلسي لاسيما لجهة ضم أوكرانيا وجورجيا، الجمهورية السوفييتية السابقة، تطالب روسيا بتخلي الأميركيين وحلفائهم عن تنظيم مناورات ونشر قوات عسكرية في أوروبا الشرقية.

أنالينا بيربوك: أي عمل عدائي روسي جديد ستكون له تداعيات خطيرة

وأكدت موسكو أن مطالبها هذه غير قابلة للتفاوض، في حين اعتبرتها الولايات المتحدة غير مقبولة في غالبيتها.

وفي ظل هذه الأجواء، أعلنت واشنطن الأربعاء “تخصيص 200 مليون دولار من المساعدات الأمنية الدفاعية الإضافية” لأوكرانيا تستكمل بها مساعدات سابقة قدرها 450 مليونا.

وتضاف هذه المساعدات العسكرية إلى تلك التي أعلنتها لندن في وقت سابق خلال الأسبوع الحالي. وأكد وزير الدفاع البريطاني بن والاس أن بريطانيا سترسل أسلحة دفاعية إلى أوكرانيا ضمن برنامج يهدف إلى مساعدتها على ضمان أمن حدودها.

ورفضت ألمانيا من جهتها فكرة إرسال أسلحة إلى أوكرانيا، معتبرة أن ذلك سيؤجج التوتر. لكن وزيرة الخارجية الألمانية أبدت موقفا صارما جدا خلال زيارتها لكييف مطلع الأسبوع الحالي، مؤكدة أن بلادها “ستبذل كل ما يلزم لضمان أمن أوكرانيا”.

وبدّد المستشار الألماني أولاف شولتس الأربعاء أي غموض حول مستقبل خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2. وأكد أن بلاده الداعم الرئيسي للمشروع، تعهدت لدى الأميركيين بالحؤول دون وضعه في الخدمة في حال هاجمت روسيا أوكرانيا. ونورد ستريم 2 مشروع لنقل الغاز مباشرة من روسيا إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق.

وضمّت روسيا، ردا على ثورة مؤيدة للغرب في أوكرانيا في 2014، شبه جزيرة القرم الأوكرانية، وينظر إليها بشكل واسع على أنها تدعم عسكريا الانفصاليين المؤيدين للروس في شرق أوكرانيا الذي يشهد حربا منذ ثماني سنوات تقريبا.

وأعلن مسؤول أميركي الخميس أن الولايات المتحدة وافقت على طلبات دول البلطيق بإرسال أسلحة أميركية الصنع إلى أوكرانيا، في ظل خشية من حصول غزو روسي.

وقال المسؤول في وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة “تسرّع عمليات النقل المصرح بها للمعدات الأميركية المنشأ من جانب حلفاء آخرين”.

وأكد وزير الدفاع الليتواني أرفيداس أنوسوسكاس أن بلاده بصدد إرسال مساعدات دفاعية وسواها إلى أوكرانيا سعيا لثني روسيا عن شن هجوم.

وقال إن “التاريخ يبين لنا أن التنازل للمعتدي سيؤدي بنهاية الأمر إلى حرب كبيرة. نحن لا نريد ذلك. أي دولة تدافع عن نفسها يجب أن تتاح لها الفرص للقيام بذلك”. وأضاف “قرارنا سيسهم في تطبيق سياسة ردع”.

5